فاطمة خير

مهن ضد القانون تعرفها الشاشة ..

الخميس، 12 يونيو 2008 12:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحكم بعد المشاهدة..
لو أن الأشياء تحدث فى الدنيا كما سهولة انسيابها فى الذاكرة .. لكان الواقع الذى نقلته الحلقة الوثائقية "مهن ضد القانون " قطعة فنية، لا غصة ألم تعتصر القلب.

البؤساء الذين نقلت الحلقة صورة عن حياتهم، هم مصريون جملةً وتفصيلاً : ملامحهم وألمهم، وحتى قدرتهم على الابتسام رغم كل شىء. المدهش هو "حالة" البهجة التى تنقلك إليها الحلقة، رغم كونها تشرح وضع فئة شديدة التهميش، تسعى لكسب رزقها بالحلال، برغم ذلك هى فئة مجرمة فى نظر القانون، حيث لا تصاريح عمل لها تحصل بموجبها على الاعتراف القانونى بحقها فى ممارسة عملها.

الحلقة أذاعتها "العربية " فى إحدى سهراتها، كحالة توثيقية تليفزيونية، لكنها كانت أحلى من سهرات كثيرة أذيعت فى الوقت نفسه على قنوات أخرى، فالحلقة أو الفيلم الوثائقى، استخدمت خلفية موسيقية ثابتة طوال الوقت، هى أغنيات تراثية من أعمال " فرقة الورشة المسرحية"، ما أعطى الحلقة طابعاً مصرياً أصيلاً، ومنحها شجناً غارقاً فى الفن.

النماذج التى قدمها الفيلم، امتلكت قدرة على مواجهة الكاميرا، وهى خاصية يصعب توافرها فى شخصيات مثل هذه، فهم بسطاء للغاية، بالتأكيد لم يواجهوا كاميرا تليفزيونية من قبل، وذلك إن عكس شيئاً، فهو انتقاء هذه "الحالات" بعناية شديدة، وتدريبها على مواجهة الكاميرا، وخلق حالة من الألفة مع فريق العمل الذى يقوم بالتصوير، وهى المهمة غير السهلة على الإطلاق. ويعكس ذلك أيضاً سخاءً فى الإنتاج يتيح لفريق العمل أخذ الوقت الذى يحتاجه للخروج بالعمل إلى النور، فالمهم هو إنجاز العمل كما يجب، وليس الانتهاء منه فى وقت محدد وحسب.

استخدام أغنيات تراثية ـ من صعيد مصر ـ أدتها فرقة "الورشة، أيضاً كان موفقاً، خاصةً مع استمراره طوال الحلقة، فهو من ناحية يعرف الجيل الحالى بتراث مصرى لم يسمع عنه، ومن ناحية أخرى، استطاع كسر حالة الواقعية الشديدة لموضوع الحلقة، دون أن يخل بالإطار العام الحزين لحالة هؤلاء المظلومين، خاصةً وأنه لم يتم استخدام الموسيقى وحدها، فالأغنيات حملت كلمات مؤثرة، تعبر عن : الحزن، والشعور بالظلم، والاستسلام للأقدار كى تمر مركب الحياة . مع الأخذ فى الاعتبار إعادة إحياء تراث لا يلقى حقه من التقدير، وهى جرأة من المخرجة "شيرين طلعت " فقد كان يمكن أن يؤدى ذلك إلى نتيجة عكسية.

الأعمال مثل "مهن ضد القانون" تبرهن على أن الواقع مهما كان إيلامه، ليس بالضرورة أن يخرج فى صورة قاتمة، وأن شاشة التليفزيون ليست مرآةً عاكسة وحسب، وإنما تصلح فى حد ذاتها كى تكون ساحةً للإبداع الفنى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة