مجدى الزغبى يكتب: وتمر السنوات وتبقى الذكريات

الثلاثاء، 06 أكتوبر 2015 04:00 م
مجدى الزغبى يكتب: وتمر السنوات وتبقى الذكريات الكلية الحربية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كعادتى التى تعودت عليها منذ دخولى للكلية الحربية، والتى قد تؤرقنى فى بعض الأحيان وتُسعدنى فى بعضها وهى الاستيقاظ مبكراً، فهى تجلب لى المشاكل مع أبنائى فى كثير من الأوقات وتبدأ بالكلمات السخيفة مثل اطفى النور ياعم الحاج ومثل هو فى حد بيصحى دلوقتى والأهم بقى الطلبات ابقى هات فطار معاك وأنت راجع وشوف الواد غسل العربية ولا مغسلهاش ولكن لعادتى ولمقاومة مرض القلب اللعين عشقت الخروج مبكراً والسير لمسافات طويله وبمجرد نزولى وخروجى من بوابة العماره لمحت على مقربه احد قادتى السابقين والذى تخرجت وعملت تحت قيادتهم ولأنى اعرف أن الحديث سيدور عن حرب اكتوبر وهذا الكلام الذى نستمع إليه من سنوات قاربت على النصف قرن منهم بداياتى وأنا خريج جديد وكان يستفرد بى انا والضباط دفعتى فى الملجأ الذى نعيش فيه على لمبة الجاز ويحكى لنا عن بطولاته وغزواته وكيف كان يقتحم دشم العدو وهو لم يتعدى سنه ال 22 عاماً وكانت الحكاية تبدأ من اول لحظه عرف فيها انه سيخوض الحرب وكيف امتزج شعور الخوف والفخر معاً وللأمانة كانت صراحته ممتعة ولكنى لم اكن اتقبلها اثناء الخدمه فى الجيش لآن فى الصباح عندى عمل طويل من صرف التعيينات للجنود لمراجعة خطط العمليات للمرور على الخدمات وللتجهيز للرماية الليلية يالها من أيام ولكنى لا استطيع أن ارفض الاستماع إلى حكاياته فأنا التلميذ وهو الأستاذ ولكن عندما قابلته بعد هذه السنوات وحاولت ( الزوغان) حتى استطيع السير قبل أن تشتد حرارة الجو ولكنى وجدته كالصقر يُنادى بصوته الحاد رايح فين يا حضرة الضابط على الصبح فابتسمت ورضخت لمصيرى الحتمى وبادرت بقولى صباح الفل يا سيادة اللواء فرد بنره حزينه انت لسه فاكر خلاص بقى اتناسينا وبقينا معاشات وداهمنى على الفور انت فاكر يا واد لما جيت لنا الكتيبة وكنت كتكوت كده ومستحمى وفاكر أن الظابط مجرد بدله ونجمه على كتفه وبسرعة البرق تحول الحديث ده انا لما اتخرجت فى سنك خرجت على الحرب على طول وبدأ يسرد ما سمعته من 40 عاماً ولكن اقول لكم الحقيقة بعد ثوانى من الحديث شعرت اننى اسمعه لأول مره كان حديثه شيقاً ممتعاً رائعاً وأجمل ما فيه أنه حقيقى لم يدع الوطنية بل كان فى الميدان كان من الممكن أن يُستشهد فى اى لحظه ولكنه كان يدرك من اول يوم لدخوله هذا الصرح العظيم أن هذه هى حياته فهو خُلق ليحمى بلده ولكن ما جذبنى فى حديثه رغم سماعى لهذه الحكاية مئات المرات هو حديثه عن الآسرى الذى اسرهم هو وزملائه وكيف اتصل بقائده الأعلى ليُبلغه بأنه قام بأسر 4 افراد استطلاع للعدو وأنه ربطهم من ايديهم وأرجلهم وسيأتى بهم زاحفين وكان الدرس الذى لا ينساه من قائده الضابط المصرى المحترم الخلوق الذى تعلم من دينه وعمله كل القيم فك قيودهم وعاملهم بكل رجولة مع احتفاظك بمسئولية تأمينهم وعدم هروبهم وقدم لهم الطعام والشراب وسأرسل لك سيارة لنسلمهم للقيادة العليا هذه هى التعليمات ومع شدة الحرب كانت الكلمتان الأخيرتان لقائده نحن لا ننتقم من اسير اصبح تحت سيطرتنا وكان يحكى لى عن قائد الكتيبه الذى يخرج فى عز الحرب بأوفرول مكوى وحذاء يلمع وذقن محلوقه فى وقت كان الطيران يضرب والمدفعية تقصف والبندقية الآليه نُسميها سلاح خفيف ولكنه لم ينسى هيبة القائد وتميزه وقدوته للآخرين لا يأكل إلا بعد جنوده ولايسير خلفهم بل امامهم قوى فى قراراته صارم فى اداؤه واضح فى كلماته كانت كل قراراته تبدأ بكلمتين ( مُستعيناً بالله وبعزيمة الرجال) هذه هى الدروس التى نتعلمها بعد كل هذه السنوات هؤلاء هم القادة الذين علمونا كيف نكون اقوياء ولكن رحماء كيف نكون عظماء ولكن متواضعين ولم انسى وهو يُعلمنى درساً احكيه فى كل مكان عندما قابلته فى مرور القوات المسلحة وهو يقف فى الطابور ينتظر دوره رغم ماله من مميزات السن والرتبة والحالة الصحية وعندما عرضنا عليه التقدم فى المكان رفض واقسم لكم نزل عقيد من الشرطة العسكرية ليطلب منه أن تنتهى إجراءاته وهو جالس فى مكانه ورفض بشدة وقال له بالنظام حاربنا وانتصرنا وبالنظام ننهى إجراءاتنا هكذا تعلمنا منهم فى السلم وتعلمنا منهم فى الحرب هؤلاء هم القادة هذه الدروس هى ليست كلمات ولكنها الدرس الذى يؤكد أن للنصر مقومات وأن الانتصار ليس فقط بالذخيرة والسلاح بل بالعقيدة والكفاح بمنتهى الأمانة كنت فى منتهى السعادة وأنا استمع لحديث الذكريات ولم اغادر إلا عندما قابل شخص أخر وقال له انا كنت بأحكى لمجدى اخويا عن اكتوبر وبدأ القصه من البداية وساعتها قلت ( لا) حرام بقى لكن للآمانه وللتاريخ من حقهم أن يحكوا ويحكوا ويحكوا وليس المهم أن نستمع فقط ولكن الأهم أن نتعلم منهم ما علمه لهم الكبار فهكذا انتصرنا والمؤكد أن هكذا ايضاً سننتصر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة