فى المدارس المستهدفة بالتفجيرات.. حضر الأهالى وغاب الأمن.. «اليوم السابع» يزور 10مدارس فى 4 محافظات تم استهدافها بقنابل بدائية الصنع.. ويكشف: المدارس بلا احتياطات أمنية.. والرعب يسيطر على المواطنين

السبت، 25 أبريل 2015 12:35 م
فى المدارس المستهدفة بالتفجيرات.. حضر الأهالى وغاب الأمن.. «اليوم السابع» يزور 10مدارس فى 4 محافظات تم استهدافها بقنابل بدائية الصنع.. ويكشف: المدارس بلا احتياطات أمنية.. والرعب يسيطر على المواطنين المدارس
تحقيق إيمان الوراقى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن العدد اليومى...



والد الشهيدة «منة»: «أولادنا بطلوا يروحوا المدرسة ومافيش أمن ولا حاجة»



مدير مدرسة الشهيدة: الشرطة لم توفر الأمن.. وسنجمع أمولًا لتوفير حارس خاص



المشهد يتكرر، يتغير المكان، تختلف الطريقة، وتبقى النتيجة واحدة، تلميذ مقتول، ومَدرسة مُروّعة، وأهالى يحسمون المسألة، إما بمنع أبنائهم من الذهاب لتلقى دروسهم، أو ملازمتهم ذهابًا وإيابًا، تاركين أعمالهم خلفهم.. إنها الآثار المترتبة على تفجير أو إلقاء قنبلة بدائية الصنع أمام مدرسة ما، يتعثر فيها تلميذ خذله حظه يومًا، كما حدث للشهيدة منة الله، صاحبة السنوات العشر، والمقتولة غدرًا بقنبلة بدائية الصنع وجدتها بجوار مدرستها.

خطة تأمين 50 ألف مدرسة على مستوى الجمهورية كلام على ورق


وزير التعليم محب الرافعى، ومن قبله محمود أبوالنصر صرحا بأن لديهما خطة متكاملة منذ العام الماضى لتأمين 50 ألف مدرسة على مستوى الجمهورية، تشتمل- بجانب التأمين من الجهات الأمنية- تأمينًا من مسؤولى المدارس نفسها، وذلك عن طريق توفير الحراسة للمدارس والمرور اليومى بمعدل مرتين، صباحًا ومساء، على الفصول، وعلى الأسوار خوفًا من وجود أجسام غريبة أو قنابل.

لكن التصريحات الوزارية السابقة لم يتم تطبيقها، بدليل ما شهدته أكثر من 30 مدرسة تعرضت للتفجير خلال الأشهر الماضية، زارت منها «اليوم السابع» 10 مدارس بأربع محافظات، هى القليوبية، والجيزة، والقاهرة، والفيوم، لرصد الضوابط والإجراءات الأمنية المتخذة لتأمين التلاميذ، خاصة أن بعضها تكرر مهاجمتها، كمدرسة أحمد عرابى الابتدائية.

المؤسف أن الإجراءات الأمنية لم تتعدَ تغيير «كارتونة» القمامة بسلة مهملات، وهو ما برره أحد مديرى تلك المدارس بقوله "لأننا هنقدر نشوف القنبلة من الاخرام اللى فيها".

وشملت جولة «اليوم السابع» مدارس أحمد عرابى فى إمبابة، والشهيدة منة الله واسمها «الحواتم» وتقع فى الفيوم، وسليمان الفارسى التجريبية، وعمرو بن العاص فى محافظة القاهرة، وفى محافظة القليوبية مجمع أبى بكر الصديق، والنيل الإعدادية بنات، والرافعى للتعليم الأساسى، ومجمع مدارس إسكو، ومدرسة الرافعى للتعليم الثانوى، ومدرسة الثانوية الصناعية للتعليم المزدوج.

تأمين فالصو


واقعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.. يوم لن تنساه محافظة الفيوم، منزل طفلة لم تعرف عن قطع الحديد المُلقى بجوار مدرستها أكثر من أنه لعبة، أو ثروة صغيرة، ربما تساوى جنيهًا من مشترى «الروبابيكيا» ليتضح أنه قنبلة بدائية الصنع تكتب نهايتها بسطور من دماء.

لم يكن موت الطفلة منة الله، تلميذة الصف الرابع بمدرسة الحواتم، كافيًا ليتعظ المسؤولون، فحتى الآن لم يؤخذ الأمر على محمل الجد، حيث لا حارس أمن يوجد فترة اليوم الدراسى، كما لا توجد مراقبة يقوم بها أى مسؤول داخل المدرسة، أو زيادة لارتفاعات أسوار المدرسة على سبيل المثال.

يشكو مصطفى عشرى، عم الشهيدة، قائلًا: «لم يتغير شىء، فمنعنا أبناءنا من الذهاب إلى المدارس»، موضحًا: "مازال هناك قصور أمنى، فلا حارس يتفقد أمن المدرسة وما حولها، ولا كاميرا تراقب، ولا توعية، ولا شىء يذكر، ونحن خسرنا ابنة ولا نريد خسارة باقى أبنائنا".

اليوم السابع -4 -2015

ويدلل «عشرى» على إهمال الحى بما حدث مع «منة» من حادث اصطدام قبل وفاتها بأيام على الطريق السريع الذى تطل عليه المدرسة، مما اضطرها إلى أخذ طريق فرعى لتنفجر فيها القنبلة، فيقول: الشهيدة فدت المدرسة جميعها ومع ذلك لم يتغير شىء، ماذا ننتظر؟.. مقتل تلميذ آخر!

وأضاف: ليست هناك مواعيد معينة لخروج التلاميذ من المدرسة، «يوم يشدوا ويوم لا، تقريبا تعليمات بتجليهم من الوزارة، فيشدوا وينظموا الطلاب، ويوم عادى، فيسيبوا العيال براحتهم".

حزن قاتم خيّم على منزل الشهيدة «منة» المكون من مدخل لا يتجاوز ثلاثة أمتار، حُشرت به ماكينة خياطة، وغرفة مهترئة الأساس، بدت من مشهد نوم الأطفال أنها تستخدم كغرفة نوم ولاستقبال الضيوف.

فى زاوية المنزل جلست جدة الشهيدة بعد انخراطها فى نوبة صراخ، وطالبت بشنق المتسببين فى مقتل حفيدتها فى ميدان عام، قائلة: ما الذى فعلته إدارة المدرسة أو المحافظة أو وزارة التربية والتعليم لحماية الطلاب، لا شىء يذكر، لم ينتصروا لمقتل «منة» بحماية زملائها.

يقول محمد حسنين، من أهالى المنطقة، والد أحد التلاميذ: ربما كان من الأجدر بإدارة الحى تنظيف الشارع الذى تطل عليه المدرسة، والمشهور بين الأهالى بأن العاطلين يتعاطون فيه المخدرات ليل نهار أمام الأهالى دون أن يردعهم أحد، مشيرًا إلى أن هناك تقصيرًا من جميع الجهات المسؤولة، سواء وزارة التعليم أو المحافظة.

مدير مدرسة: نقول للطلبة لا تقربوا القمامة أو الأكياس البلاستيكية السوداء


وعن الضوابط الأمنية التى اتخذتها مدرسة الشهيدة، قال محمد جمعة، مدير مدرسة «الشهيدة منة»، «الحواتم» سابقًا: أولًا التوعية بأن نقول للطلبة ألا يقتربوا من القمامة أو الأكياس البلاستيكية السوداء، كما نقوم بتفتيش الطلاب قبل دخولهم إلى فصولهم.

وأكد عزمه على مناقشة الإتيان بحارس أمن خاص فى مجلس الآباء، مقترحًا جمع أموال لدفع تكلفته، لأن ميزانية المدرسة لا تستطيع استيعاب تلك الأموال، نافيًا أن تكون الشرطة قد قامت بتوفير حارس أمنى أو قيام المحافظة بتطهير الشارع الخلفى للمدرسة المكتظ بالقمامة ومتعاطى المخدرات.

لم يختلف الأمر فى قليل أو كثير عن باقى المدارس التى زارتها «اليوم السابع»، بداية من مدرسة عمرو بن العاص ذات الأسوار المنخفضة، ومدرسة النيل الإعدادية بنات، والرافعى للتعليم الثانوى، مرورًا بمدرسة الثانوية الصناعية، وانتهاء بباقى المدارس كسليمان الفارسى، ومجمع إسكو وأبى بكر الصديق.

اقتصرت الإجراءات الأمنية على حارس يجمع توقيعات الزائرين، ورؤية بطاقاتهم الشخصية، بينما تركت أسوار المدرسة المنخفضة بلا حراسة، مع انتشار قمامة ملقاة هنا وهناك.

جميع ما سبق سبّب رعبًا للأهالى مما دفعهم للشكوى، حيث تقول نيفين محمد، والدة طالبة بمجمع أبى بكر الصديق: كيف لنا أن نأمن على أولادنا، والسيارات تركن بعشوائية أمام المدارس، وأسوارها من السهل القفز فوقها، أو إلقاء أى شىء من خلالها داخل المدرسة.

ويستغيث فريد محمدين من أمام مجمع إسكو بوزير التعليم والرئيس عبدالفتاح السيسى، قائلاً: "إحنا مش عارفين ننام ولا نشتغل، مرعوبين على ولادنا، شوفلنا حل يا سيادة الرئيس".

ومن أمام مدرسة أحمد عرابى بإمبابة، ورغم ملاصقة المدرسة لقسم إمبابة ومحكمتها، فإن الهجوم تكرر على المدرسة للمرة الثالثة، مما أثار رعب الأهالى واضطرهم إلى أخذ أبنائهم بأنفسهم، مطالبين بضرورة وضع حد لتلك المهزلة، على حسب وصفهم.

الإرهابيون بيهزروا


«عزيزى الإرهابى إنت جاى تفجر الطلاب ولا جاى تهزر حضرتك».. جملة يتناقلها مدرسو مدرسة الرافعى الابتدائية بمدينة شبرا الخيمة، محافظة القليوبية، وذلك بعد أن فوجئوا بإلقاء «لمبة منورة» ببطارية باعتبارها قنبلة ناسفة، وهو أمر تعاملت معه وسائل الإعلام على أنه حدث، وبسببه أصيب الأهالى بالرعب، احتاطوا منه لمدة اسبوع على الأقل، فمنعوا أبناءهم الطلاب من الذهاب إلى مدارسهم.

اليوم السابع -4 -2015

شىء يدفع للحيرة، يتلقاه جميع من بالمدرسة بالسخرية، ففى حين يصفه المدير بـ«فانوس رمضان»، يقول أحد المدرسين، طلب عدم ذكر اسمه: من لديه شجاعة إيذاء طفل؟، الأمر مثير للشك ولا يدفع إلا إلى الاعتقاد بأن هناك طرفًا آخر غير المتطرفين يشارك فى اللعبة، فما الغرض من ترك لمبة؟

فيما يضيف آخر: حتمًا لا يمكن أن تكون لمبة «منورة» تعمل بالبطارية، موضوعة بكارتونة قاتلة التلاميذ.. لعل الهدف منها هو إثارة الرعب فى نفوسنا.

فيما يدين فهمى وحيد، والد أحد التلاميذ فى المدرسة، عدم وجود احتياطات أمنية، منتقدًا البساطة التى يتعامل بها المسؤولون، قائلاً: حتى إذا ما كانت القنبلة «فشنك»، لابد من أن تأخذ المدرسة احتياطاتها، ففى الوقت الذى لم يُصب أحد من التلاميذ بسوء بعد ستر الله، كانت هناك مدارس قتل طلابها، فإلى متى نحتاج إلى كارثة لنتحرك ونحمى الأولاد؟

بلاغات فشنك


نشرت وسائل الإعلام قيام إرهابيين بوضع قنابل أمام مدارس بعينها، ومن ذلك 6 قنابل هيكلية تم العثور عليها أمام مجمع مدارس إسكو فى شبرا الخيمة، ومدرسة النيل، ومدرسة الرافعى للتعليم الثانوى بالقليوبية، ومدرسة الثانوية الصناعية للتعليم المزدوج.

لكن الأمر اختلف لدى متابعة الأمور عن قرب، فعند النزول الميدانى لتلك المدارس، ارتسمت على كل وجه نسأله عن التفجير ومخلفاته علامات الدهشة، ولسان حاله يقول: «تفجير إيه؟.. إحنا مشوفناش أى تفجير"!

البداية كانت مع مجمع أبى بكر الصديق، والذى نفى مديره حدوث أى تفجيرات بأى من مدارسه، الأمر الذى أثار استغراب الحضور جميعًا من مدرسين وعمال كانوا قد تجمعوا فور علمهم بوجود صحفى بالمدرسة.

اليوم السابع -4 -2015

مدير المجمع قال ذلك مكتفيًا بتلك الكلمات، حيث أكد ممانعته الحديث مع أى صحفى لصدور منشور من الوزارة ينبه الجميع بعدم الحديث، وهذا ما فعله جميع مديرى المدارس المذكورة.

وأضاف المدير: مع أننا لم نُستهدف سابقًا من قبل إرهابيين، فإننا نأخذ احتياطاتنا، حيث يقوم أى مدرس بتفقد الوضع والبحث عن أى شىء يشتبه بأنه قنبلة.

وتابع: كذلك قمنا بإحضار سلة قمامة لكل فصل، وكنا سابقًا نضع «كارتونة»، ويبرر ذلك بأن الثقوب الموجودة فى سلة القمامة ستتيح لهم رؤية القنابل إذا ما أُلقيت بها.

تكرر الأمر مع مجمع إسكو، وتحديدًا مدرسة قاسم أمين، حيث نفت مديرته حدوث أى تفجيرات، مع رفضها الإدلاء بأى حديث صحفى.

أحد مديرى تلك المدارس تحدث ساخرًا عما انتشر بشأن انتقال الأجهزة الأمنية إلى مدرسته، وإخلاء المبنى للعثور على 6 قنابل هيكلية أمام المدرسة، واصفًا ذلك بأنه «كلام غير صحيح»، مستدلًا على كلامه بأن المدارس الأخرى التى توجد بها قنابل بالفعل تبين أنها عبارة عن شمع ملفوف بأسلاك، وتخرج منها لمبات مضيئة، والغرض منها إثارة الخوف بين الطلاب والأهالى ليس أكثر.

حق الرد


من جانبه، رفض عمر ترك، المتحدث الرسمى باسم وزارة التربية والتعليم، الرد، محيلًا الأمر إلى الوزير، وبدوره لم يجب الوزير بعد محاولة مهاتفته مرارًا.

وانتقد رضا مسعد، الخبير التربوى، مساعد التربية والتعليم السابق، الوضع الحالى للمدارس، قائلًا: المدارس ليست لها شرطة منتظمة تقوم بحراستها طوال العام الدراسة، بروتوكول التعاون الموجود بين وزارة التربية والتعليم والداخلية مقصور على فترات بعينها، كالامتحانات وأوقات القلق.

وطالب «مسعد» بإنشاء قسم بوزارة الداخلية لحماية المدارس وتأمينها، كشرطة المسطحات المائية والكهرباء، وتساءل «مسعد»: هل الـ 50 ألف مدرسة لا تستحق دوريات شرطة لتأمينها؟! المدارس بها ربع سكان مصر، والبالغ عددهم 20 مليون طالب و2 مليون مدرس، جميعهم معرضون للخطر.

اليوم السابع -4 -2015

وقال سعيد صادق، دكتور علم الاجتماع: المجتماعات العربية تحكمها أنظمة بوليسية، ومع ذلك فالنظام فاشل، لا يشعر معه المواطن بالأمن، مضيفًا: لهذا الفشل أثر سلبى على حياة المجتمع ونفسية التلاميذ. وتابع قائلاً: التفتيش يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للتلاميذ، وينشئهم على رعب.. المنظومة كلها فاسدة، بداية من المدرسة، وانتهاء بالأمن الذى لا يؤدى أى دور، مرورًا بالمدرسين غير المهنيين.

وقال جمال أبوذكرى، مساعد وزير الداخلية الأسبق: "إنتم عايزين كل بنى آدم فى مصر عليه عسكرى حراسة؟ إحنا بنحارب الإرهاب ومظاهرات الجامعة والمدارس، فين الشعب بقى، أين الأمن الداخلى، الشرطة هتشيل إيه ولا إيه؟ الضباط يتم القبض عليهم ويدخلون السجن، والشرطة بتكون مسؤولة لو ضرب مدنى أى مسالم"، مضيفًا: "المدارس لازم يكون تأمينها من داخل المدارس، ومن الممكن عمل أمن مدنى مثل البنوك".

اليوم السابع -4 -2015









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة