فى ذكرى تحرير سيناء وعبور القناة.. فضيلة المفتى الدكتور شوقى عبدالكريم يكتب: رمضان شهر الانتصارات.. تدمير حصن برليف كان سطرا جديدا فى تاريخ الأمة الإسلامية.. ولا انتصار على عدو قبل الانتصار على النفس

السبت، 27 يونيو 2015 10:09 ص
فى ذكرى تحرير سيناء وعبور القناة.. فضيلة المفتى الدكتور شوقى عبدالكريم يكتب: رمضان شهر الانتصارات.. تدمير حصن برليف كان سطرا جديدا فى تاريخ الأمة الإسلامية.. ولا انتصار على عدو قبل الانتصار على النفس فضيلة المفتى الدكتور شوقى عبدالكريم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الانتصار على النفس هو أساس الانتصار على العدو، ومن هنا كان التركيز على تربية النفوس أولا، وهذا ثابت بحديث عمر بن الخطاب، بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أقبل علينا رجل شديد سواد الشعر، شديد بياض الثياب، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، فجلس وأسند ركبته إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه ثم قال: يا محمد أخبرنى عن الإسلام فقال، الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، إلى أن قال: فأخبرنى عن الإحسان، قال صلى الله عليه وسلم: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وهكذا كان المحور دائما فى تشريع الإسلام هو الانتصار على النفوس بعد تهذيبها والأخذ بها وعليها، ومن ثم كان الصيام رتبة عظيمة فى هذا التهذيب وهذه التربية، ثم كان الجهاد بعد الانتصار على النفس بتعميق الإيمان فيها، ولا نصر على الأعداء إلا بذلك.

ولا عجب أن يكون رمضان شهر الانتصارات والفتوحات على مر التاريخ الإسلامى، فما تبثه العبادة فى هذا الشهر الكريم من علو للهِّمة، وانتصار للنفس على شهواتها جدير بأن يجعل شهر رمضان شهرًا للانتصارات على كل المستويات بحق.

وقد كانت بداية تلك الانتصارات فى غزوة بدر الكبرى، التى كانت فى السابع عشر من رمضان فى السنة الثانية من الهجرة، وكانت معركة الفرقان بين الحق والباطل، وأول معركة بين المسلمين والمشركين، ورغم قلة عدد المسلمين، فقد كان النصر حليفًا لهم، وخرج المسلمون من هذه الموقعة بكثير من المغانم، وقد قال الله تعالى فى شأنها: «وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» «آل عمران: 123»، ثم يأتى ثانى هذه الانتصارات وهو الفتح المبين فتح مكة فى السنة الثامنة من الهجرة، الذى أعز الله به دينه ونصر جنده، وطهر به بيته المحرم من رجس الأوثان والمشركين، ودخل الناس به فى دين الله أفواجًا، قال تعالى: «إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا»، فقد استطاع هذا الفتح أن يؤلف القلوب بعد العداوات الطويلة ويجمع النفوس المتناحرة تحت صف واحد، فكان الفتح مجسدًا أقصى صور الجهاد بعد غزوة بدر وكان يمثل أعلى ثمرة حصل عليها المسلمون.

وفى العام التالى فى الثامن من رمضان فى السنة التاسعة من الهجرة، كانت غزوة تبوك أو العسرة، وهناك أعلنت القبائل العربية خضوعها للمسلمين، واستمرت انتصارات المسلمين بعد انتقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، فكانت معركة القادسية، على الضفة الغربية لنهر الفرات، التى وقعت فى شعبان، واستمرت إلى رمضان 16هـ «637 م» بين المسلمين والفرس، وانتصر فيها المسلمون لتتغير ملامح التاريخ البشرى وينتهى الوجود الفارسى وسيطرته.

وفى رمضان أيضًا فى الخامس والعشرين من رمضان عام 658 هـ، كانت معركة عين جالوت التى أعز الله فيها المسلمين على التتار بقيادة هولاكو المغولى، وكسر شوكتهم، ولم تقم لهم بعدها قائمة.
ويروى لنا التاريخ أنه فى ثانى أيام شهر رمضان عام 702 هجريًا فتح القائد الإسلامى، حسّان بن النُّعمان، المغرب الأوسط - الجزائر الآن - وانتصر على الملكة الكاهنة زعيمة البربر فى ذلك الوقت، وفى نفس العام فى الثالث من رمضان فتح المسلمون جزيرة رودس، وكذلك انتصرت الجيوش المضرية والشامية على جيوش التتار فى موقعة شقحب بالقرب من دمشق، وفى شهر رمضان عام 532 هجريًا انتصر المسلمون على الصليبيين بقيادة عماد الدين زنكى، وفى نفس اليوم فتحت عمورية أهم بلاد الروم.

وفى العصر الحديث كان لنا نصيب من انتصارات رمضان، وذلك فى العاشر من رمضان عام 1363هـ، الموافق 6 أكتوبر 1973م، عندما عبر جيشنا المصرى الباسل قناة السويس، وأنهى أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر بعد أن دمر حصن برليف، ليسطر بذلك سطرًا جديدًا فى تاريخ أمتنا الإسلامية المجيد، فالمعارك الإسلامية فى رمضان كثيرة، ويكفى فى تذكرها أن نستخلص منها الدروس والعبر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة