دليلك لفهم ما جرى فى "الدقى والعجوزة" الدائرة التى أغضبت ثوار يناير.. أحمد مرتضى منصور فاز بـ"الصوت العالى والصفافير".. ومتطرفو الثورة انتقدوا الشوبكى ثم خسر الانتخابات فبكوا عليه

الخميس، 29 أكتوبر 2015 08:52 م
دليلك لفهم ما جرى فى "الدقى والعجوزة" الدائرة التى أغضبت ثوار يناير.. أحمد مرتضى منصور فاز بـ"الصوت العالى والصفافير".. ومتطرفو الثورة انتقدوا الشوبكى ثم خسر الانتخابات فبكوا عليه أحمد مرتضى منصور نائب دائرة الدقى والعجوزة
كتبت سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يخطئ من يظن أن دائرة الدقى والعجوزة هى تلك المناطق الراقية والأحياء الأرستقراطية، ولا يعرف أن مناطق أرض اللواء وميت عقبة وبين السرايات والحوتية ضمن نطاق الدائرة التى تمتد إلى محيط جامعة القاهرة، بما يعنى أن الصورة العامة المرسومة فى أذهان الناس عن الدائرة غير دقيق، فهى أن كانت بمناطقها الراقية تمثل الطبقة المتوسطة أو الشريحة العليا فيها بما يعكسه ذلك من مستويات عليا فى التعليم والوعى، لكنها فى الوقت نفسه تضم قطاعات أوسع من سكان المناطق الشعبية.

لماذا غضب ثوار يناير؟


أغضبت دائرة الدقى والعجوزة جماهير ثورة يناير، وكانت الدائرة الأكثر إثارة للجدل نظرًا لسخونة المعركة الانتخابية فيها بين شخصيات عامة ونجوم ومشاهير، مما لفت نظر الإعلام والرأى العام لها، وزادت حدة الاستقطاب حين تمكن الصحفى عبد الرحيم على الذى يجهر بعدائه للثورة من قنص المقعد الأول فى الجولة الأولى، ثم دخلنا مرحلة الإعادة بين أحمد مرتضى منصور والدكتور عمرو الشوبكى.

كنت مكلفة بتغطية الانتخابات فى تلك الدائرة فى جولة الإعادة، ولأننى من سكانها أيضًا فإن بعض الملاحظات التى سجلتها كصحفية خلال مرورى على لجان الاقتراع طوال يومين قد تضىء الرؤية لمن تفاجأ بفوز أحمد مرتضى منصور وأغضبه ذلك الفوز ولكنه لم يتابع المعركة منذ بدايتها.

معركة مندوبى المرشحين


بدأت عملى صباح الثلاثاء بمتابعة فتح لجان الاقتراع بمدرسة الشهيد عامر عبد المقصود بشارع التحرير، كانت المدرسة مكتظة بمندوبى ووكلاء المرشحين، سألنى أحدهم إن كنت مندوبة لأى من الاثنين، فأشهرت تصريح اللجنة العليا للانتخابات الذى كتب عليه "صحافة"، سألت مندوبى المرشحين عن انتماءاتهم، كان غالبيتهم من مندوبى أحمد مرتضى منصور، ثم عرفت أن مرشح المصريين الأحرار قد أوكل مندوبًا لكل صندوق بما يعنى أنهم ثلاثة على الأقل فى كل مقر انتخابى، إن لم يكن أكثر.

مندوبو أحمد مرتضى منصور، يتشابهون فى عدة سمات أهمها صغر السن، معظم أعمار المندوبين تقل عن الثلاثين عامًا، ويرتدى بعض منهم ملابس رياضية ويناديه أصدقاؤه بالكابتن، حتى إن معظم هؤلاء الشباب الصغير قد ابتكر تقليعة غريبة ومميزة فى شعره وهى مجرد ملاحظة لا يمكن تعميمها، أما شباب حملة عمرو الشوبكى كانوا الأكبر عمرًا ومعظمهم من المحامين حتى أن الحملة شكلت لجنة قانونية من بين مندوبيها، وكانت الانتهاكات التى ترتكب أمام اللجان مثل توزيع أوراق دعائية للمرشح الآخر أو تعليق لافتات تشغلهم بشكل كبير يدونون الملاحظات، يبلغون القضاة عن الانتهاكات، ويحاولون تجنب الاشتباك مع مندوبى المرشح الآخر.

ميت عقبة.. مرتضى يربح والشوبكى يغيب


بعدها بساعات، قررت المرور على لجان ميت عقبة ومحيط نادى الزمالك، منطقة تمركز أنصار أحمد مرتضى منصور، وكانت اللجان هناك أكثر سخونة، بمرورى أمام مدرسة ميت عقبة الابتدائية الواقعة فى شارع السودان، لاحظت أن عددًا كبيرًا من مندوبى أحمد مرتضى منصور يقفون أمام اللجنة، يجتذبون جيرانهم ومعارفهم من المناطق القريبة ويحشدون الناخبين للتصويت، كانوا الأعلى صوتًا والأكثر عددًا بالشكل الذى يوحى بعدم وجود مرشح منافس فى تلك المنطقة، حتى أن معظم الناخبات فى تلك اللجنة من سيدات المناطق الشعبية اللاتى يرتدين العباءات السوداء ويلوحن بأيديهن للشباب الواقف على باب اللجنة ويؤكدن على دعمهن للكابتن أحمد.

توغلت فى المنطقة إلى أبعد من ذلك، ذهبت إلى مجمع مدارس فى ميت عقبة كان من ضمنه مدرسة الوفاء التى أدلى فيها أحمد مرتضى منصور بصوته، كنت أتجول داخل المدرسة وأراقب المشهد حتى سمعت صوت مشجعى كرة القدم وصافراتهم وتصفيقهم يأتى من بعيد، علمت أن "الكابتن أحمد" قد حضر للإدلاء بصوته محاطًا بما لا يقل عن خمسين شابًا من صغار السن حاولوا دخول اللجنة معه ثم منعتهم قوات التأمين وأشهرت فى وجههم الحواجز البلاستيكية، ونظر لهم المرشح وقال "الالتزام واتباع التعليمات" فصمتوا بإشارة من يده وابتعدوا عن محيط اللجنة التى دخلها محاطًا بعدد أقل من الشباب الداعم له.

أدلى منصور بصوته، والتقط صورًا تذكارية مع الناخبين فى اللجنة، واستخدم خطابًا شعبويًا قال "أنا ابن المنطقة وأنتوا ولاد بلدى، قابلته النساء بالزغاريد وطلبت منه إحداهن أن يتواجد فى الدائرة بعد النجاح فوعدها أن يفعل، وقبل رأس طفلها الصغير".

خرجت من المنطقة، وأنا أتساءل عن مندوبى عمرو الشوبكى فلم أجد لهم أثرًا، فى اللجان الفرعية بميت عقبة لا صوت يعلو فوق صوت مرتضى منصور ونجله ومشجعى نادى الزمالك.

لجنة جمال عبد الناصر.. النخبة تنتصر للشوبكى


عدت إلى الدقى مرة أخرى، ومررت بمدرسة جمال عبد الناصر الإعدادية بشارع الثورة، كان معظم الناخبين من مستويات اجتماعية واقتصادية أعلى من ناخبى ميت عقبة، ولأن الصحفى لا يستطيع أن يتنبأ بالنتيجة، ولكنه يستطلع الأجواء فقط، فإن وجوه مندوبى عمرو الشوبكى فى تلك اللجنة كانت توحى أن كل الأمور على ما يرام رغم استمرار شكواهم من التجاوزات، وبالفعل حصل الشوبكى على أصوات أعلى من أحمد مرتضى فى هذا المقر الانتخابى.

فى اليوم الثانى، تجولت فى لجان أرض اللواء وشارع السودان، وقبل أن أذهب حذرنى الكثير من المندوبين من خطورة العمل كصحفية فى تلك المنطقة، وبالتحديد من سيدة شهيرة يخشاها القاصى والدانى هناك قد تمنع وسائل الإعلام من تصوير ما لا يروق لها، وما لا يعجب المرشح الذى تدافع عنه.

أرض اللواء.. شائعات ومخاوف وزغاريد


فى أرض اللواء، لا يختلف الناخبون كثيرًا عن ناخبى ميت عقبة، السيدات يرتدين العباءات السوداء والرجال الأكبر عمرًا والأقل فى المستوى الاجتماعى والاقتصادى، يمكنك أن تسمع سيدة تزغرد داخل اللجنة ثم تخرج لتدعو لمصر التى لن تصبح مثل سوريا والعراق وللأستاذ توفيق عكاشة الذى علمها السياسة، وللمرشح الذى صوتت له لأنه وطنى ولم يبع البلد.

ستسمع أيضًا إلى قصص وروايات وأقاويل عن مرشح تم تشويهه عمدًا أثناء الانتخابات وتدرك ما يفعله الإعلام فى عقول المصريين، وكيف تطلق الاتهامات الجزافية وكيف تُصدق ويتداولها الناس.

اللافت أن طوال اليومين لم يظهر عمرو الشوبكى فى اللجان نهائيًا بل جاء أخوه الذى يشبهه تمامًا، ولا أعرف إن كان قد مر على لجان لم يتصادف مرورى فيها أم لا، ولكننى لاحظت أن الناخبين يسألون عنه، ويميلون لمن يعتبرونه أقرب وأكثر تواجدًا، بل أن أحمد مرتضى ظهر مرتين فى اليوم الثانى، وتعرف على مندوبيه داخل اللجان، رغم أنه حرر توكيلات لهم، كان يؤكد للقضاة على نزاهة الانتخابات حتى وإن لم يكن له مندوب فى اللجنة، فى تلك اللحظة يظهر دائمًا من يؤكد للمرشح أنه مندوبه.

ورغم كل هذه المشاهدات التى كانت تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن أحمد مرتضى منصور هو المرشح الفائز إلا أن الفارق الضئيل بين أصوات كل منهما (700 صوت لصالح أحمد مرتضى)، تؤكد سخونة المعركة وأن مؤيدى عمرو الشوبكى كانوا كثيرى العدد، منخفضى الصوت، يعملون فى صمت ولا يبين لهم أثرًا.

مرتضى يلخص: 30 يونيو انتصرت على 25 يناير


حصد عمرو الشوبكى الكثير من الأصوات التى منحت له انتقامًا من المرشح الآخر، إلا أن سهام الاتهامات نالته من متطرفى المعسكرين.

لم يعجب متطرفو ثورة يناير ولم يرض المغالون فى كراهيتها والانتقام منها، فخسر المقعد ولخص مرتضى منصور المعركة كلها حين قال فور إعلان الفوز "انتصرت ثورة 30 يونيو على 25 يناير".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة