محيى الدين سعيد

استقيموا.. يرحمنا ويرحمكم الله

الأحد، 24 يوليو 2011 09:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يكون من فاضح الفعل وسوء الأدب لو أن واحدة من قوانا وأحزابنا السياسية التى تخوض معارك – تراها عظيمة وكبرى - من قبيل "الانتخابات أولا.. الدستور أولا" رفعت شعار "الاقتصاد أولا"، أو "التشغيل أولا"، أو "الصحة أولا"، أو "التعمير أولا"، أو "التشجير أولا".. أو.. أو..، وما أكثر ما يمكن أن نرفع رايته "أولا" فى بلادنا، ونجمع حوله الملايين من المصريين من دون خلاف أو انشقاقات أو تباين فى الرؤى.

قضايا كثيرة كنا نتمنى لو أن الذين حملوا أرواحهم على أكفهم فى ثورة يناير، رفعوا رايتها بعد انتصار الثورة، وانطلقوا منها للبناء، بدلا من أن ينشغلوا بصراع الميادين والمنصات، وتبادل الشكوك والاتهامات.

نحتاج حقا إلى دستور جديد تسير على هديه بلادنا فى خطواتها المقبلة، ونحتاج إلى انتخابات حرة ونزيهة، يشعر فيها كل منا بقيمة صوته، لكننا قبل هذا وذاك نحتاج إلى أن نعيد عجلة الإنتاج، وأن نحرر اقتصادا كان محتلا من قبل اللصوص وناهبى ثروات البلاد، نحتاج بشكل عاجل إلى إصلاح التعليم بعد سنوات عاث فى دروبه المخربون فسادا واستهدفوا عقول أبناء مصر بالتشويش.. نحتاج إلى أن نمهد الطرق، وأن نعود إلى إنشاء المصانع والمدارس، وأن نعيد بلادنا إلى سيرتها الأولى فى الزراعة.

نحتاج إلى كل ذلك وغيره من أمور كان يجب أن يرفع رايتها المتشاحنون والمتصارعون، لتنطلق مسيرة البناء فى مختلف ربوع مصر، وقبله البناء فى داخل نفوس أبناء مصر، بعد سنوات نجح فيها المخربون فى أن يشغلوا الناس بلقمة عيشهم، ويجعلوا من كل فرد منطويا على ذاته، مشغولا بهمه، بعد أن كان المصريون مضرب المثل فى اقتسام الهموم، وتوزيعها فيما بينهم ليخف حملها على الواحد منهم، ما دام يجد الأيادى ممتدة إليه لتزيح عنه بعضا مما ألم به.

أيكون من توافه الأمور لو أن قوى بعينها، ارتبطت سيرتها بالقيم والأديان، رفعت شعار "صلة الأرحام أولا"، ألا يظن هؤلاء أنهم لو أطلقوا مثل هذه الدعوة سيتداعى إليهم ملايين المصريين، ممن افتقدوا بعضهم البعض فى سنوات البحث عن كريم العيش، هل يعتقدون أنهم سيجدون اعتراضا من أحد على رفع راية التواصل ورص الصفوف بين المصريين، خاصة وأنه حين دعا الداعى إلى ثورة يناير العظيمة، ساوى المصريون صفوفهم، وحازوا مناكبهم ، وسدوا الفرج، فصاروا كالبنيان المرصوص، وقد شد بعضه بعضا، فلم تفلح رصاصات الغدر وبلطجة السلطة فى أن تنال منهم.

هل سيكون من المعيب لو أن قوى ارتبطت أفكار نشأتها ونضالات مؤسسيها بالبحث عن العدالة الاجتماعية ومحاربة الاحتكار والإقطاع، أطلقت مبادرات لتحقيق تلك العدالة وحماية الناس من نار الاحتكار وغلاء الأسعار، دون أن يشغل قادتها أنفسهم بأى عدد من مقاعد البرلمان سوف يحصدون؟!

أنكون متآمرين لو أننا طلبنا من قوى قامت أفكارها على الانحياز للفقراء والحرب على التفاوت بين الطبقات، أن توجه نشطائها إلى رفع شعار "الفقراء أولا"، أو "الثورة الصناعية أولا"، وهل نضيع وقت قوى تأسست على دعم مبادئ الحرية، لو أننا طلبنا منها أن تنشغل بشعار "الرأسمالية الوطنية أولا".

هل يخسر أى من هذه القوى مساحته التى يقبض عليها فى ميدان التحرير وروكسى وغيرهما من ميادين مصر، لو أنه شغل نفسه وشغلنا معه، بالعمل بين الناس ومن أجلهم، وصبر قليلا على ما يتعجل حصده، ويخشى من أن يسبقه الآخرون إلى الحصول عليه، ولنا ولكم فى "الحزب المنحل" عبرة يا أولى الأحزاب، فقد ظن القائمون عليه أن مقاعدهم راسخة لا تتزحزح، فإذا بالأرض تميد من تحت أقدامهم، وتكتب الثورة كلمة النهاية لهم ولحزبهم الذى ظنوا فى سلطانه عاصما أبديا لهم من الجماهير.

ألا يكون من الواجب علينا أن نصرخ فى وجوه هؤلاء من دون استثناء، وأن نقول لهم الآن من قبل ألا يكون هناك وقت للكلام: "استقيموا.. يرحمنا ويرحمكم الله".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة