فاطمة خير

أخويا فى السرير الأبيض..

الخميس، 05 فبراير 2009 11:37 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى منتهى الرقة، تقف الفتيات الصغيرات بأصواتهن العذبة ، يغنين برقى شديد “يا أخويا فى السرير الأبيض ...إلخ” ، ويستمر الإعلان الذى ينتمى إلى حملة الدعاية التليفزيونية الضخمة لمستشفى سرطان الأطفال، بنعومة تناسب أنغام التراتيل الكنسية، التى يشبهها لحن هذا الإعلان.

الإعلان يذاع فى المناسبات الدينية للأقباط، بالطبع تذاع إعلانات مستشفى الأطفال طوال العام، لكن منذ العام الماضى بدأ تقليد يتمثل فى إذاعة إعلانات أبطالها رجال دين مسيحيون فى المناسبات المسيحية، ورجال دين مسلمون فى المناسبات الدينية، ثم جاء الإعلان الذى تغنى فيه الفتيات أغنية “ يا أخويا فى السرير الأبيض .. أنا هاجيلك وأغنيلك ... إلخ “ ، الذى أذيع للمرة الثانية هذا الشهر، وليس من الصعب أبداً أن يكتشف المشاهد أن هؤلاء الفتيات هن عضوات فى فريق كورال كنسى .

هذا الأسبوع الإعلان أبطاله هم من رجال الشرطة، طبعاً بمناسبة الاحتفال بأعياد الشرطة، وهكذا يستمر نسق إذاعة الإعلانات طبقاً لمناسبات قائمة، وبشكل عام يبدو الهدف من هذاـ غير الإعلان عن المستشفى لجمع التبرعات ـ هو إشعار الأطفال مرضى السرطان بأن كل فئات المجتمع تهتم بهم، لكن كما هو معروف فإن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، وكم من هذه النوايا يحيد بالأهداف بعيداً عن نوايا أصحابها ، وتنظيم بث هذه الإعلانات وفقاً لنسق يتماشى مع المناسبات الدينية الإسلامية والمسيحية ، لا يشبه إذاعتها وفقاً لمناسبات أخرى، مثل أعياد الشرطة مثلاً ، أو فوز المنتخب القومى ببطولة لكرة القدم، لإن البث انطلاقاً من بعدٍٍٍ دينى، يعطى صبغة طائفية للإعلان، أطفال السرطان ـ والجميع ـ فى أمس الحاجة للابتعاد عنها !

الهدف من إظهار التكاتف الوطنى أمام وحش السرطان ، لا يتأتى بشيخ يزور طفلاً مسيحياً ، ولا قس يزور مريضاً مسلماً ، وكأن على رأس مجتمعنا “بطحة” طائفية يريد أن ينكرها ، والقول بأن المشروع العملاق للمستشفى يمثل صرحاً للوحدة الوطنية ، لا يتحقق أبداً بهذا الأسلوب ؛ على العكس ، ما يبدو هو التذكير الدائم بأن مجتمعنا يضم فئتين اثنتين .. حتى ولو اتفقوا على ما فيه الخير .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة