حسن زايد يكتب: المواجهة الشعبية للإرهاب

الثلاثاء، 10 مارس 2015 10:07 ص
حسن زايد يكتب: المواجهة الشعبية للإرهاب انفجار قنبلة الإسعاف ـ أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى اللقاء التلفزيونى بقناة القنال، فى برنامج صباح المحروسة، الذى تقدمه الإعلامية المتألقة الأستاذه نهى عبد الوهاب، سألتنى : " هل يعد الحل الأمنى كافياً للقضاء على الإرهاب ؟ .

وماذا نفعل مع الناس المتواجدين فى المنطقة الرمادية، ويبدون تعاطفاً مع الإخوان ؟ " .

قلت فى معرض الإجابة أن الحل الأمنى وحده ليس كافياً، وإن كان لازماً .

أما عن كونه ليس كافياً، فلأن الإرهاب ليس إرهاباً إجرامياً فحسب، وإنما هناك أوجه أخرى للإرهاب، منها الإرهاب الفكرى، والإرهاب النفسى، والإرهاب الإجتماعى .

فإن كان الأمن مؤهلاً لمواجهة الإرهاب الإجرامى، أى على مستوى النشاط الإجرامى، فإنه غير مؤهل للتعامل مع الأوجه الأخرى له .

بل إن الأداء الأمنى على مستوى النشاط الإجرامى لا يرقى لمستوى المواجهة الشاملة لعدة أسباب منها : أن النشاط الإرهابى يتم مباشرته من خلال خلايا عنقودية منتشرة على امتداد القطر المصرى، كما أنه تجرى مباشرته على نحو فردى أو ثنائى فى موقع الحدث، وبالقطع ليس من المتصور وجود قوات تكفى للإنتشار على اتساع هذه المساحة الهائلة، وتغطية حركات وسكنات شعب تعداده تجاوز التسعين مليوناً.

وأن هذا النشاط يتم فى إطار سلبية مجتمعية شاملة ـ على المستوى الفردى والجماعى ـ فى مواجهة هذه المخاطر، حيث تنعدم الملاحظة، أو الإدراك، للنشاط الإرهابى، والمبادرة بالتصرف الإيجابى الذى يحول دون وقوع هذه الحوادث .

هذا فضلاً عن القصور الحاد فى المعلومات اللازمة المتوفرة عن النشاط الإرهابى أو الإجرامى .

وهذا القصور يعود إلى سببين : الأول ـ عدم تعاون المواطن المصرى فى هذا المجال، ومرده إلى الإستحرام، أو الخوف، أو عدم الإكتراث .

الثانى : انهيار جهاز مباحث أمن الدولة ـ الأمن الوطنى حالياً ـ فى أعقاب ثورة 25 يناير، حيث تمت مهاجمته أبنيته بطول البلاد وعرضها، وإقتحامها، ونهب وتخريب محتوياتها، وإتلاف أجهزتها وملفاتها.

وهذا الجهاز يمثل ذاكرة الأمة لكافة الأنشطة الإرهابية والإجرامية، الفائتة والحالية والمحتملة، على اعتبار وجود سيرة ذاتية تبين الجنوح الإجرامى لأعضاء الجماعات الممارسة للإرهاب على المستوى الفكرى والإجتماعى والإقتصادى والإجرامى .

ووجود هذه الملفات كان ييسر عملية التتبع اللازمة للوصول إلى الإرهابى أو الإرهابى المحتمل . والقول بوجود قصور أمنى فى الآداء اللازم لماجهة الإرهاب ليس كلاماً فى الفراغ، فما دام المجرم لا يزال يمتلك القدرة على التخطيط والتنظيم والتنيسق والتوجيه والتنفيذ دون أن يتم اكتشافه، فلا ريب أن هذا يعد قصوراً، لابد من الإعتراف به كخطوة مبدئية لنجاح المواجهة.

أما عن المجتمع فإنه يجرى تقسيمة وفقاً لاستراتيجية المواجهة إلى ثلاثة شرائح بغض النظر عن حجمها، أو وزنها النوعى، هى : الشريحة البيضاء وهى تلك الشريحة التى تنتمى للنظام القائم حالياً، تأييداً، ومساندة، وتفاعلاً .

والشريحة السوداء وهى تلك الشريحة التى تعمل ضد النظام الحالى، وتنتمى تأييداً، ومساندة، وتفاعلاً للنظام السابق، وهى تلك الشريحة التى قررت مواجهة النظام وأدواته، ومواجهة المجتمع، بكافة الوسائل المتاحة، مشروعة وغير مشروعة، بما فى ذلك القتل والتخريب والتفخيخ والتفجير والإرعاب والإرهاب بكافة صوره واشكاله، بزعم الدفاع عن الشرعية والشريعة المتوهمة، وهم فى الحقيقة يسعون إلى تقويض أركان الدولة، وهدم مؤسساتها، وتفكيك المجتمع، وتقطيع أواصر ترابطه.

ثم تجدهم يلصقون ما يفعلون بأجهوة الدولة، بزعم اتخاذ هذه الأفعال ذريعة للنيل منهم، والقضاء عليهم لتلبيس الأمر على العوام . والشريحة الثالثة هى تلك الشريحة التى لا تنتمى لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، وهى شريحة المنطقة الرمادية.

وشريحة المنطقة الرمادية هى تلك التى لم تحدد موقفها بعد، وإن كانت تميل إلى التعاطف مع الجماعات الإرهابية، تحت تأثير الخطاب الدينى، المصدر إليها من هذه الجماعات .

أى أن تعاطفها مع هذه الجماعات منطلقة دينياً محضاً، دون الوقوف على حقيقة مدى التزام هذه الجماعات بالدين .

ومن هنا تأتى الإجابة على السؤال، أن الحل الأمنى وحده لا يكفى، خاصة مع هذه الشريحة المتعاطفة، بل إن الحل الأمنى معها قد يأتى بالضرورة بنتائج عكسية، إذ يدفع بمفردات هذه الشريحة إلى الشريحة السوداء دفعاً .

ولذا فليس من المقبول ـ أو المرغوب فيه ـ انفراد الأمن ـ بفرض قدرته على ذلك ـ بالمواجهة مع الإرهاب، إذ يتعين دخول مؤسسات الدولة الأخرى على الخط، واستخدام ذات الأسلوب الذى تلتجيء إليه هذه الجماعات فى جذب أفراد هذه الشريحة، وهو اللعب على وتر الشعور الدينى، ومواجهة الفكر بالفكر، والحجة بالحجة، وتفنيد الحجج والأسانيد التى تمثل مقوم شرعيتهم الدينية .

ولا شك أن البيان الصحيح للدين سيكشف سوءة هذه الجماعات ويعريها تحت شمس الفكر، بدلاً من اللعب فى الظلام .

هذا بخلاف إشباع حاجة ضرورية لدى أفراد هذه الشريحة فى الولوج إلى الدين الصحيح برفق، بدلاً من انجذابهم تجاه التدين المغشوش الذى تروج له هذه الجماعات .

ومحاولة خلق الدافعية الدينية لمواجهة هذا الفساد والإفساد الذى يمثل خطراً داهماً على الدولة ومؤسساتها وكيان المجتمع ككل، وقيادة المجتمع إلى مواجهة شعبية للإرهاب .














مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة