"افتح قلبك مع د.هبة يس"... حام حول الحمى

الخميس، 05 مارس 2015 01:07 م
"افتح قلبك مع د.هبة يس"... حام حول الحمى هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسل (ى) إلى افتح قلبك يقول:

أنا شاب فى الثلاثينيات من عمرى، كنت متزوجًا حتى عام مضى، ولى طفلان أكبرهما فى الخامسة من عمره، الموضوع باختصار هو أننى اكتشفت أن زوجتى كانت على علاقة بأحد أصدقائى، الذى كان يزورنا ويدخل بيتنا هو وزوجته كل أسبوع تقريبًا.

العلاقة لم تتخط كونها علاقة تليفونية وإلكترونية، أى أنهما لم يكن بينهما لقاءات أو أكثر، لكنهما كانا فى حوار متواصل طالما أنا كنت غير موجود بكل أسف، طبعًا صدمت عندما عرفت، وشعرت بحقارة حرمى المصون وصديقى الوفى، وكانت النتيجة أننى طلقتها، وكان هذا منذ عام تقريبًا.

لا أخفيكى سرًا تعبت جدًا أنا وأولادى خلال هذا العام، فبالرغم من أن والدتى هى التى تقوم برعايتنا جميعًا، وهى لا تدخر جهدًا أبدًا فى توفير كل سبل الراحة والسعادة لى ولأطفالى، إلا أنها كانت فترة عصيبة بكل المقاييس، ولعل أصعب ما فيها إحساسى القاسى بأننى كنت عفوًا (مغفل)، وأننى كنت أنا من أحضره فى بيتى ليراها وتراه.. إحساس مر إلى أقصى درجة، وللأسف لم يختف، ولم يشف غليلى حتى بعد طلاقها، فأنا لا أستطيع أن أتخيل كيف استطاعا أن يخونا الأمانة إلى هذه الدرجة.

بعد الطلاق ببضعة شهور بدأت زوجتى فى عمل مساع للرجوع، كنت أرفض بشكل قاطع فى البداية، وكنت سعيدًا بأننى أعذبها وأجعلها تتألم علها تندم على جعلى أتألم أنا أيضًا، لكنى وبعد فترة بدأت أفكر فى الأمر، فكل الأطراف خاسرة فى هذا الوضع، فلا أطفالى سعداء، ولا أنا أشعر بأى راحة سواء مادية أو معنوية.

كما أنه على ما يبدو أنها عقلت ذنبها وندمت عليه، وفهمت حجم العذاب والألم فى الحياة بعيدًا عن بيتها وأولادها، لهذا أفكر جديًا فى ردها، لكنى غير مطمئن، وغير متأكد من صحة تفكيرى هذا، وما زاد حيرتى أن من حولى منقسمون أيضًا، فمنهم من يشجعنى على التسامح والرجوع، ومنهم من يؤكد لى أنها غلطة لا تغتفر، والأسوأ من ذلك أنها قابلة للتكرار، الشىء الذى لا أعرف كيف سيكون رد فعلى تجاهه إن حدث بالفعل.

ماذا أفعل؟، هل أردها فعلاً، أم أن الصواب فى معاقبتها على فعلتها لبقية حياتها؟، والسؤال الأهم هو كيف أضمن عدم تكرار ما حدث مرة أخرى؟.

وإليك أقول:


موقف صعب بكل تأكيد، وجارح، ومؤلم لأى شريك حياة، وبالذات للرجل الشرقى الذى اعتاد ألا يغفر مثل هذه الأخطاء، أنا أتفهم ذلك تمامًا، لهذا فأنا أقدر حجم الغضب الذى فى صدرك، وأقدر حيرتك وتخبطك فى اتخاذ القرار الصحيح، ولكن..

دعنا نفكر بهدوء، ماذا لو كنت أنت فى مكانها؟، ألن تطلب السماح، ألن ترجو العفو؟، ألن تحلم بفرصة أخرى تصلح فيها من موقفك، وتغير فيها من وضعك؟، ستقول لى إن الوضع مختلف، وإن الرجل رجل والمرأة مرأة، سأقول لك نعم ولكن هذا فى شرع عاداتنا وتقاليدنا نحن فقط، لكن الأصوب والأصح وهو شرع الله الحكم العدل، الذى لا يفرق بين رجل وامرأة بهذا الخصوص، فهو تناول نفس الأحكام والعقوبات بالنسبة للرجل والمرأة إذا فعلا ما هو أكبر وأشنع وأفظع مما ارتكبته زوجتك، وهو الزنا عافاك الله وإيانا، فلماذا نغمض أعيننا عن هذا ونقرر نحن كبشر أن المرأة إذا أخطأت علينا الحكم عليها بالإعدام، فى حين أنه يجب علينا أن نمنح الرجل دائما عذره، وأن نسمح له فورًا بفرصة أخرى؟.
سيدى يعلم الله أنى لا أقول هذا من باب الدفاع عن زوجتك لأنها امرأة مثلى -كما سيعتقد البعض طبعًا- ولكنى أحاول أن أكون منصفة قدر استطاعتى، فمعيار قبول توبة أى إنسان -رجل أو امرأة- هو ندمه على فعلته وعدوله عنها، فإن كنت تلمس هذا فى زوجتك فلماذا إذن تصر على عدم قبول التوبة التى يقبلها الله نفسه جل وجل؟.

صل صلاة استخارة ثم استفتى قلبك، فإن كان إحساسك يخبرك بأن طليقتك صادقة فى ندمها على ما فعلت، فردها رحمة بها وبنفسك وبأولادك، فجميعنا يعرف أنه لا يمكن أبدًا أن تستقيم الحياة فى حالة انفصال الأبوين، مهما حاولنا، ومهما توفرت سبل الراحة والرفاهية، ولا تسمع لمن يحاول أن (يكبرها فى دماغك) وينفخ فيك باستمرار، ويقول إنها غلطة لا تغتفر، فمن منا نحن البشر يستطيع أن يحكم على غيره بمثل هذا الحكم؟.

أما عن سؤالك الثانى، وهو كيف لك أن تضمن عدم تكرار ما حدث مرة أخرى؟، سأقول لك أن الضامن الوحيد هو أن تسير أنت وبيتك كما أراد الله، حتى يحميكما -وهو وحده القادر على ذلك- من الزلل من الآن فصاعدًا، فأنا وسامحنى أعتب عليك أنت أيضًا فيما حدث -كما كنت سأعتب على أى زوجة يخونها زوجها مع صديقتها- فلا مانع من الصداقات والاجتماعيات والمجاملات، لكن فى حدود وبضوابط، لأنه من المؤكد أن التقارب بين أسرتك أنت وصديقك هذا كان أكثر وأقوى من اللازم، فمن الممكن أن تكون علاقتك قوية بصديقك، لكن ليس بزوجته، كذلك العكس، فزوجتك تقوى علاقتها بزوجته، لا هو نفسه، فالاختلاط المفتوح والثقة المفرطة هما السبب فى مشكلتك ومشكلة أغلب حالات الخيانة ولا شك، فهو أمر ملاحظ وليس افتراضى أو خيالى.

عندما يتحدث أحدنا عن الاختلاط (الخاطئ)، وعن مشاكله وعيوبه، يسخر منه الناس، ويتهمونه بالتخلف والرجعية، ولكنى كما أرى بعينيى يومًا بعد يوم أؤكد لك أنه كما قال الرسول الكريم: (ألا وإن حمى الله معاصيه، فمن حام حول الحمى يوشك أن يواقعه)، أى يقع فيها ويختلط بها، وأنت وزوجتك فعلتما ذلك، قد لا تكونا نويتما المعصية فى البداية، ولكنكما اقتربتا منها بفتح الباب لها، تمامًا كمن حام حول الحمى، فكان من الطبيعى أن يقع أحدكما فيها، وأحمد الله أن الأمر لم يتطور لما هو أكبر من هذا كما يحدث فى كثير من الأحيان كما أرى على أرض الواقع بكل أسف.

نحن دائما لا نملك إلا أنفسنا، ولا نستطيع التحكم سوى فى تصرفاتنا نحن، لهذا فلا شىء يؤكد لك عدم تكرار ما حدث لأنك لن تتحكم فى تصرفات زوجتك، الشىء الوحيد الذى سيبعث الطمأنينة فى نفسك هو أن تراعى أنت ربك فى نفسك، بألا تقترب أنت شخصيًا من امرأة أخرى أيًا كانت، وألا تسمح لأى امرأة أيضًا لأن تقترب هى منك، وألا تسمح بحدوث الاقتراب الزائد مرة أخرى فى بيتك كما قلنا سابقًا.

وأخيرًا أريد أن أبشرك أنه أحيانًا كثيرة لا تنصلح الحياة ولا يتغير الإنسان إلى الأفضل إلا بعد عثرة شديدة، كتلك التى حدثت فى حياتك أنت وزوجتك، فمن الممكن جدًا أن تكون زلة زوجتك تلك هى نفسها السبب فى أن تصبح زوجة وأما أفضل فيما بعد، بعد أن ذاقت وجربت بنفسها ألا شىء يعدل دفء بيتها وزوجها وأولادها.

الصفحة الرسمية للدكتورة هبة يس على فيس بوك: Dr.Heba Yassin








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة