"الإفتاء" بمناسبة ذكرى 11 سبتمبر: التكفير صناعة غربية وليس إسلامية

الخميس، 10 سبتمبر 2015 11:06 ص
"الإفتاء" بمناسبة ذكرى 11 سبتمبر: التكفير صناعة غربية وليس إسلامية دار الإفتاء المصرية
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية، التابع لدار الإفتاء المصرية، فى تقريره الثانى والثلاثين، أن العنف والإرهاب الذى يعانى منه العالم اليوم لم يكن صناعة إسلامية محضة، ولم يكن صناعة عربية، بل هو بالأساس صناعة غربية بأيدى منتسبين للإسلام، فالغرب كان سببًا لوجودها بداية من الاستعمار، وانتهاءً بدعمهم لبعض المتشددين الذين يخدمون توجهاتهم وأجندتهم الخاصة.

وأوضح المرصد، فى تقريره الذى جاء بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لأحداث الحادى عشر من سبتمبر، أن الاستعمار كان فى بدايته يتجه ناحية الشعوب لاستغلال ثرواتها المادية، ومع مقاومة هذه الشعوب وهزيمة الاستعمار المتكررة اتجه إلى وسائل أخرى اعتمد عليها فى تقويض هذه الشعوب وضرب هويتها وثقافتها، فبدأ يصنع شخصيات فكرية وأحزاب وتنظيمات سياسية، ويرعاها ويمولها لخدمة أغراضه، ولم يكن يعلم أنه فى يوم ما سينقلب السحر على الساحر، ويجنى هو الآخر ثمار ما زرع ويطاله إرهابها وهذا ما تشهد عليها أحداث سبتمبر.

وكشف المرصد، فى تقريره عن بدايات تكوين هذه التنظيمات، والتى لم يكن لها أى مرجعية شرعية أو وطنية أو حتى قومية، فاستثمرتها الدول الغربية لتنشر من خلالها الكراهية والانقسام داخل الشعوب، بعد أن فشلت فى هزيمتها عسكريًّا، فالفكر المتشدد الذى يفتقد المرجعية الصحيحة متقلب بطبعه ودائمًا ما يميل إلى العنف والتكفير.

وأضاف المرصد بعد مرور أربعة عشر عامًا على أحداث الحادى عشر من سبتمبر، نؤكد أن الأفكار الإرهابية فى الأساس كانت غربية، فالغرب قد سمح فى البداية لهذه الأفكار بالتواجد على أرضه، بل ووفر لها البيئة الخصبة على النمو والتمادى، وسرعان ما تحولت تلك الأفكار إلى أفعال طالت الجميع حتى من دعمها وأرسى قواعدها الهشة بين الشعوب والأوطان.

وأوضح المرصد أن الإسلام - دينًا ومنهجًا - برىء من الإرهاب والتطرف ودعاوى التنظيمات الإرهابية، التى لا أساس لها ولا مرجعية تحوط بها، وإنما العامل الأساسى لتواجدها فى المنطقة العربية هو ذلك التعامل المزدوج مع قضايانا، والذى أحدث حالة من الفوضى الفكرية والمذهبية بعدت فى الأساس عن صحيح الدين.

وأشار المرصد إلى أنه من الغريب اليوم أن نرى الغرب لا يزال يسير على نفس النهج، الذى كان سببًا رئيسًا فى أحداث الحادى عشر من سبتمبر، وغزو العراق والأحداث السورية، والأوضاع المؤسفة التى تشهدها اليمن حاليًا وكل الأحداث التى تمر بها المنطقة العربية والإسلامية.

ودلَّل المرصد على استمرار هذا النهج بما صدر مؤخرًا عن المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية "ديفيد بيترايوس" الذى اقترح على الإدارة الأمريكية التعاون مع عناصر- وصفها بالمعتدلة - من تنظيم القاعدة بسوريا والذى يعرف بـ"جبهة النصرة" لمحاربة تنظيم داعش والنظام السورى معًا، متناسيًا ما حدث فى أحداث سبتمبر، فتنظيم القاعدة الذى دعمه بالأمس ويريد أن يدعمه اليوم هو من انقلب عليه وفجَّر أبراجه وأذاق العالم الويلات من إرهابه.

وأضاف المرصد أن الغرب فى السابق دعم تواجد القاعدة وأخواتها فى بعض الدول، وخاصة ألمانيا وأمريكا، من خلال استضافتهم للأشخاص المهاجرين من دولهم، واليوم الغرب ينتهج نفس النهج بدعم أصحاب الأفكار المغلوطة والإرهابيين، ويوفر لهم منابر إعلامية وساحات يشوهون بها بلدانهم ويحرضون الشعوب على القتال والعنف.

وضرب المرصد مثالين للتأكيد على ذلك، وهما المركز الإسلامى فى ميونيخ أو ما يسمى بمسجد ميونيخ، ورعاية الغرب لمحمد عطا قائد هجمات 11 سبتمبر، فمسجد ميونيخ كان أكبر مساجد ألمانيا أو الأكبر فى أوروبا كلها، وحظى بدعم أوروبى كبير هو ومنتسبوه، وعلى الرغم من ذلك خرجت منه بذور العنف والإرهاب التى أسست للجماعات والإرهابية، والتى كانت مسئولة عن هجمات الحادى عشر من سبتمبر عام 2001.

وتابع المرصد أن فى هذا المسجد نشأ الفكر المتطرف على أعين الأوروبيين، فقد عمد سعيد رمضان القيادى الإخوانى المعروف إلى التحالف مع الأمريكان لضرب ومحاربة الشيوعية، قبل التحالف مع أوروبا لضرب الأنظمة العربية، وقبل أن يكون بوقًا لدعاة حقوق الإنسان والديمقراطية، ففى مسجد ميونيخ نشأت لعبة التوازنات وزواج المصالح مع الإرهاب والغرب، ويبدو أن النمط الشائع فى أيامنا هذه هو كثرة بروز الجماعات والقليل من الأعمال النافعة.

وتساءل المرصد عن مصدر تمويل هؤلاء المتطرفين، حيث وصلت تكلفة إنشاء مسجد ميونيخ- والذى يرجع إنشاؤه إلى الحرب العالمية الثانية بدعم من وكالة الاستخبارات الأمريكية وأعيد تجديده عام 2009- ثلاثة ملايين مارك ألمانى أو ما يعادل خمسة ملايين دولار أمريكى، لتكتشف إدارة الاستخبارات بعد أحداث 11 سبتمبر أن هذا المسجد خرج منه أهم شخصية قادت الأحداث فى تفجير برج التجارة العالمى.

وألقى تقرير المرصد الضوء على أحد الضالعين فى الأحداث وهو محمد عطا الذى هاجر إلى الغرب فى مقتبل حياته، والذى كان يتابع عن كثب ما يحدث فى أوروبا والعالم العربى، وهناك انتهج الفكر المتطرف التكفيرى لتنظيم القاعدة، ونشط بعدها من خلال هذا المسجد داخل المجتمع الألمانى وبدأ يتردد على مساجد هناك بحكم عمله ودراسته، وبالتالى أصبح من أعضاء الجالية الإسلامية فى هامبورج، وفى نوفمبر من عام 1998 أصبح عطا ضمن أعضاء تنظيم القاعدة.

وأضاف المرصد أن عطا التحق عام 1999 بمدرسة الطيران المدنى للدراسة والتدريب فى أمريكا، بعد أن اختمرت فى رأسه فكرة الانتقام من الغرب الأمريكى، لينقلب السحر على الساحر، مما يؤكد على أن الغرب هو من صنع خلايا وأفكار هذه التنظيمات ورعاها، وناله ضررها هو ومن كان يحذر من تنامى هذه الظواهر واستغلالها لحسابات سياسية وعرقية.

ورفض المرصد ما ذهب إليه بعض المحللين الغربيين من أن الفقر هو سبب ظهور التشدد والتطرف الدينى، لأن أهم أسباب تنامى هذه التنظيمات هو الافتقاد إلى المرجعية الصحيحة التى تعتمد على الأصول المبنية على صحيح الدين من خلال علماء ثقات تلقوا العلم داخل المؤسسات المعتبرة كالأزهر الشريف، وهذا بدوره لكم يكن موجودا فى ذلك الوقت فى هذه الدول.

وناشد مرصد الإفتاء الدول الغربية بعدم السماح لمثل هؤلاء الأشخاص وأفكارهم المتطرفة من الدخول إلى أراضيهم، أو الحصول على أى نوع من الدعم، أو توفير الحواضن التى تضمن لهم الانتقال لدول أخرى بفعل الهجرة الجماعية، حتى لا يحدث ما حدث فى الحادى عشر من سبتمبر، لينتج هذا الزلزال الرهيب المؤلم الذى صحت عليه أوروبا والغرب قبل أن تصحوا عليه دول العالم الإسلامى.

وفى النهاية حذَّر المرصد من الاستمرار فى زرع الغرب لتنظيمات تضرب بعضها البعض، للحصول على أى نوع من المكاسب، أو السماح لبعض أصحاب الأفكار المتطرفة بممارسة المعارضة بحجة دعم الحريات؛ لأن تلك التنظيمات لا يقف ضررها على نفسها فقط، بل تدمر العالم بأكمله.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة