وصل مجلسُ الأمن مُتأخّرًا ستّة أشهر تقريبًا، وفضلاً على البطء لم يكن الوصول دقيقًا ومثاليًّا. القرار الذى جرى تمريره بأغلبيةٍ كاسحة يبدو إيجابيًّا فى جانب، وشديدَ السلبية فى جوانب أخرى.
الدين مسألة شخصية تمامًا. ورغم أن العقائد على اختلافها تستهدف إرخاء مظلّتها على أكبر قاعدة مُمكنة؛ فإنَّ جوهر العلاقة فيها أنها رباطٌ مباشر بين العبد وربّه، والامتحان يبدأ من ضبط الممارسة الذاتية وينتهى عندها.
كانت القبضةُ خانقةً؛ ثمّ انفكَّت بأثر حزمةٍ من الإجراءات والاتفاقات. وبينما تستقبلُ القاهرة وفدًا أوروبيًّا فى إطار ترفيع الشراكة الاستراتيجية، والتفاهم على تيسيراتٍ مالية جديدة.
آلافُ المُصلِّين فى الأقصى؛ رغم تعنُّت الاحتلال وقيوده، والغزِّيون الذين يَصِلون النهارَ بالليل، بين جوعِ الصيام لله، وتجويع العدو بطشًا وتنكيلاً، يُقيمون صلواتهم على أنقاض المساجد المُهدَّمة. جُوعان مشبوكان ببعضهما: الأوَّلُ على نيّة التعبُّد، والآخر من قصديَّة الاستعباد.
ورقةٌ ثانية من المُخرجات باتت فى مُتناول الأيدى. كان الحوار الوطنى قد أنجز مرحلتَه الأُولى ورفعَ خُلاصتَها للرئيس؛ لإعمالها على الوجهين اللذين حدَّدهما: إنفاذ ما يقع فى ولايته تنفيذيًّا.
انطلق موسمُ الدراما الأكبر والأهمّ. ربما منذ الثمانينيات صار رمضان نافذةً نوعية؛ لكنّه اتّخذ فى العقدين الأخيرين هيئةً شديدة الكثافة والزخم، والنسخةُ الحالية قد تتفوَّق على كل الأعوام السابقة.
عاد رمضانُ على موعده، حاملاً بركاتِه وباقةَ طقوسه المعهودة، والناسُ كعادتهم بين مُحتفلٍ ومُتعبِّدٍ ومُتسابقٍ فى الخيرات، صار من لوازمِ الموسم أن يُعادَ إحياءُ الاجتماعيات التى تأكلها مشاغلُ الأيام العادية،
بزغت الذكرى من وجيعةٍ شخصية، يومَها أُصيب ثانى أرفع قيادة عسكرية على الجبهة، ولفظ أنفاسَه الأخيرةَ مُقدَّمًا بُرهانًا مختومًا بالدم على قيمة أن يتوحَّد القائد مع جنوده.
خطوةٌ إصلاحية واسعة قطعها البنك المركزى، بقراره فى اجتماع استثنائى، صباح أمس الأربعاء، تحريك سعر الفائدة صعودًا بواقع 600 نقطة أساس.
ماراثون لا يهدأ من أجل إنجاز هُدنة مُعجّلة فى غزّة. الأوضاع تفاقمت إلى حدٍّ لم يعد مُحتمَلاً، ورمضان على الأبواب، والصلابة التى كانت تُبديها الفصائل خفَّت قليلاً بغرض إنهاء المحنة الإنسانية.
طار عضو كابينت الحرب بينى جانتس إلى واشنطن، بالتزامن مع إعلانها عن إسقاط مُساعدات إنسانية من الجو على غزَّة. والمُشترك بين الصورتين أن نتنياهو صار عُقدةً للبيت الأبيض
صار المشهدُ من مفردات الزمن الجديد؛ ولعلَّه تصويبٌ لكثير من الأزمان القديمة بأثرٍ رجعى، عندما كان قطاعٌ عريض من الناس خارج دائرة الاهتمام تقريبًا، وبعيدًا حتى عن الإضاءة المعنوية التى نحتاجها بقدر ما يحتاجونها، وربما أكثر،
لا سبيلَ لإطفاء الحريق والبيت مُنقسم على نفسه. وعُقدة الحرب الأولى أنَّ أحد طرفيها تخطَّى سقفَ الجنون، والآخر كان تائهًا بين أملٍ عريض وأُفق ضيّق.
افتتحت الحرب سنتها الثالثة؛ لا أنجزت موسكو باقة أهدافها المُعلنة والخفيّة، ولا أحبطت كييف طوفان الشرق واكتفت بما كانت خسرته من أراضٍ فى السابق. وعملاً بقاعدة أن المُقدِّمات تُؤسِّس للنتائج؛ فالأرجح أن يأكل الصراع عامًا جديدًا ولا تتغيَّر التوازنات.
الحكايةُ خبز الخيال، وطقسٌ يُلازم البشر من ولادتهم إلى أن يصيروا جنودًا فى معركة الحياة، تُعينهم الدراما على الحرب اليومية، وتُجفِّف عرقهم بعدما يُغادرونها منتصرين أو جرحى.
مجرّد التلميح للمشروع أربكَ السوقَ الموازية قبل أسابيع، فتراجع سعرُ الدولار بهامشٍ ملموس، وتقلَّص نشاط المُضاربين انتظارا للاتفاق النهائى. وبالتبعية فإنَّ الإعلان قبل يومين عن الشراكة المصرية الإماراتية فى «رأس الحكمة».
طلبت الجزائر أن يُطرَح مشروعها للتصويت فى مجلس الأمن الثلاثاء؛ فلوَّحت الولايات المتحدة ببطاقتها الحمراء. وما طلبه القرار وقف النار فى غزّة لاعتبارات إنسانية.
عودةٌ جديدة إلى لاهاى؛ أو بالأحرى قديمة. افتتحت محكمةُ العدل الدولية أسبوعًا من المُرافعات بشأن القضية الفلسطينية، فى إطار المسار الأُمَمى الذى طلب فتواها عن الآثار القانونية لمُمارسات الاحتلال منذ العام 1967.
إن كانت ثمَّة ظاهرةٌ اجتماعية تُترجِم كرويّة الأرض؛ فإنها السياسة. كان المُخضرم البريطانى ونستون تشرشل قد قال «لا أصدقاء ولا أعداء دائمون؛ بل مصالح دائمة»، وبهبوط طائرة الرئاسة التركية فى القاهرة تكتملُ دورةُ الأيام.
إنه التفاوض تحت النار. لا شىء يُبرِّر الجنونَ الإسرائيلى سوى الرغبة فى تضييق خيارات حماس، وانتزاع مكاسب سياسية عجزت آلة القتل عن تحقيقها. ويعلم نتنياهو قبل الجميع أنه لا سبيلَ لإكمال المُغامرة حتى آخرها، وما تبقَّت إلَّا مُهلة ضئيلة قبل أن يجد نفسه تحت رحمة التوقف الاضطرارى.