محمد حمادى يكتب: بالتيمور وتل أبيب.. على صفيح ساخن

الخميس، 07 مايو 2015 04:07 م
محمد حمادى يكتب: بالتيمور وتل أبيب.. على صفيح ساخن مظاهرات السود فى تل أبيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدق صاحب مقولة "من حفرة لأخيه وقع فيها"، الآن بعدما أشعلت أمريكا نيران فتنتها فى الوطن العربى، التى الحقت الضرر الفادح فى أمتنا التى أصبحت تتجرع كأس ألم حرب فرضت نفسها وتدفع فاتورة الإهمال والجهل والفقر والتطرف طيلة العقود الماضية، فالبداية كانت ثورة تريد الحياة الكريمة للإنسان العربى.. واختتمت بإرهاب أسود يسيطر الآن على الواقع العربى، حرب لم تشهدها أمتنا العربية منذ قرون، وربما تكون هى الأسوأ فى تاريخ أمتنا العربية .

الآن بدأت نيران الفتنة تتسلق أعمدة البيت الأبيض، وباتت الإدارة الأمريكية حائرة وبدأت تبحث عن "الطرف الثالث".. نعم الطرف الثالث فهذ مصطلح يعلمه المصريون جيدًا، فمنذ قيام ثورة 25 يناير 2011 وقيام بعض المتظاهرين بأعمال شغب كان دائمًا مرتبط بالطرف الثالث، ورغم هذا الجدل الذى أثير حول هذه القضية، فإن الأمر لم يتوقف على مصر وحدها، فحتى مظاهرات "بالتيمور" بالولايات المتحدة الأمريكية أصبح يقف خلفها "طرف ثالث" حيث نشر موقع "فوكس نيوز" الأمريكى فى تحليل له للمقارنة بين مظاهرات "فيرجسون" و"بالتيمور"، تقريرًا لإحدى الشركات الرائدة فى مجال جمع البيانات، وأكد التقرير أن وسائل التواصل الاجتماعى ساعدت على الربط بين أحداث العنف فى "فيرجسون" و"بالتيمور"، وذكرت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية أن سبب أحداث العنف المتواصلة فى مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند، ليس عنصريًا هذه المرة وإنما طبقى، وأشارت الصحيفة فى تقرير لها فى مطلع مايو إلى الاحتجاجات التى نظمها السود من قبل فيرجسون، وما يحدث حاليًا فى بالتيمور، موضحة أن الأولى فيها أغلبية من السود تصل إلى 67% بينما قوات الشرطة والأمن مكونة من غالبية بيضاء، وليس فيها سوى ثلاثة أفراد من السود، هذا بالنسبة لما يجرى فى الولايات المتحدة الأمريكية، فهى ليست فقط من وقع فى هذا المستنقع.. فلم تسلم "إسرائيل" من الاحتجاجات والمظاهرات فقد شهدت تل أبيب الكثير من أعمال العنف التى لم ترها من قبل، حيث قام آلاف المتظاهرين الإثيوبيين بتعطيل حركة مرور طريق "ايالون" السريع لأكثر من ثلاث ساعات، ثم اتجهوا بعد ذلك لميدان "رابين" الذى شهد اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين الذين حاولوا اقتحام مبنى بلدية "تل أبيب"، ما أسفر عن مقتل 11 من رجال الشرطة وأربعة من المتظاهرين، المجتمع والشرطة بينهما تاريخ طويل ومرير. المضايقة وعمليات الاعتقالات من الشباب الإثيوبيين هى روتينية التى تولد من المزيد من التوترات المستمرة والتهديدات الأمنية. الاعتداء على الجندى لم يكن بالضرورة السبب الوحيد لموجة الغضب هذه التى بادر لها الإثيوبيون ى تل أبيب والقدس خلال الأيام القليلة الماضية. "الجندى كان القشة التى قصمت ظهر الجمل".

مع بدء هذا الأسبوع، يوجد نحو 120.000 يهودى من أصل إثيوبى - أكثر من 30% منهم ولدوا فى إسرائيل – هو عامل يشكل تحديًا للبلاد بطريقة جديدة تمامًا. فلا عجب من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فاجأ بالدعوة إلى عقد اجتماع عاجل مع ممثلى المجتمع، فقد شوهت صورة إسرائيل فى الوقت الراهن بما فيه الكفاية والعالم كله يراقب رجال الشرطة بيض يقاتلون المتظاهرين السود.

حتى أن بداية الهجرة من إثيوبيا كانت مختلفة جدًا عن هذه النتيجة المحزنة. عام 1984 شهد وصول أول هجرة تضم المجموعة الأولى من اليهود الإثيوبيين لإسرائيل. تمت العملية بعناية وبسريّة بهدف إخراجهم من الحرب التى تعانى منها أفريقيا بسبب الفقر، وسميت بـ"عملية موسى"، وموسى النبى الذى قاد بنى إسرائيل من مصر، وبالتالى حول مجموعة من العبيد إلى شعب حر. بعد مناقشات مطولة حول يهودية الإثيوبيين، اتخذ قرار رسمي: جلب أولئك الذين ينتظرون فى أديس أبابا، وإنقاذهم من المشى على الأقدام للوصول إلى القدس عبر أحلامهم. فجاءوا: الآلاف من الناس فى ملابس تقليدية، يطغى عليهم شغف أول لقاء مع المجتمع الغربي. كان الإسرائيليون المخضرمون ينتشون: حطت قبيلة يهودية غير مألوفة فى خضم الحرب الأولى على لبنان التى تمزق إسرائيل، وتجعلنا نشعر أننا بحالة جيدة. وبهذا، بعد كل شىء، وبسبب وجود الدولة اليهودية: تم جمع شمل المنفيين. الإثيوبيين ينسجمون مع الحكاية.

فى كثير من الحالات، المظاهرات هى تعبير عن موقف الجيل الجديد. هذا الجيل، على عكس آبائهم، لن يستسلموا بكل تواضع إلى رفض المنظمة لبيع الشقق للإثيوبيين "لأنهم تفوح منهم رائحة عفنة". هذا الجيل يطالب أن يعرف لماذا 25٪ من المراهقين الذين تم اعتقالهم فى مصلحة للقاصرين هم من أصل إثيوبي، على الرغم من أن المجتمع يشكل 1.6% فقط من مجموع سكان إسرائيل. هم يريدون أن يفهموا لماذا دوافعهم للخدمة فى الجيش حتى أعلى بكثير من أى مجموعة أخرى (86% مقابل 74% بين الشبان الإسرائيليين الآخرين)، وحتى الآن أكثر من 20% منهم تركوا الخدمة و53% منهم - ضعف عدد اللإسرائيليين الآخرين الذين تركوا الخدمة - فى نهاية المطاف تم سجنهم.

لا أحد يقدم تفسيرًا حقيقيًا لارتفاع معدلات التسرب من المدارس فى أوساط المجتمع ولا إلى النقص المشين من تمثيلهم فى الخدمة المدنية. وفقًا لمراقب الدولة، وقد أدى عدم التنسيق والتعاون بين الجهات الحكومية فى فشل "تحقيق اندماج السكان من أصل إثيوبى".
من الجميل حقًا أن تكون ملكة جمال إسرائيل من أصل إثيوبى ("تيتي") لتقديم الرئيس الأمريكى باراك أوباما، كما كان الحال فى 2013 أثناء زيارته لإسرائيل. جميل، ولكن ليس بما فيه الكفاية. كانت المظاهرة فى تل أبيب صرخة من أجل الاندماج الحقيقى والاعتراف - والتحذير، بنفس الوقت. هذا ليس مدهشا مثل عمليات الإنقاذ التى تتفوق بها إسرائيل، ولكن هذا يشكل تحديًا كبيرا. ليس فقط بالنسبة للمجتمع الإثيوبي، بل لجميع أبناء المجتمع الإسرائيلى.

هذه هى النيران التى أشعلتها أمريكا وإسرائيل فى الوطن العربى، بدأت الآن تصيبها وتحرقها، ليكتوا، مما اكتوى منه شعوبنا على مدار أربع سنوات، من الإرهاب والتخريب والدمار.. فليشربوا من الكأس.. هنيئا لهم .











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة