"افتح قلبك مع د. هبة ياسين".. الانسحاب فى صمت

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014 01:08 م
"افتح قلبك مع د. هبة ياسين".. الانسحاب فى صمت الدكتورة هبه ياسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسل (...) إلى "افتح قلبك" يقول:

أنا شاب فى نهاية العشرينات، من محافظة ريفية، تعرفت منذ ما يقرب من 8 سنوات على فتاة من القاهرة عن طريق إحدى النشاطات التى كانت تقوم بها محافظتى هناك، نشأت بيننا قصة حب جميلة قامت على كثير من التفاهم والاهتمامات المشتركة والميول الواحدة، وزادها جمالها جمال هذه الفتاة قلبا وقالبا، وتمم جمالها طبيعة أهلها وخاصة والدتها التى كانت طرفا فى العلاقة من أولها، فقد أشركتها حبيبتى فى كل شئ منذ البداية، فما كان من والدتها إلا أن رحبت بالتعرف على، بل وتقديمى لوالدها أيضا.

مرت الأيام جميلة ونحن نزداد قربا من بعض يوما بعد يوم، فاتحت أهلها فى رغبتى بالزواج من ابنتهم حتى قبل أن أكمل دراستى الجامعية لأثبت لهم حسن نيتى، وطلبت من والدتى محادثة والدتها لتعدها بأن أتقدم رسميا فور حصولى على شهادتى، فأنا لن أنتظر الوظيفة لأن عمل والدى خاص وسأشاركه فيه، كذلك لا تجنيد لى لأنى الولد الوحيد لثلاثة أخوات أصغر منى.

وتم الاتفاق بشكل غير رسمى، ولم يطلب منى أهل حبيبتى غير طلب واحد وهو أن تتزوج ابنتهم فى القاهرة لأنها وحيدتهم، فرحبت بذلك لأنى أنا نفسى كنت أحب أن أعيش فى القاهرة، وكنت أنوى الانتقال إليها فى يوم من الأيام، ثم تطورت العلاقة عائليا أكثر وأكثر عندما تقدم أحد أقارب حبيبتى للزواج من أختى، وتمت الخطوبة بالفعل... إلى هنا كان كل شئ يسير كما كنت أتمنى بل وأفضل، ولكن كل شىء انقلب رأسا على عقب بوفاة والدى المفاجئة، والتى ارتبك لها الجميع.

فجأة وجدت نفسى مسئولا عن أمى و3 أخوات لم يتزوجن بعد، وعمل والدى الخاص كله من أوله لآخره، كل هذا وأنا فى آخر سنة فى الكلية، فكان من الطبيعى جدا بل ومن الواجب أن ألغى فكرة الزواج بعيدا عن أمى وأخواتى، لهذا تراجعت عن اتفاقى مع حبيبتى وأهلها بأن نعيش فى القاهرة، فتعقد الأمر، وازداد تعقيدا عندما لم تكتمل خطوبة قريبهم لأختى، فأصبح الوضع متأزما ومتوترا، وانتهى بأن انسحبت من حياتها فى صمت، وأنا كلى ألم وحسرة على هذا الحلم الجميل.

عرفت بعدها بفترة أنها تزوجت، ثم أنجبت، لم أستطع أن أمنع نفسى من معرفة أخبارها من بعيد لبعيد، بينما أنا أواصل حياتى بدونها بلا أى معنى، فحياتى كلها أصبحت مسئوليات وواجبات وعمل، حتى تزوجت أخواتى الثلاث بفضل الله، ولم يبق غيرى أنا وأمى فى البيت، وبدلا من أن تلفت إلى أخيرا وتفكر فى زواجى، فوجئت بها تلفت إلى نفسها وتقرر هى الزواج!!... وكانت تلك صدمة أخرى لم تكن فى الحسبان، ولم تكتف بهذا، بل وجدتها تفاتحنى فى يوم فى أنها تفكر فى أن تأتى بزوجها فى بيتنا بدلا من أن تعيش معه فى بيته، فجن جنونى، فكيف لى أن أتحمل وضعا كهذا؟؟!!.

نصحنى أحد الأصدقاء بأن أسارع وأتزوج فى شقتنا، وبهذه الطريقة لن تستطيع أمى إحضار زوجها للعيش معنا أنا وزوجتى فى نفس البيت، فوجدتها فكرة لا بأس بها، فسارعت بالزواج من أول فتاة رشحت لى، بدون حتى أن أعرفها أو أسمع صوتها، لأن كل الفتيات كن عندى سواء من بعد حبيبتى، وبالفعل تزوجت سريعا من شخصية أبعد ما تكون عن شخصيتى، شخصية لا يجمعنى بها أى شئ فى الحياة سوى المشاكل والخلافات والخناقات المستمرة.

بعدها بفترة بسيطة جدا سمعت بخبر طلاق حبيبتى من زوجها، فعدت للحسرة والندامة مرة أخرى، فكم كنت أتمنى أن أعرف هذا الخبر قبل زواجى، و حمل زوجتى، لم أكن لأتردد ثانية واحدة فى العودة إليها مرة أخرى، ولكنى عرفت الخبر وأكملت صمتى، وحاولت أن أكمل حياتى التى لم تكن سهلة أبدا، إلى أن فاض بى فى يوم من الأيام واتفقت أنا وزوجتى على الطلاق، وقتها شعرت بإحساس الطير الذى قارب قيده على الانفكاك، وأسرعت بمعاودة الاتصال بحبيبتى، وشرحت لها ولأهلها كل ما مر فى حياتى، وطلبت منهم يدها مرة ثانية، على أن يتم الزواج بعد أن أتمم انفصالى عن زوجتى.

وكالعادة سارت الأمور بسلام فى البداية، حتى لم يتبق سوى أيام على إتمام الطلاق، ففوجئت بزوجتى وأهلها يعرفون بأمر حبيبتى ويقلبون الدنيا على رأسى، بكل الأشكال التى تتخيليها والتى لا تتخيليها يا دكتورة، بداية من بلاغات كيدية، وقضايا متوالية وصل عددها إلى 8 قضايا فى وقت واحد، ووصولا ببلطجية يهاجموننى فى الشارع ليلا ويبلغونى تحيات أهل زوجتى... وجدت نفسى فى دوامة عنيفة من الأحداث المتلاحقة، والتى لم أعتد على التعامل مع مثلها، وفجأة أصبح المطلب الوحيد لأهل زوجتى هو أن تعود إلى بعد أن كان الانفصال هو ما يسعون ويخططون إليه، وأصبحت المساومة صريحة بين استمرارى فى مشروع زواجى، وبين استمرار مسلسل الرعب هذا الذى أعيش فيه، من عنف ومشاكل وتنغيص مادى ومعنوى.

ولكنى قاومت وقررت الاستمرار، لأن حياتى مع زوجتى لم تكن حياة بأى حال، ولأنى أخطأت من البداية عندما انسحبت من حياة حبيبتى وتركتها لغيرى، ولكنهم هم أيضا- أهل زوجتى- قاوموا و لم يستسلموا، فإذا بهم يهددودنى بأن المرحلة القادمة من الانتقام ستكون من حبيبتى نفسها وأهلها... وهنا أسقط فى يدى، ارتعبت خوفا عليها وعلى أهلها من هول انتقام هؤلاء الجبابرة الذين ناسبتهم بكل أسف، فوجدت نفسى أخضع لهم، وأنفذ طلبهم، وأعيد ابنتهم إلى بيتى، وأنسحب للمرة الثانية من حياة حبيبتى، وفى صمت أيضا كالعادة.

ولكنها لم تغفر لى هذه المرة، أقرأ ما تكتبه عنى على صفحتها على الفيس بوك، ويصلنى ما تقوله فى حقى لمعارفنا المشتركين، ولها كل الحق، ولكنى خفت عليها، واكتفيت بأن تدمر حياتى أنا وحدى بدلا من أن أدمر حياتها هى الأخرى معى، كنت أتمنى أن أعوضها عن فشلها الأول، و لكنى خفت أن أضيف إليها فشلا جديدا، فكرت فى أن ليس لأهلها الطيبون أى خبرة أو قدرة أو طاقة على التعامل مع كل هذا الشر الذى أعيشه أنا، فقررت الانسحاب.

والآن هل لك أن تقولى لى ماذا أفعل؟، هل أنا ظلمت حبيبتى بالابتعاد عنها؟، هل أتصل بها و أشرح لها موقفى؟، هل ستصدقنى أم ستظن أنى أتهرب من الزواج منها؟، هل أستمر فى بعدى حتى تنتهى مشاكلى و التى لا أعتقد أنها ستنتهى بسلام؟...أم ماذا أفعل؟.

وإليك أقول:

مشكلتك معقدة جدا، حدثت على مدار فترة طويلة، وبها أطراف كثيرة، وأكثر ما يتعبك أنك تخلط فيها الأوراق... ومن البداية، فكرت فى حل مشكلة زواج أمك فى بيتكم بالزواج السريع، مع أن لا علاقة لهذا بذاك، وفكرت فى أن تحل مشكلة تعاستك الزوجية بالرجوع إلى حبيبتك، مع أن لا علاقة لهذا بذاك ايضا، و فكرت فى أن تنهى صراعك مع أهل زوجتك بإعادتها إليك بالرغم من تأكدك من فشل زواجكما، و أخيرا فكرت فى أن تنهى القصة كلها بالابتعاد أو الانسحاب من جديد من حياة حبيبتك... كلها ردود أفعال ليست فى محلها، لأنها ليست حلا لما أنت فيه.

زواجك كان على غير أساس صحيح من البداية، عليك حسم أمره قبل أى شئ، أو بمعنى أخر ( حل مشاكلك الزوجية الأول) قبل التفكير فى الارتباط سواء بحبيبتك السابقة أو بغيرها، حتى لا تظل حاملا لأعباء و ذكريات و متعلقات الماضى على ظهرك بقية حياتك، إذا كان هناك سبيل للإصلاح بينك و بين زوجتك، و إذا كانت لديك رغبة و لو بسيطة فى ذلك _ و لو أنى أشك_ فأفعل، و إلا فسارع بإنهاء هذة العلاقة المشوهة، و التى لن ينتظر أن تأتى بخير فى المستقبل.

حينها، وبعد أن تقرر مصير علاقتك الحالية فكر فى الخطوة التالية، سواء كانت إرتباط جديد أو غيره، لكن رجاء لا تربط بين انفصالك و دخولك فى علاقة جديدة، أو لا تجعل هذا نتيجة لذاك، فكر فى كل خطوة على حدى هذه المرة، فإن كان لزواجك أن ينتهى فلتفعل بصرف النظر عن كونك ستدخل فى علاقة جديدة أم لا.
و بالرغم من تفهمى لخوفك على حبيبتك و أهلها من أهل زوجتك، إلا أنى و بكل تأكيد أعيب عليك انسحابك من حياتها و للمرة الثانية فى صمت...لماذا؟، أليس من أبسط حقوقهم أن يفهموا لماذا تتصرف معهم بهذه الطريقة؟، ألم تقدر أنهم غامروا و وضعوا يدهم فى يدك من جديد بعد انسحابك الأول؟، أتبخل عليهم حتى بفهم ما يحدث ؟، بدلا من أن تترك الظنون و الأفكار تلعب بهم؟... قد يكون هناك مبررا لعدم إتمام الارتباط، أو حتى الإنسحاب، لكن لا مبرر اطلاقا للصمت، و لا تفسير أخر له غير الهروب... اتصل بهم و اشرح لهم وضعك، و اترك لهم كامل الحرية فى تصديقك و فهم موقفك و التصرف بعد ذلك، هكذا يفعل الرجال.


الصفحة الرسمية للدكتورة هبه ياسين على الفيس بوك:
Dr. Heba Yassin











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة