د. محمد شومان

أولويات الإخوان الخاطئة

الأحد، 02 سبتمبر 2012 03:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتابع باهتمام تعليقات القراء على ما أكتب هنا، وأتعلم من بعض التعليقات سواء اتفقت أو اختلفت معى، ولاحظت أن كثيرا من التعليقات تهاجمنى بمفردات قاسية أو تعاتبنى لأننى أنتقد الإخوان، وأداء الرئيس قبل انتهاء المائة يوم الأولى من حكمه، لكن ضعوا أنفسكم مكانى، ولنفكر معا بصوت عال، هل يمكن الصمت على رئيس وضع خمس أولويات مستحيلة الحل فى المائة يوم الأولى، وهى النظافة، والخبز، والأمن، والمرور، والطاقة، وكلها ملفات شائكة تتطلب سنوات من العمل. وبالتالى لا يمكن الصمت والانتظار بل لابد من تقديم النصح والنقد للرئيس -والإخوان- حتى يصحح أولوياته.

والحقيقية أن ارتباك أولويات الرئيس والإخوان يمثل أحد أهم مشكلات الجمهورية الثانية، ويرجع هذا الارتباك إلى قلة خبرة الإخوان والرئيس، وعدم استعدادهم أو تدريبهم المسبق على قيادة وطن محاصر بتركة هائلة من المشكلات التى تركها المخلوع، وأنا هنا متعاطف مع الرئيس والإخوان ومقدر تماما ثقل المسؤولية وصعوبتها، لكنى على قناعة تامة بأن عقلية الإخوان وتكوينهم الفكرى والتنظيمى مسؤولة عن الأزمة التى وضعوا أنفسهم، ووضعوا الوطن فيها، وعليهم أن يتعلموا وينفتحوا على كل القوى السياسية ويتعاونوا مع كل أبناء الوطن من أصحاب الكفاءات والخبرات، لكن للأسف الإخوان حتى الآن غير قادرين على إنجاز هذه المهمة، ومن ثم يكررون أخطاء تبنى أولويات خاطئة، واختيار أهل الثقة وتغليب الإخوان والمنتمين للتيار الإسلامى بل و«المتأخونين» مع استبعاد المعارضين، والسعى وراء أوهام أخونه الدولة والإعلام.

نظرة سريعة على اختيارات الرئيس لمساعديه ومستشاريه تكشف عن تغليب التيار الإسلامى على حساب الليبراليين واليسار، ثم خذ أيضا أولوية سعى الإخوان للسيطرة على الإعلام من خلال تعيين واحد منهم فى وزارة الإعلام، وتخويف الإعلاميين بعقوبة الحبس ومصادرة الصحف وإغلاق القنوات، إضافة إلى اختيار رؤساء تحرير من أنصار الإخوان أو الفلول ممن لا يراجعون أمر أسيادهم فى أى عصر أو زمان.

أولوية أخرى غريبة تبناها وزير العدل الحالى لإعادة الحياة إلى قانون الطوارئ الصادر عام 1958 مع تعديله، حيث لا توجد حاجة ضرورية ملحة لقانون سيئ السمعة فى ظل عدم وجود برلمان، فهل سيبدأ الرئيس استخدامه لسلطة التشريع بإصدار قانون طوارئ تجاوزته الأحداث والسنون، فى حين كان الإخوان أنفسهم يطالبون بإلغائه والاكتفاء بمواد قانون العقوبات. أليس من المنطقى وفق أى نظام عاقل للأولويات البدء بدراسة ومناقشة كيفية إلغاء القوانين سيئة السمعة التى أصدرها المخلوع، وإصدار قوانين جديدة توسع من الحريات العامة.

الأولويات الخاطئة للإخوان ليست وليدة اليوم، فلنتذكر سويا أولويات الإخوان والسلفيين فى مجلس الشعب المنحل، وكيف كانت بعيدة عن مشاكل الناس وطموحهم، وبالتالى ألحقت بشعبية الإخوان آثارا سلبية، لقد تبنى نواب الإخوان والسلفيين قضايا أخلاقية مهمة -منع تدريس الإنجليزية وسن الزواج والختان- لكنهم تركوا القضايا الأكثر أهمية والتى تتعلق بالعدل الاجتماعى ومحاربة الفساد، فالتدين الحق ومكارم الأخلاق لا وجود لها فى مجتمع يعيش أغلبية مواطنيه تحت خط الفقر، ومن المستحيل عمليا تحقيق العدل الاجتماعى اعتمادا على الزكاة والصدقات فقط. بل لابد من فرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء، لأن الزكاة وحدها لا تكفى، كما أن الصدقات متغيرة واختيارية، والفقر فى مصر الآن يتطلب تحركات سريعة وضرائب مرتفعة على أصحاب الدخول العالية قد تصل إلى 60% من الأرباح.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة