محمد شومان

المذيعون الجدد

الأحد، 02 فبراير 2014 02:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المذيع أو مقدم البرامج مهنة صعبة تتطلب أن يؤديها أشخاص دارسون للإعلام، وحاصلون على تدريب جيد على فنون الإعداد والإلقاء، وعلى احترام القواعد المهنية للإعلام ومواثيق الشرف الإعلامى، فلا يصح أن يخلط المذيع بين الخبر والرأى أو يبدى آراءه السياسية أو يتحول إلى سياسى أو واعظ دينى، يتحدث فى كل شىء وعن أى شىء وأحيانا يتحدث أكثر من ضيوفه!!
كل هذه القواعد تنتهك على نطاق واسع فى إعلامنا، حيث تنامت بعد ثورة يناير ظاهرة المذيع غير المؤهل، والذى يخلط بين السياسة والإعلام وضخ الشائعات وإصدار أحكام بالخيانة أو التكفير على كل من يخالفه الرأى، صحيح أن الظاهرة كانت موجودة قبل الثورة وفى إعلام مبارك وبعض القنوات الخاصة، لكنها للأسف تضخمت بعد الثورة!! نتيجة انتشار وقوة القنوات التليفزيونية الخاصة وهيمنة رجال الأعمال وتدنى مستويات الأداء المهنى وزيادة التسييس فى إعلامنا وتراجع الإعلام الحكومى وتنامى حجم وتأثير الإعلانات.

وهناك سبب مهم لانتشار المذيعين الجدد يرتبط بمحاولة الحكومة ورجال الأعمال استيعاب بعض أفراد النخبة فى القنوات التليفزيونية لإسكاتهم عن قول الحق، ولتوظيفهم فى عملية خداع الجماهير والتلاعب بعواطف وعقول الحشود المرابطة أمام الشاشات، لكن مستويات الأداء الإعلامى لهؤلاء هزيل وأحيانا هزلى!! لأنهم يسبحون فى مياهه لم يتدربوا عليه، لذلك أقول إنهم ظلموا أنفسهم، فليس كل كاتب كبير أو سياسى قدير قادر على أن يقدم برنامجا تليفزيونيا ناجحا، وربما لا تسعفه لغته أو أداؤه، ومع ذلك فإن إغواء المال والشهرة وحب المغامرة أو التجربة علاوة على التسييس العالى فى الإعلام.. كل ذلك يدفعه إلى الاستمرار، فى استخفاف شديد بواجبات ومعايير الأداء المهنى للمقدم أو المذيع، حيث يتصور المذيعون الجدد أن العملية بسيطة، فهى نوع من الدردشة أو الخطابة وأعتقد أن بعض المذيعين الجدد يتصورون أن العملية أسهل من الدردشة مع الزملاء أو الأصدقاء لأن الجمهور فى أغلبه من حزب الكنبة، أى لا يفكر ولا ذاكرة له، وتحركه العواطف والمواعظ، لذلك حول بعض المذيعين الجدد شاشة التليفزيون إلى راديو!! حيث يجلسون أمام الكاميرا ويتحدثون بدون استخدام للصور والأفلام، للأسف لا توجد لدينا بحوث ومسوح منتظمة ودقيقة لمعدلات المشاهدة وتفضيلات البرامج والمقدمين، لذلك فكل مذيع جديد أو قديم يدعى أنه الأكثر مشاهدة وتأثيرا، فهو حر تماما طالما يلاقى استحسان رجل الأعمال الذى يمتلك المحطة ويديرها، لكن فى كثير من الحالات ينقلب الاستحسان، ويتم إيقاف البرنامج والمذيع ليظهر وجه جديد وبرنامج آخر يتماشى ومتطلبات المرحلة وعلاقة رجل الأعمال بالسلطة.

إذن خوف بعض المذيعين الجدد على رواتبهم وظهورهم على الشاشة يدفعهم لتنفيذ أوامر رجال الأعمال الذين يمتلكون الميديا، أو على الأقل عدم تقديم ما يتعارض ومصالح رجال الأعمال، وهناك بعض المذيعين الجدد الذين يحاولون أيضا كسب رضا السلطة والجمهور معا من خلال التنافس فى تقديم كل ما هو سطحى وغريب ومبتذل من تسريبات وتسجيلات تنتهك الحريات الخاصة ومواثيق الشرف الإعلامى.

إضافة إلى تكفير أو تخوين كل أصحاب الأصوات المعارضة.. متى تتوقف هذه الظواهر غير الإعلامية؟ لا بديل من وجهة نظرى عن إجراءات تنظيمية وقانونية سريعة لا تصادر حرية الإعلام وإنما تنظم ملكية الإعلام والإدارة وتطلق حرية الإعلاميين فى تشكيل نقابات مستقلة، وفى هذا الإطار لابد من وضع نهاية لظاهرة المذيع غير المؤهل وغير الملتزم بمعايير الأداء الإعلامى ومواثيق الشرف.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة