وجدى الكومى

كيف سرقوا الثورة الرومانية؟

الأربعاء، 02 نوفمبر 2011 10:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على صفحة "مصر والثورة أولاً" بالموقع الاجتماعى الفيس بوك، انتشرت تدوينة مؤخراً عن الثورة الرومانية، تصدرتها صورة للشباب الرومانى، ممتطيا إحدى العربات العسكرية، عقب سقوط "نيكولا شاوشيسكو" وزوجته "إيلينا" اللذين أفسدا وتجبرا فى الفترة من 1965 حتى 1989، العام الذى شهد ثورة الشباب التى أطاحت به، بعد سقوط أكثر من عشرة آلاف من المدنيين، فى حرب شوارع مع قواته الأمنية البوليسية التى دعمت أركان حكمه طوال هذين العقدين، لكن المعركة سرعان ما انتهت، لصالح الشباب، الذين قدموا آلاف الشهداء، وركبوا العربات المسلحة، وهتفوا الجيش والشباب إيد واحدة، وأعدموا تشاوشيسكوا فى محاكمة صورية استمرت لمدة ساعة.

تقول التدوينة: "الثورة الرومانية كانت ثورة "هبلة" لأنها أضحكت العالم، بعدما تم سرقتها بسهولة، حيث تولى الحكم جهة سياسية تسمى جبهة الخلاص، تتكون من الصف الثانى من الحزب الشيوعى الرومانى "الفلول"، وكان رئيس الحزب شخص يسمى "إيون إيليسكو" أحد حلفاء الدكتاتور الذى سقط، وتعلم "إيون " الدرس منذ اللحظة الأولى، وسعى لتحجيم الثورة، وحصارها، وإطلاق العنان للفلول، وبدأ بالجيش، وعقد صفقات مع جنرالاته الرومانيين، ومنه سيطر على الإعلام، وبينما ينتفض الشباب المثقف فى محاولة للدفاع عن الثورة من السرقة، هب "إيون" واتهمهم بالعملاء، والجواسيس، والعمالة للخارج، وتلقى التمويل من الجهات الخارجية، وحصولهم على الأجندات الأجنبية، ثم بدأ محاكماتهم، محاكمات سريعة، واحدا تلو الآخر، والتنكيل بكل من يعارضه، بحجة المرحلة الانتقالية، وأنه وحده القادر على توصيل رومانيا إلى بر الأمان.

الرومانيون الذين "زهقوا" من الثورة، البسطاء من الفلاحين، والمزارعين، والحطابين فى الجبال، وعمال المناجم، ورجال الأعمال، والعازفون على وتر عجلة الإنتاج، وأصحاب الدخول المتواضعة، تحالفوا مع "إيون"، وبدأوا فى مهاجمة الشباب المثقف الواعى، الذى أشعل فتيل الثورة، وأطاح بتشاوشيسكوا، حتى أن عمال المناجم هاجموا بمساعدة رجال الشرطة، الذين سرعان ما استعادوا عافيتهم، الطلبة والمثقفين الرومانيين، وقتلوا منهم من قتلوا، فيما نجحت جبهة الخلاص التى يتزعمها "إيون" فى إسكات المعارضة الديمقراطية، باستخدام الإعلام، ليتم انتخاب "إيون إيليسكو" رئيسا للبلاد، بنسبة 85% بحثا عن الاستقرار، وظل الرجل فى منصبه، عبر انتخابات غير نزيهة حسبما وصفتها الأحزاب الديمقراطية والإعلام الغربى، حتى عام 2000.

وذكرت التدوينة على صفحة مصر والثورة أولا، أن ضحايا تلك المرحلة التى بسط فيها "إيون" سيطرة الفلول على البلاد، ونجح فى إجهاض الثورة الرومانية، مستعيدا النظام القديم فى أسوأ أشكاله، بلغت ثلاثة آلاف وثلثمائة واثنين وخمسين رومانياً، فى الفترة التى اتسمت بالانفلات الأمنى.

يقول كاتب التدوينة فى آخر سطورها: "طبعا الثورة الرومانية مختلفة تماما عن الثورة المصرية لأننا ليس عندنا فلول، والجيش يحمى الثورة، ونحن نأكل أرز بلبن".

وأقول أنا إن الصورة ليست بهذه القتامة، هناك معركة كبيرة فعلا مع الفلول فى مصر، وهناك قوى تحكم ولا ترغب فى التغيير بالشكل الثورى الذى تطالب به الثورة، يساندها فى ذلك إعلام يطيب لها خاطرها، ويحميها قدر المستطاع من النقد، لكن الوقت ليس هو الوقت، ولا الزمان هو نفسه الزمان، هناك تكنولوجيا حديثة ساعدتنا على إتمام فضح المفسدين، وتصوير جرائمهم، وهناك أدوات نمتلكها كشباب من أجل التغيير، أبسطها كتابة مثل هذا المقال، أو الدعوة لموجات جديدة من المد الثورى، فى حالة عدم إتمام المطالب مثلما حدث فى 9 إبريل و9 يوليو، وهناك أيضا الإلحاح المستمر على آذان المصريين بتصوير قوائم الفلول، والمتلونين، وفضحهم فى دوائرهم، وكشف ألاعيبهم، والتضييق المستمر على محاولاتهم لشراء الأصوات، وعقد الندوات الدائمة لمقاومة أكاذيبهم، وفضحها.

أعرف أن العديد من المشاهد المحبطة وقعت فى الفترة الأخيرة، يكفى فقط، حبس الشاب المثقف علاء عبد الفتاح، بتهمة تحريض على الجيش، وهو لم يفعل أكثر من محاولة إقناع أهالى شهداء ماسبيرو باتباع القانون، لاسترداد حقوق أبنائهم، التقيت علاء عبد الفتاح فى كلماته التى حملت زخما أدبيا هائلا، عبر فى سطوره، عن مشاهد ليلة ماسبيرو برعبها، وقلقها، وغضب أهالى الشهداء، وتوجسهم من مغادرة المستشفى القبطى، والحى القبطى، عرفت علاء عبد الفتاح فى بضعة سطور، وعرفته وجها مضيئا من وجوه الثورة، وصعقت عندما عرفت بخبر اعتقاله، وأزعم أن الليلة التى قضاها فى زنزانة مظلمة، رطبة، بأمر النيابة العسكرية، لن تكون نهاية مطاف الثورة، فمهما طالت السنوات، سينتهى الظلام، ومبارك أقرب مثال لنا، كثيرون كانوا يهتفون مع كل خطاب له خلال أيام الثورة، ماذا تريدون بعد ذلك، لقد تنازل الرجل، وقدم أقصى ما عنده، وكنا نقول ليست هذه النهاية، زنازين الثوار المظلمة الرطبة، تقابلها فى صفحات التاريخ، زنازين أخرى رطبة سوداء، محجوزة للطغاة والمستبدين.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة