(افتح قلبك مع د. هبة يس)... عود الكبريت

الأربعاء، 30 سبتمبر 2015 12:59 م
(افتح قلبك مع د. هبة يس)... عود الكبريت هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت (...) إلى افتح قلبك تقول:
أنا شابة عمرى 31 سنة، اخترت عدم الزواج طوال الفترة السابقة، لأنى كنت منشغلة جدًا بتأسيس مشروعى الخاص، ولأنى أؤمن بأنه إما أن أتزوج بمن أريد وأتمنى، أو لا أتزوج على الإطلاق، لهذا قابلت كثيرًا ورأيت كثيرًا وكنت أنا التى أرفض فى كل مرة، حتى تعرفت على شاب يكبرنى بثلاثة سنوات منذ عدة أشهر، تعارفنا وتواصلنا واقتربنا من بعضنا فى فترة قصيرة لأنى وجدت فيه ما كنت أبحث عنه طوال السنوات الماضية، هو أيضًا كان واضحًا عليه أنه وجد ضالته فى أنا، لهذا لم يتردد كثيرًا فى طلب يدى بالرغم من أنه كان يخاف الارتباط سابقًا كما قال لى.

تمت الأمور بسهولة ويسر، فقد قبل به أهلى ورحبوا به لأنهم لاحظوا رغبتى فيه، وتمت الخطبة والشبكة وخلافهما من الرسميات المعروفة، وحتى الاتفاقات المادية كانت سلسة وهادئة الأمر بشكل لم أكن أصدقه، فلا أنا ولا هو نعانى من مشاكل مادية، وليس لنا أطماع غير فى بعضنا البعض.

لا أقول لك أنى أحببته بجنون، ولكنى أشعر معه براحة وتفاهم شديدين، لا أشعر بأى عبء ونحن نتكلم فى أى شىء وكل شىء لهذا خطر ببالى أن أستغل هذا الشعور وفاتحته فى موضوع (من باب الدردشة) منذ بضعة أيام، سألته عن إن كان فى حياته سر لم يبح به لأحد، وإذا كان لديه القدرة والرغبة فى إخبارى بهذا السر؟، وبدأت أنا بالإجابة على هذا السؤال، وأخبرته أنى كنت معجبة بجار لى فى مقتبل حياتى وهو الشىء الذى لا أعتبره سرًا خطيرًا ولكن السر الأخطر فعلاً هو أنى لا أحب والدى إطلاقًا، ولا أكن له أى مشاعر بنوة نظرًا لتخليه التام عن مسئولية تربيتنا أنا وإخوتى منذ طفولتنا بالرغم من وجوده معنا فى البيت ليل نهار لأنه لم يكن يعمل بصفة منتظمة.. كنت أعتبر هذا سرًا لم أخبر به حتى أمى صراحة، فظاهريًا أنا أتعامل معه بشكل حيادى، لكنى عندما كنت صريحة مع نفسى أدركت أنى أكرهه حقًا وبدون أى شك.
اعتبرت أن سرى هذا قد يكون أقوى سر يمكن اطلاعه عليه، واعتقدت أنه مهما قال هو لن يخبرنى بما هو أقوى من ذلك، لكنى كنت مخطئة، فقد ألقى فى وجهى بقنبلة لم أكن أفكر يومًا فى حدوث مثلها معي، فقد أخبرنى بعد تردد أنه كان على علاقة بزميلة له أيام الجامعة، وأنه كان يحبها طوال الأربع سنوات مدة الدراسة -إلى هنا الأمر عادى ومقبول- لكن العلاقة بينهما لم تكن مجرد حب...كانت (كل شىء)!

توقفت عند كلمة كل شىء تلك لأتأكد إذا كنت فهمتها بشكل صحيح أم لا، فاتضح لى أنى فهمتها صح فعلاً وأنه اعتاد أن يتعامل مع هذه الفتاة على أنها زوجة وليست مجرد حبيبة فقال لى أنه لا يذكر عدد المرات التى كانا يجتمعان فيها سويًا فى شقة والدته القديمة على مدار 4 سنوات كاملة، وبرر موقفه بأنه كان صادق النية جدًا فى رغبته فى الزواج بها بعد إنهاء الدراسة، ولكن الأمور لم تسر على ما يرام ورفضه أهلها، وتخلت هى عنه _على حد قوله_ بعد محاولات عدة للزواج، فانتهى الأمر!.

لم أعرف كيف عدت لبيتى يومها، فقد شعرت بحالة من الذهول والصدمة لم أمر بهما من قبل، تركته فورًا وعدت للبيت وأنا لا أرى ولا أسمع شيئًا، ورأسى لم تتوقف عن التفكير من لحظتها لدرجة أنى لم أنم ولم أكل منذ عدة أيام.. فآلاف الأسئلة تعصف برأسى.. ترى إلى أى درجة كان حبه وتعلقه بها؟، هل هو صادق فى أنها هى من تركته، أم أنه هو من كان نذلا معها وتركها؟، هل يمكننى الوثوق بشخص مثله؟، لماذا لم يخبرنى بكل هذا من قبل؟، وهل كان ينوى إخبارى أم أنه فعل فقط استجابة لسؤالى المفاجئ له؟، وماذا إن لم يكن ينوى إخبارى أليس فى ذلك غش وخداع لي؟، هل يمكن قبول مثل هذه الحقيقة الصادمة لأنه رجل؟، هل سأستطيع مسامحته عليها وغفرانها له؟، والأهم من كل هذا هل أستمر معه أم لا؟.
وإليك أقول:

أقدر طبعًا حجم الصدمة التى أنت فيها، وقدر الشتات والتخبط اللذين يواجهانك، لهذا دعينا نتناول الموقف من عدة زوايا كل على حدة..

أولاً: إلى أى درجة كان حبه وتعلقه بها؟.. أيًا كان مدى حبه لها، فهو تعلق بها بشكل لا يقبل التشكيك، سواء كان أحبها بقوة، أو بادلها مشاعرها هى، أو حتى لم يحبها بصدق إطلاقًا، فبمجرد وجود علاقة كاملة (متكررة وطويلة المدى) بين أى اثنين يحدث بينهما ارتباط من نوع ما، لا يفهمه إلا طرفاه، فعلميًا هناك ما يسمى بـ(البصمة الجنسية) لكل شخص، وهى ببساطة الطريقة التى ذاق بها المتعة لأول مرة، والتى اعتاد على أن تكون العلاقة عليها، لهذا فإنه سيظل يقارن -ولو لفترة على الأقل- بين أى تجربة جديدة سيمر بها، وبين علاقته القديمة من حيث الطريقة والكيفية والأسلوب، لهذا فإن الأشخاص أصحاب الماضى والتجارب السابقة يتعذبون ويعذبون من معهم كثيرًا، فهم طوال الوقت فى دوامات من التفكير والمقارنة بين ما مضى وبين ما بين أيديهم فى الواقع.

وعليه فأنا أؤكد لك أن تلك الفتاة طبعت فى نفس هذا الشخص شيئًا وتركت عليه بصمتها إلى الأبد، كما فعل هو معها بكل تأكيد، وقد يكون ذلك من أحد أسباب صعوبة وتأخر ارتباطه بأخرى من جديد بعد فشل هذه التجربة.

ثانيًا: هل هو صادق فيما قاله؟، أم أنه كان ذئبًا بشريًا، ونذلاً بمعنى الكلمة ترك الفتاة بعدما افترسها؟.. الله وحده يعلم، ولكن حتى وإن فرضنا أنه كان يحبها فعلاً وأنه لم يتخل عنها، وأن الرفض جاء من جهتها هى وأهلها، فإن كل هذا لا يبرر أبدًا ما فعل، فحتى لو فرضنا أنه ربما يضعف الشخص ويخطئ ويتجاوز مع من يحب، فلا بد وأن يكون لهذا التجاوز حدود وألا يأخذ مداه إلى آخر المطاف، وحتى لو حدث ذلك مرة كان عليه أن يفيق ويندم ويفهم حجم المصيبة التى ارتكبها، لا أن يستبيحها ويكررها وتصبح (عادي) على مدار 4 سنوات كاملة! أين كان عقله؟ أو ضميره؟ ولن أقول دينه لأنه واضح أن الدين ليس من المعايير الخاصة به.

قد تسمعين من الكثير أنه ربما أخطأ تحت ضغط من الفتاة، وربما هى التى أغوته، وربما وربما وربما.... وأنه لا يعيبه شيء لأنه رجل، أو تتذكرين العبارة الشهيرة التى تقول إن شرف البنت مثل (عود الكبريت)، والتى تم استكمالها حديثًا بأن شرف الولد مثل (الولاعة) يستعمل أكثر من مرة وبدون مشاكل.. كل هذا هراء، الإنسان الشريف شريف سواء كان رجلاً أو امرأة، والغير ذلك لا يقال عنه سوى أنه ارتكب فاحشة وإثما كبيرًا، سواء كان رجلاً أو امرأة أيضًا، والدليل على ذلك أن الله عز وجل لم يفرق بينهما فى إقامة الحد عليهما وعقوبتهما، فكلاهما يجلد أو يرجم حتى الموت بحسب حالته الاجتماعية.
إذا لا تدعى العادات العنصرية لمجتمعاتنا الشرقية لتلعب فى رأسك، وتقنعك بأنه (مفيش مشاكل...ده راجل)...يا سلام!!

ثالثا: وهو الأهم...هل تكملين معه أم لا؟، وهل سيمكنك مسامحته على ذلك وغفرانه له أم لا؟.. والحقيقة أنك أنت بنفسك أجبتى على نفسك بإرسالك هذه الرسالة، فأنت صدمت وأصبحت فى هذه الحالة، وأرسلت لتسألي لأنك لا تقبلى هذا الوضع، وترفضيه من داخلك بشدة، لأنك لو كنت تقبلينه أو كان (عادى) بالنسبة لك لكنت مررتى الموضوع بشكل أبسط من ذلك بكثير، فربما كان انتهى بعد (خناقة) محترمة، لكنها عابرة، أو ربما كان انقلب معك الموضوع بضحك وهزار، واعتبرتى أن خطيبك مجرد (خلبوص) قديم وانتهى الأمر، لكن أى من هذا لم يحدث، أنت لم تتمكني من بلع الموقف وهضمه، لأنه يتنافى مع جوهرك ومبادئك تمامًا.

ربما تسألين وهل توجد هناك من تتقبل وضع كهذا؟، سأجيبك نعم، وبكل تأكيد، لكنها لست أنت، فليس معنى أن هناك شخص يمكنه حمل 100 كجم، أن كل إنسان يمكنه فعل ذلك، فالمسألة عبارة عن قدرة تحمل، ولا مجال فيها للصح أو الخطأ، إنما هى قدرات وطاقات نختلف فيها نحن البشر.

وقد تسألين إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تشعرين بكل هذه الحيرة والتردد والخوف من اتخاذ القرار؟.. والإجابة ببساطة هى لأنك (مستخسرة) تفقدى شخص وجدتى فيه الصفات إلى حلمتى بها طويلاً والتى وجدتيها أخيرًا رغم صعوبتها، فأنت الآن بين نارين إما تقبلى بوضع لا ترضى عنه من صميم قلبك وعقلك، أو تفقدى الشخص الوحيد الذى شعرتى نحوه بالقبول والميل بعد كل هذا الوقت وهؤلاء الأشخاص الذين قابلتيهم من قبل.

طبعًا لك مطلق الحرية فى الاختيار، لكنى أكرر أنك ربما تنجحين فى الضحك على نفسك و(بلع) الموضوع مؤقتًا، لكنه سيعاود الإلحاح عليك مرات بعد مرات، لأنه اصطدم بعقيدتك وعميق مبادئك، لهذا لن يمر الأمر مرور الكرام حتى مع مرور الوقت.

لكن يجب أن ألفت انتباهك إلى أمر آخر غاية فى الأهمية وهو أنه لو فرضنا وتقبلتى الموضوع ووافقتي على إتمام الارتباط فلن يكون لك أى حق فى الاعتراض أو التراجع فيما بعد, فها أنت تعرفين كل شىء واخترتى بمحض إرادتك القبول به، فلن يكون مقبولاً أو منطقيًا أو مبررًا أن تقررى فجأة إنهاء ارتباطك من هذا الشخص -بسبب هذا الموضوع- بعد عقد القران أو إتمام الزواج, أو ربما بعد أن يصبح لديكما طفل أو أكثر.. فكرى جيدًا إما أن تتراجعى الآن أو تكملى إلى الأبد.

وأخيرا أقدر جدًا حجم الألم والضيق والهم الذى يعتريكي، وأشعر بخيبة أملك وإحباطك فى هذا الشخص وفى التجربة ككل، لكن صدقينى أنت ربنا بيحبك، لأنك عرفت كل هذا وأنت لا زلت فى مرحلة الخطوبة بعد، يعنى (لسه عالبر)، فالوضع كان سيصبح أكثر سوءًا وتعقيدًا ألف مرة لو كنتى عرفتى بعدما أصبحتى زوجة لهذا الشخص شرعًا وقانونًا، فكرى جيدًا وخذى قرارك بتروى لأنه لا مجال للتراجع عنه فى المستقبل...أنار الله بصيرتك.

الصفحة الرسمية للدكتورة هبه يس على الفيس بوك:
Dr. Heba Yassin








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة