تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة: إهدار الغذاء يضر بالمناخ وموارد الأراضى والمياه والتنوع الحيوى..التكاليف الاقتصادية المباشرة للفاقد الغذائى تبلغ 750 مليار دولار سنوياً

الأربعاء، 11 سبتمبر 2013 02:45 م
تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة: إهدار الغذاء يضر بالمناخ وموارد الأراضى والمياه والتنوع الحيوى..التكاليف الاقتصادية المباشرة للفاقد الغذائى تبلغ 750 مليار دولار سنوياً حقول زراعية - صورة أرشيفية
كتب عز النوبى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كشف تقرير صادر اليوم عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "FAO"، أن إهدار كميات مذهلة من الغذاء مقدارها 1.3 مليار طن سنوياً ليس سبباً فحسب لخسائر اقتصادية هائلة، بل يلحق أيضاً ضرراً جسيما بالموارد الطبيعية التى تعتمد البشرية عليها لسدّ احتياجاتها الغذائية.

ويأتى تقرير "بصمة الفاقد الغذائى: الآثار على الموارد الطبيعية" بمثابة الدراسة الأولى التى تنصبّ على تحليل عواقب الخسائر الغذائية العالمية من المنظور البيئى، بالنظر تحديداً فى النتائج على صعيد المناخ والمياه واستخدامات الأراضى والتنوع الحيوى.

وقال المدير العام للمنظمة جوزيه غرازيانو دا سيلفا: "إن المتعين علينا جميعاً من مزارعين وصيادى أسماك وجهات معالجة الغذاء وأسواق السوبر ماركت والحكومات والمستهلكين الأفراد، أن نطبق التغييرات اللازمة فى كل حلقة ربط على امتداد السلسلة الغذائية البشرية للحيلولة دون وقوع خسارات غذائية فى المقام الأول، وإعادة استخدام الغذاء متى أمكن ذلك أو إعادة تدويره".

وأكد غرازيانو دا سيلفا أنه "لا يمكننا ببساطة السماح لثلث مجموع الغذاء فى العالم أن يؤول إلى الهدر بسبب الممارسات غير الملائمة، بينما يبقى هنالك 870 مليون شخص يتضورون جوعاً كل يوم".

وكمرافق لدراستها الجديدة، أصدرت المنظمة أيضاً "صندوق أدوات" من 100 صفحة يتضمن توصيات بكيفية خفض خسائر الغذاء وتقليص إهداره فى كلّ مرحلة عبر السلسلة الغذائية.

وتستعرض توصيات المنظمة عدداً من المشروعات حول العالم للتدليل على كيف يمكن للحكومات الوطنية والمحلية، والمزارعين، والأعمال التجارية، والمستهلكين الأفراد، اتخاذ تدابير لمعالجة المشكلة.

وذكر الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير التنفيذى لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أخيم شتاينر، أن "كلا من برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الأغذية والزراعة وقفا على أن فاقد الغذاء إنما يتيح فرصة رئيسية للبلدان فى كل مكان من أجل الانتقال إلى اقتصاد أخضر متكامل أقل اعتماداً على الوقود الأحفورى، وأعلى كفاءة فى استخدام الموارد، وقد أبرز اليوم تقرير منظمة (فاو) الممتاز ما يمكن تحقيقه من فوائد متعددة، وفى حالات كثيرة بفضل تدابير بسيطة من جانب الأسر، وباعة المفرد، والمطاعم، والمدارس، والأعمال التجارية، على نحو يمكن أن يساهم فى الاستدامة البيئية، والتحسينات الاقتصادية، والأمن الغذائي، بل وتحقيق مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة المعروفة باسم (تحدى صفر جوعا)، وينبغى لنا أن نستحث الجميع على تبنى شعارنا المشترك (فكر، كٌل، اقتصد، من أجل تقليص أثر بصمتك الغذائية)".

وسبق أن أطلق كل من برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة "فاو" حملة "فكر، كٌل، اقتصد - من أجل تقليص أثر بصمتك الغذائية"، فى مطلع العام الجارى بهدف إعانة الجهود الدولية فى احتواء كميات فاقد الغذاء.

أين الخسارات تحديداً

وفقاً لدراسة منظمة "فاو" يقع أربع وخمسون بالمائة من الفاقد الغذائى العالمى "فى المنبع" خلال مراحل الإنتاج والمعالجة والخزن أثناء مرحلة ما بعد الحصاد، بينما يقع ست وأربعون بالمائة من الخسائر فى "اتجاه التيار"، خلال مراحل التجهيز والتوزيع والاستهلاك.

وعموماً، تعانى البلدان النامية من فاقد غذائى أعلى خلال الإنتاج الزراعى، بينما تميل الخسائر إلى الارتفاع فى مراحل الاستهلاك والبيع بالمفرد لدى أقاليم الدخل الوسيط والأعلى، بما يتراوح بين 31 - 39 بالمائة من الخسارة الكليّة، أكثر من المناطق المحدودة الدخل (4 - 16 بالمائة).

ويلاحظ تقرير المنظمة المختص أن المنتَج الغذائى كلما فُقِد فى مرحلة لاحقة على طول السلسلة الغذائية، تأتى عواقبه أشد بالمقياس البيئى، إذ أن التكاليف البيئية خلال أطوار المعالجة والنقل والخزن والطهى سرعان ما تضاف أيضاً إلى تكاليف الإنتاج الأولية.

بقاع ساخنة

وتبرز دراسة "فاو" العديد من "البقاع الساخنة" فى أنحاء العالم بمقياس الفاقد الغذائى، على النحو التالى:

يشكل فاقد الحبوب فى آسيا مشكلة كبرى ذات تأثيرات خطيرة على انبعاثات العوادم الكربونية وموارد المياه واستخدام الأراضى. وتبرز محاصيل الأرز بوجه خاص فى المقدمة نظراً إلى ناتجها المرتفع من انبعاثات غاز الميثين والمستويات العالية من فاقد الإنتاج فيها.

حتى إن كان الفاقد من اللحوم فى جميع مناطق العالم منخفضاً نسبياً، إلا أن إنتاج اللحوم يخلف آثاراً قوية على البيئة بمقياس الرقعة المستخدمة من الأراضى ومقدار العوادم الكربونية المنبعثة من القطاع الحيوانى، لا سيما فى بلدان الدخل المرتفع وأمريكا اللاتينية التى تخلّف مجتمعة مما يصل إلى 80 بالمائة من الخسائر الكلية لفاقد اللحوم. وإذا ما استثنيت أمريكا اللاتينية، فإن أقاليم الدخل المرتفع تعد مسئولة دولياً عن نحو 67 بالمائة من جميع خسائر فاقد اللحوم.

يساهم فاقد الفاكهة بمعدلات مرتفعة فى فاقد المياه على صعيد آسيا، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا، على الأكثر نتيجة لمستويات الخسائر البالغة الارتفاع من ثمار الفاكهة.

على نفس النسق، تنعكس المستويات المرتفعة من فاقد الخضر فى مناطق آسيا الصناعية، وأوروبا، وأمريكا اللاتينية، وجنوب شرق آسيا على هيئة انبعاثات كبيرة من العوادم الكربونية ذات البصمة البيئية الثقيلة.

أسباب خسارة الغذاء - وخيارات مواجهتها

وتورد منظمة "فاو" فى دراستها المختصة أن جملة من العوامل المرتبطة بسلوكية المستهلكين وضعف التواصل فى مواضع سلسلة التجهيز إنما تكمن وراء المستويات العليا من الفاقد الغذائى لدى مجتمعات الرفاة، وفى هذا الإطار يخفق المستهلكون فى التخطيط لتسوّقهم أو يسرفون فى الشراء، أو يغالون فى الاستجابة لتاريخ انتهاء صلاحية السلعة وفق تعريف "أفضل قبل تاريخ"، بينما تحدو معايير الامتياز والشكليات بباعة القطّاعى إلى رفض تسويق كمّيات كبيرة من المواد الغذائية رغم كونها صالحة للتناول على أكمل وجه.

وعلى صعيد البلدان النامية، تقع خسائر كبرى فى مرحلة ما بعد حصاد خلال الجزء المبكّر لسلسلة التجهيز مما يشكل مشكلة رئيسيّة، تُعزى إلى القيود المالية والهيكلية التى تعانى منها أساليب الحصاد والخزن، ومرافق البنى التحتية للنقل، وعادة ما يندمج مع ذلك عوامل الظروف المناخية المواتية لتلف المواد الغذائية.

ولمواجهة هذه المشكلة، يسرد تقرير "صندوق الأدوات" الذى أعدته المنظمة ثلاثة مستويات عامّة من التدابير المطلوبة:

ينبغى منح أولوية عالية للعمل على تقليص فاقد الغذاء فى المقام الأول، فى ما يتجاوز مجرد خفض خسائر المحاصيل فى المزرعة بسبب الممارسات الرديئة، حيث يعنى بذل مزيد من الجهود لموازنة الإنتاج على نحو أفضل إزاء الطلب عدم استخدام الموارد الطبيعية لإنتاج غذاء غير مطلوب أو لا حاجة آنية له كمبدأ عام.

فى حالة الفوائض الغذائية، فإن إعادة الاستخدام فى إطار سلاسل الاستهلاك البشري، كاستهداف أسواق ثانوية أو التبرع بالغذاء الإضافى إلى المجموعات الاجتماعية الأضعف، يمثّل أفضل خيار متاح. وإن لم يكن الغذاء ملائماً للاستهلاك الآدمى، يتمثل الخيار الثانى فى تحويل الغذاء للاستخدام كعلف للماشية، مما سيصون الموارد الأخرى المخصصة لإنتاج مواد علفية تجارية.

إن لم تصلح إعادة الاستخدام كحل، فى الإمكان طَرق إمكانية إعادة التدوير والاستعادة: تدوير النواتج العرضية؛ الهضم اللاهوائى؛ إعداد الكومبوست، والحرق لاستعادة الطاقة والمواد المغذّية من النفايات والفضلات على نحو يتيح ميزة كبرى من التخلص بالدفن فى حُفر أرضية، إذ تشكل النفايات الغذائية المتعفنة فى مواقع الدفن مصدراً كبيراً لغاز الميثين الذى يعدّ من أسوأ عوامل الاحتباس الحرارى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة