فاطمة خير

ريموت كونترول ..

إعلانات رمضان .. التسول بمبررات شرعية!

الأحد، 21 سبتمبر 2008 08:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإعلان .. إعلان .. الهدف منه هو الإخبار عن شىء ما.
الإعلانات تخبرنا عن أشياء، أو تحرضنا على أشياء، لكن .. أن تؤلمنا، هذا هو الجديد!
وكأن المصريين لا يزالون فى حاجة إلى فضائح أكثر: تظاهرات بسبب الفقر والحاجة، وانهيارات صخور فوق رؤوس الغلابة ... إلخ، كلها فضائح "على عينك يا تاجر".

وكأن المصريين لا ينقصهم سوى إعلانات التسول، التى ظاهرها الرحمة، وباطنها العذاب، إعلان منها يقول إن 3 ملايين أسرة مصرية تعانى الجوع! وغيره يطالب بكساء المصريين، وآخر يظهر أفقر فقراء المصريين.

الفقر .. حقيقة فى مصر، حقيقة مؤلمة، تتحمل أوزارها حكومة غير رشيدة، ويدفع ثمنها ملايين وملايين المصريين، لكن الفقر ليس نقصان المال وحسب؛ بل نقص الكرامة أيضاً.
ما الذى سنخسره (كماً وكيفاً) حين ننشر فقرنا فى الفضاء الواسع؟ هل ننتظر صدقةً من غير المصريين؟ أم أن المقصود هم المصريون فى الخارج؟ أو هم المصريون الذين لا يشاهدون القنوات الأرضية؟
بالفعل تحقق هذه الإعلانات مستهدفها حين تذاع فضائياً فتصل إلى أكبر عدد ممكن من البشر، وتأتى فى ظروف مناسبة، حيث موسم التخلص من الذنوب بالصدقات، تؤلب هذه الإعلانات مواجع القادرين، وتحرضهم على مساعدة الآخرين، تدفعهم إلى الإحساس بهم .. لشهر واحد فى السنة!
شهر تكون حصيلة صدقاته هى الأعلى بين شهور السنة.

لكن ماذا نخسر فى المقابل؟
ما هى الرؤية التى ستشكلها مخيلة الآخرين عنا؟ : "شعب من الجوعى" .. للأسف.
هى حقيقة يدركها من يتعامل مع غير المصريين، هكذا يروننا، فلا أحد يعلن فقره سوانا، الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، نحن نساعد المحتاجين وقتياً، ونؤلمهم ونحن معهم على المدى الطويل، لأن للكرامة ثمناً، والصدقة لا تحتاج إلى فضيحة.

إعلانات مساعدة المحتاجين، تطورت كثيراً فى الفترة القصيرة الماضية، أصبحت أجمل وأكثر تأثيراً، هى فى حد ذاتها لا تجرح شعور المحتاجين، منها الإعلان عن "بنك الطعام"، وتظهر فيه سيدة مع أبنائها، لا طعام لديهم على المائدة التى يلتفون حولها، لكن ذلك لم ينقص من اعتزازها بذاتها الواضح للغاية على وجهها، ولم تقطر من عينها نظرة ذل أو استرحام: هى سيدة مصرية وفقيرة .. فحسب.

لكن المشكلة تبقى فى الفضاء الذى لا يرحم، يطلق مشاهدوه الأحكام سريعاً، ويكونون رؤاهم الخاصة وفقاً لصورة لا تبقى على الشاشة سوى للحظات، ومصر تستحق انطباعاً أفضل من ذلك عن أبنائها، فالمصريون ليسوا متسولين، وإن كان الفقر بينهم حقيقة لا جدال فيها؛ لكنهم أولى بمعالجتها دون التشهير بأنفسهم أو بفقرائهم.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة