فاطمة خير

الحكم بعد المشاهدة ..

شاشات على الطريقة الشرعية

الخميس، 03 يوليو 2008 05:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سائق التاكسى يسير بسيارته، دون أن يمسك بـ"الدريكسيون"، يكتفى بأن يسند معصميه، كى لا يعطل نفسه عن الأهم: التسبيح!، فالسائق الذى يجتاز طريق الكورنيش، ثم الطريق الدائرى، إلى جوار سيارات النقل والميكروباصات، يعتقد أن الأكثر أهمية فى هذه اللحظة، هو الانتهاء من حصته اليومية من التسبيح، ليس مهماً أن يحافظ على سلامته، ولا سلامة الراكب معه، ولا يرى إمكانية التسبيح باللسان دون استخدام السبحة، هو رجل مؤمن، وعامل يجتهد لأجل لقمة العيش، يمكنه القيام بكليهما فى الوقت نفسه.
ليس هذا مشهداً سينمائياً، بل من أرض الواقع، وتماماً كهذا السائق، تبدو الشاشات التى تحاول أن تمسك العصا من النصف.

هل هو التباس فى الهوية؟، فإذا أعلنت محطة كونها تتبنى منهجاً دينياً، يصبح من المنطقى أن تتبنى خطاباً دينياً طوال الوقت، أما إذا خرجت المحطة فى ثوب قناة متنوعة، ثم تبنت خطاباً دينياً، هنا يكون الخلل.

لا تتميز شاشة "المحور" ببصمة تتركها لدى المشاهد، ورغم ذلك تحظى بشعبية ليست بالقليلة، بعد بدايتها انتهجت القناة خطاً بدا غريباً على المحطات الخاصة، حيث تبث "الآذان" حسب التوقيت المحلى المصرى، وهو ما تقوم به القنوات المصرية المحلية، السىء أنها تذيعه بصوت مؤذنين لا يشبهون المؤذنين المصريين العظام، بل أقرب إلى النمط الخليجى، مع أن القناة مصرية قلباً وقالباً! ثم سمحت القناة بظهور مراسلات محجبات على شاشتها، وهو ما لم تفعله حتى قناة الجزيرة نفسها، وهؤلاء المراسلات لا يمتلكن ما يميزهن إعلامياً.

الغريب جداً أن قناة الحياة، التى بدأت بثها منذ فترة قصيرة، سارت على الدرب نفسه، القناة التى تمتلك "طلة" مميزة، وتتمتع بإنفاق سخى على شاشتها ينعكس على المظهر الراقى لهذه الشاشة، اختارت هى الأخرى أن تبث الآذان، حسب التوقيت المحلى المصرى، وأن تسمح بظهور مراسلات محجبات ضمن فريق برنامجها اليومى "الحياة اليوم"، لا تتمتع إحداهن بما يتبقى كذكرى لدى المشاهد عقب انتهاء الخبر.

وإذا كانت قناة المحور تتسق ـ نوعاً ـ مع نفسها، بظهور مراسلة محجبة فى "90 دقيقة"، أو ببث الأذان، حيث إن القناة تقترب أكثر من شريحة مشاهدين تتصف بالبساطة، فإن الحياة لا تمتلك المبرر نفسه، وهى التى تخاطب شريحة مختلفة تماماً.

المزعج أن هذا يحدث، فى الوقت الذى تظهر فيه على شاشة "العربية"، مذيعات بلا حجاب، رغم أنهن يقدمن تغطيات من أرض السعودية، وعلى شاشة تمتلكها رؤوس أموال سعودية، حدث هذا مع مذيعة كانت تقدم فقرة من الصحراء عن تطورات فى سوق العقار، وأخرى نقلت فعاليات مؤتمر جدة، ظهرت كلتاهما دون تغطية الرأس، مع الاكتفاء بارتداء عباءة سوداء فوق ملابسهن العادية!

إلى أين تتجه الشاشات العربية؟ وإلى أين نتجه نحن؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة