"افتح قلبك مع الدكتورة هبة يس".. تصحيح المسار

الأربعاء، 28 يناير 2015 01:05 م
"افتح قلبك مع الدكتورة هبة يس".. تصحيح المسار الدكتورة هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسل (....) إلى افتح قلبك يقول:

أنا شاب عمرى 24 سنة، نشأت فى أسرة متدينة جدا، أصلى و أصوم و أواظب على الفروض كلها تقريبا منذ أن كنت فى العاشرة من عمرى، أحفظ جزءا كبيرا من القرآن الكريم، و كنت دائما الملجأ لكل زملائى و أصدقائى الذين كانوا يريدون معرفة أى شىء فى أمور دينهم، كانوا يلقبونى بـ( الشيخ الصغير)، لأنى كنت على دراية بكثير من الأحاديث والمسائل الفقهية فى سن مبكرة جدا.

حياتى مستقرة إلى حد كبير، فانا أعمل مع والدى فى تجارته بعد تخرجي، و فى حال يحسدنى عليه الكثيرون ماديا و اجتماعيا.. أخبرك بكل هذا يا دكتورة حتى أخبرك مبدئيا أنه ليس لى أى عذر فيما سأحكيه لك، فأنا لدى من النعم و العطايا ما هو أكثر بكثير من أى شخص عادى فى مثل سنى، ولكنى وبالرغم من كل هذا وبكل أسف رسبت فى الاختبار !!.

باختصار أنا تعرفت على إحدى السيدات منذ حوالى سنة تقريبا، تسكن قريبا من مكان عملى،هى زوجة وأم، و لكنها صغيرة فى السن، تكبرنى بسنتين فقط...تعرفت عليها بشكل طبيعى جدا فى البداية، ولكنى _ و صدقينى لا أعرف كيف_وجدت نفسى أفكر فيها كثيرا جدا، فاتصلت بها، وتحدثنا أكثر من مرة، و صارحتها بأنى منجذب لها بعد طول صراع مع نفسى، فإذا بها تخبرنى بأنها تبادلنى نفس الاحساس، و أصبحنا نلتقى، فى أماكن عامة فى البداية، ثم فى أماكن بعيدة عن عيون الناس إلى حد ما، حتى وصل الأمر إلى أن ذهبت لها فى بيتها... و طبعا حضرتك تعرفين الباقى.

أقسم لك أنى لا أعرف كيف حدث هذا؟، فأنا أحدثك و كأنى أتحدث عن شخص آخر لا أعرفه، كأنى أحكى لك فيلما أو قصة، و ليس و كأنى أتحدث عن نفسى.. ندمت ندما شديدا بعدها، وشعرت بأن حياتى كلها انهارت،فها أنا ( الشيخ الصغير) يصدر منى هذا الفعل هكذا و بمنتهى السهولة، و بمقاومة تكاد تكون لا تذكر...لا أصدق !!.

أين تربية أهلى لي؟، أين عباداتى؟،أين ما أحفظه من قرآن وأحاديث؟، أين كلامى الذى كنت أعظ به الآخرين؟؟!!...أشعر بالدناوة الرهيبة، خاصة أنى لم أخطئ معها هى فقط، و لكنى أخطأت أيضا فى حق زوجها الذى استحللت حرمته فى غيابه.

أسأل نفسى آلاف المرات لماذا فعلت هذا؟، ما الذى ينقصنى حتى أقدم على مثل هذه المصيبة؟، كيف سقطت هذه السقطة؟، كيف ضحك على شيطانى إلى هذه الدرجة؟...و لا أعرف إجابة، وكما قلت لك فى البداية يا دكتورة أنا أعترف أنه ليس لى أى عذر.

أنا نادم بحق، و عزمت على ألا أعود لها مرة أخرى مهما حدث، لكنى أشعر بحقارة لا حد لها، أشعر أنى كنت إنسانا مزيفا طوال هذا الوقت، كنت هشا جدا،كنت صورة فقط، و ها قد آن الأوان لفضحها، حمدا لله لم يعرف أحد بما حدث، لكنى أنا نفسى لا أستطيع تحمل الأمر.

أعرف جيدا أن باب التوبة مفتوح ليل نهار، و أن الله سيقبلنى اذا أخلصت فى توبتى إليه، لكنى أكاد أجن كلما سألت نفسى لماذا؟...لماذا فعلت هذا؟، لماذا لم تعصمنى أعمالى السابقة؟، هل هذه علامة على عدم قبول؟، هل هذه علامة غضب على؟...لا أعرف، و لكنى أتمنى أن أعرف منك أنت رأيك، وأقسم لك أنا لم أرسل لك لأسمع منك أى مواساة أو تبريرات لما فعلت، فأنا مخطئ (من ساسى لراسى) ولا جدال فى ذلك.

و إليك أقول:

أنا لن أهون من فعلتك، و لن أوجد لك المبررات كما كنت تعتقد، و لكنى فى نفس الوقت أحترمك لشعورك هذا، وإن كنت أخطأت، و الخطأ (راكبك من ساسك لراسك) كما تقول، فأنا أستشعر _ و الله وحده أعلم_ بصدق ندمك، و بصدمتك الشديدة فى نفسك، أو فى الصورة التى كنت تعتقدها فى نفسك، و جميل أنك تعلم تمام العلم أن الله يقبل كل تائب، و أنه لا حل لك سوى اللجوء إليه بإخلاص، و التوبة و الاستغفار بكل ما أوتيت من صدق.

لكن دعنى أفكر معك فى السبب، الذى أرسلت إلى خصيصا من أجل الوصول إليه...

أتعرف لو كنت قرأت رسالتك هذه من شخص آخر وصف نفسه بأنه مستهتر أو مقصر أو بعيد عن الله، كنت سأقول له حينها أن ما فيه هو نتيجة البعد و التفريط و التقصير، و أنه فى حاجة إلى التقرب أكثر، و التعلم أكثر، و مجاهدة نفسه أكثر و أكثر، لكن الرسالة جاءت من شخص يصف نفسه بأنه (شيخ صغير)، أو هكذا أطلق عليه من حوله بسبب نشأته الملتزمة منذ صغره...فأين الزلل إذا؟.

أتعرف معنى كلمة (عبادة) لغويا؟...عبادة تعنى (التذليل)، كما نقول طريق معبد، أى مذلل و ممهد للعبور عليه، و بالتالى فإن عبادتنا إلى الله يجب أن تنطوى أساسا على التذلل له، و الانكسار أمامه، و البذل والجهد مع الإحساس المستمر بالتقصير، و أن أعمالنا مهما بلغت لن تكافئ شيئا من نعم الله علينا، و من المؤكد أنك تعرف قصة العابد الذى قال إنه سيدخل الجنة بعمله لا برحمة الله، لأنه يثق فى أنه تعبد كثيرا،و بذل أكثر من غيره بكثير، فأراه الله أن كل ما فعله فى حياته كاملة لا يكافئ الشكر على نعمة واحدة، و هى نعمة البصر، فخر العابد وتراجع وعرف أنه لن يدخل الجنة إلا برحمة ربه، لا بعمله مهما بلغ.

أنا لا أتهمك، ولا أجزم أن ما أقوله هو حالك، و لكنك ربما عبدت الله وأنت (معجب) بعملك، معتمدا على أنك تصلى و تصوم وتعرف أكثر من غيرك، تركن إلى أنك (شيخا) وأنك لست فى حاجة إلى أن يعصمك الله، واثقا فى أنك أقوى من شيطانك، وأنك لست فى حاجة إلى الاستعانة بالله عليه كما يفعل الآخرون، الذين هم أقل منك علما و عملا...فزلت قدمك، وسقطت،و ربما أسهل من أى شخص آخر ممن كنت تعظهم...تربية لك من الله، و تأديبا على استغناءك بعملك عنه.

عندما يريد الله أن يقرب عبدا له قد يبتليه بكرب أو شدة ما، حتى يسمع صوته يناجيه، و حتى يعرف العبد أنه ليس له إلا خالقه لينجيه مما هو فيه، أو يبتليه بذنب أو معصية ما، تكسر من أنفه، و تعرفه حجمه الحقيقى، و ليوقن أنه لا شىء بدون الاستعانة بالله، وإرجاع الفضل له أولا و أخيرا.

لهذا يا صديقى أنا لا أرى أن ما حدث علامة عدم قبول أو غضب كما تقول، بالعكس إنها علامة على أن الله يريدك فعلا، وإلا ما دبر لك ما يفيقك مما أنت فيه، فكل ماحدث لم يحدث إلا لتستفيق، و لتراجع نفسك فى إخلاصك مع الله.

وأخيرا ليس لى إلا أن أذكرك و نفسى بالحديث الشريف: ( لولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله، لخلق الله خلقا لكى يذنبوا ثم يستغفروا فيغفر الله لهم،ان المؤمن مفتن تواب)، و تفكر فى قوله تعالى ( ان الله يحب التوابين) البقرة 222، لتعرف أن كلنا خطائون، وإلا ماتكررت توبتنا و استحققنا لفظ (توابون) أى كثيرى التوبة على كثير أخطائهم.

لعلك استوعبت الدرس، و فهمت أن كل ماحدث ليس إلا تصحيح مسار، و ردا إلى الله، و مزيدا من القرب منه، و لكن بشكل أكثر صدقا هذه المرة.

الصفحة الرسمية للدكتورة هبة يس على الفيس بوك:
Dr. Heba Yassin








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة