الهروب من العنف الأسرى إلى الإدمان.."ليلى" لم تستوعب صدمة تشوه وجهها فلجأت للتعاطى.."نور" أدمنت بعد تقييدها بسلاسل 3 سنوات بدعوى الحفاظ على الشرف.."منى" أجبرها زوجها على تناول الترامادول لإشباعه جنسيا

الإثنين، 04 يناير 2016 11:28 ص
الهروب من العنف الأسرى إلى الإدمان.."ليلى" لم تستوعب صدمة تشوه وجهها فلجأت للتعاطى.."نور" أدمنت بعد تقييدها بسلاسل 3 سنوات بدعوى الحفاظ على الشرف.."منى" أجبرها زوجها على تناول الترامادول لإشباعه جنسيا تعذيب زوجة - أرشيفية
كتبت سماح عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

30%.. من السيدات اللائى سبق لهن الزواج فى العمر 15 - 49 سنة تعرضن لصور العنف المختلفة من قبل الزوج


%80..من المدمنات تعرضنا لحوادث عنف وفقا للدكتور طلال يونس رئيس قسم علاج إدمان السيدات فى مستشفى العباسية



فى هذا الوجه ندبة تحمل آثار جرح غائر، تأبى أن تختفى بمرور الزمن، تذكرها كلما صادفها الحظ للوقوف أمام المرآة بما تعرضت له من تعذيب على يد زوجها.

يمر الوقت ويتمادى فى عنفه تجاهها لدرجة أصبح معها وقع خطواته فى المنزل جرسًا ينذرها بالتعرض لجولة جديدة من التعذيب، تسعى جاهدة لاتخاذ خطوة نحو إنهاء هذه الحياة بحصولها على الطلاق، ولكنها تفشل يزداد يأسها، تبدأ فى تعاطى المخدرات علّها تسكّن أوجاع جسدها وتفصلها عن واقع لا تستطيع الفرار منه، ويذكرها قبحه بقبح جرحها لينتهى بها الأمر لمدمنة.

ليلى حالة ضمن حالات عدة لسيدات وفتيات قادهن العنف الأسرى الذى تعرضن له إلى طريق الإدمان بعد فشلهن فى العيش بشكل يحفظ أبسط حقوقهن فى حياة آدمية.

تفاصيل هذه القصة لا تتوقف عند حد التعذيب أو تحولها إلى مدمنة فقط، وإنما تمثل آخر أحداثها فى تحولها إلى مجرمة وفقاً للقانون، تقضى عقوبتها فى سجن النساء بعد أن قررت أن تضع حد لمأساتها بالتخلص من زوجها فقتلته!

طلال يونس، الطبيب المعالج للحالة، رئيس قسم علاج إدمان السيدات فى مستشفى العباسية للأمراض النفسية والعصبية، سرد تفاصيلها قائلا: «دخولها السجن كان سبباً رئيسياً فى تطورها فى مراحل الإدمان وهو ما دفع أهلها إلى نقلها إلى المستشفى هنا لحصولها على برنامج علاجى كامل للتخلص من إدمانها».

علاجها لم يقتصر على الإدمان ولكن المهمة الأصعب فى العلاج كانت الأزمة النفسية والاضطراب الذى تعانى منه، فكرة التعايش مع وجهها المشوه، لصلاح علاقتها مع نفسها وجسدها فى ظل التشوه الذى أحدثه الزوج، كان بداخلها حالة غضب شديدة تدفعها دائما للهروب من المستشفى قبل إتمام برنامج العلاج، وتعرضها لانتكاسة تعيدها لتعاطى المخدرات مرة أخرى.

ليلى ترددت على المستشفى ثلاث مرات دون أن تكمل البرنامج العلاجى وفى المرة الرابعة قررت الاستمرار، خاصة بعد أن طردها أهلها من بيتهم واشترطوا عليها العلاج من الإدمان حتى يقبلوا على مساعدتها مرة أخرى.

يقول دكتور طلال، إنها قضت ثلاثة أشهر فى المستشفى تلقت فيها البرنامج، فضلا عن ثلاثة أشهر متابعة قضتها بعد خروجها، موضحا أنها حاليا تستطيع التعايش مع المجتمع، ولكنها تحتاج فترة طويلة جدا للتعافى بشكل نهائى من الصدمات النفسية والإدمان.

وفقا لأحدث تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» عن العنف الأسرى فى مصر فإن 30% من بين السيدات سبق لهن الزواج فى العمر 15 - 49 سنة تعرضن لصور العنف المختلفة من قبل الزوج فى مصر، حيث تعرضت 25,2% منهن للعنف الجسدى، و4,1 تعرضن للعنف الجنسى، فيما تعرضت نسبة 18,8% للعنف النفسى، فضلا عن أن إحصائيات المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية تتحدث عن تطور العنف وزيادته داخل البيوت المصرية خلال العام الماضى 2014، واحتل «الضرب» المرتبة الأولى بين صور العنف الأسرى، بنسبة 29.5%، وجاء التوبيخ والسباب فى المرتبة الثانية بنسبة 24.1%، ثم أسلوب الحرمان من الأكل أو المصروف بنسبة 20.8% والضرب باستخدام آلة 6.3% والتوبيخ أمام الناس 9% واللسع بالنار 2% وارتفعت جرائم العنف الأسرى خلال عام واحد إلى مليون و500 ألف واقعة.

«نور».. بعض البيوت سجون


أن تظل محبوسًا داخل جدران منزلك لمدة تتجاوز ثلاثة أعوام، لا تجرؤ على الحلم بأن تخطو أى خطوة خارج عتباته، وإمعانًا فى تطبيق هذا العقاب يتم تكبيلك بسلاسل حديدية تسمح لك بالتحرك فى حدود بعض حجراته، مشهد عبثى لا يتصور أحد منا أن يعيشه، ولكن هذا ما حدث فعليا مع نور فى صورة أخرى من صور العنف الأسرى بدعوى الحفاظ على الشرف كما قال والدها!

يقول دكتور طلال: هذه الفتاة جاءت إلى المستشفى هى وأسرتها لعلاجها من الإدمان، ومع بداية الكشف لاحظت آثارا وندوبا على رسغيها وقدميها، لم أتخيل فى البداية أن تكون بسبب تقييدها ولكن مع الكشف والتحدث إليها اكتشفت أن والدها كان يقوم بتكبيلها بسلاسل تسمح لها بالتحرك داخل المنزل فقط لمنعها من الخروج منه نهائياً.

يضيف: هذه الفتاة أصيبت فى سن 12 عاما، بمرض نفسى يعرف باسم «اضطرب الشخصية الحدية» وهو ما يجعلها شخصية مضطربة وعنيفة إلى حد كبير ويدفعها إلى ارتكاب تصرفات مضطربة مثل الهروب من المنزل أو إقامة علاقات متعددة رغم سنها الصغير.

مع تكرار محاولات هروبها من المنزل قرر والدها حبسها وتقييدها بعد فشله فى علاجها داخل مصحات نفسية خاصة بسبب عدم توافر أموال كافية. «الحل الوحيد إنى كنت أحبسها فى البيت عشان أحافظ على شرفى وشرفها خصوصا بعد ما فضحتنا أكتر من مرة وحاولت تهرب» هذا ما قاله والدها مع بداية جلسات العلاج.

ونتيجة أن والدها كان يتعاطى بعض أنواع المخدرات، اتجهت الفتاة هى الأخرى إلى تعاطى أنواع من المخدرات مثل الحشيش والترامادول.

وفيما بعد عرف أهلها بإمكانية تلقيها علاج مجانى فى مستشفى العباسية، وهو ما دفعهم إلى المجىء بها إلى هنا وتلقت البرنامج العلاجى وهى الآن فى مرحلة التعافى.

العنف الجنسى بين الأزواج.. اغتصاب فى إطار شرعى


فارق السن، اختلاف المستوى التعليمى، والاجتماعى، لم تكن أسبابًا كافية لإقناع أهلها برفض هذا الزوج، فى نظرهم هو شخص جيد وعليها أن ترتضى به لأن مصير أى فتاة «الستر».
«منى» فتاة تبلغ من العمر 18 عشر عاما أجبرتها أسرتها على الزواج من رجل فى سن الخامسة والثلاثين، تقول: «لا يوجد بيننا سابق معرفة أو أى قبول عاطفى، يكبرنى بأعوام عدة ومع ذلك مطالبة بأن ألبى رغباته فى علاقة زوجية مثالية».

وتضيف: «زوجى هو من بدأ فى إجبارى على تعاطى المخدرات، حتى أتمكن من إقامة علاقة جسدية وجنسية بالشكل الذى يرضيه، ليس مهما ما يحدث لى، لست مهمة على الإطلاق، الشىء الوحيد المهم هو إرضاؤه».

يقول دكتور طلال، إن منى، جاءت إلى المستشفى للعلاج من الإدمان فى سن 25 عامًا، مما يعنى أنها ظلت فى هذه العلاقة لمدة سبع سنوات، وما ساعدها فى التخلص منها، هو أن زوجها قبض عليه فى قضية تعاطى للمخدرات ودخل إلى السجن مما دفعها لرفع قضية طلاق وقررت من نفسها التوجه إلى المستشفى للمساعدة فى علاجها من الإدمان.

لم تبتعد قصة منى كثيرا عن قصة «سارة» ذات الـ17 عاما، التى تعرضت لعنف جنسى من داخل الأسرة، حيث تعرضت للاغتصاب لمدة عامين على يد خالها.

سارة فتاة انفصل والداها ورفض أى منهما أن تعيش معه تركاها تعيش مع جدتها، وهناك اعتاد خالها على اغتصابها مرات عدة، وأكد الدكتور طلال أن خالها هو أيضاً من كان يعطيها المخدرات لتستجيب معه فى ممارسات التحرش، وبدأت سارة فى تعاطى المخدرات فى سن 15، وعندما جاءت إلى المستشفى مع أسرتها كانت هناك مقاومة عنيفة من الأب والأم فى الاعتراف بمسؤوليتهما عما وصلت له الابنة.

وأوضح الدكتور طلال أن المريض يتلقى فى المستشفى شقين من العلاج، أولهما جلسات العلاج التى تتم بشكل فردى مع المدمن، والشق الثانى يتمثل فى جلسات مع الأسرة للمساعدة فى العلاج، ولكن أسرة سارة رفضت بشدة الاعتراف بمشكلة الفتاة من الأساس وكانت تتجاهل الحضور أحيانا، وهو ما تسبب فى عدم استقرار حالة الفتاة، خاصة أنها لم يكن لديها نية فعلية للتعافى من الإدمان وهو ما دفعها إلى عدم إتمام برنامج العلاج أكثر من مرة.

«كائن مشكوك فى أمره»


يؤكد الدكتور طلال أن جميع الحالات التى تتجه لطريق الإدمان هى غالبا حالات تعرضت إما لظروف أسرية سيئة أو تعرضت لعنف أسرى جسدى أو جنسى، فضلا عن أن تعامل المجتمع مع الفتاة خاطئ فى أحيان كثيرة «هى كائن مشكوك فى أمره» لافتا إلى أن حوالى 80% من المدمنات اللاتى أشرف على علاجهن، تعرضن لاعتداء جنسى أو بدنى.

وأضاف أن كل الحالات التى يشرف على علاجها لا يتم علاجها من الإدمان فقط وإنما منها من يعانى من اضطراب آخر خفى وهو معروف باضطراب الغضب، لافتا إلى أن كلهن لديهن غضب على المجتمع وعلى أنفسهن وأسرهن وأحيانا ما يتجاوزن حدود الغضب لتصل إلى غضب مع الله.

وأضاف أن كل الحالات تحتاج إلى علاج يستمر لفترات طويلة لتعود الفتاة إلى حياتها الطبيعية مرة أخرى وتتصالح مع جسدها ونفسها وإقناعها بأن جسدها ليس الكيان الذى تسبب فى اغتصابها أو تشويهها أو غير ذلك.

وأوضح أن داخل قسم علاج إدمان السيدات فى مستشفى العباسية تم استحداث وحدة لعلاج الصدمات النفسية لأنه مع علاج كل حالة نكتشف خلفية تعرضها إلى صدمات نفسية وحوادث عنف، مما يستدعى علاجها على مستويين الأول العلاج من الإدمان وكذلك محاولة علاجها من الصدمات النفسية التى تعرضت لها.

«قانون يحمى الفتيات من العنف الأسرى»


حملة دشنها عدد من الفتيات فى إبريل الماضى للمطالبة بسن قانون يحمى الفتيات من العنف الأسرى، تم إطلاقها من خلال دعوة على موقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك»، وطالبن فيها الفتيات بتوثيق كل ما تعرضن له من أشكال العنف الأسرى فى استمارة إلكترونية قامت الحملة بنشرها على صفحتها.

الحملة تنقسم لعدة مراحل أولها توثيق حالات العنف بشتى صوره، من ثم تكوين مجموعات عمل فى كل محافظة، إلى جانب توعية الفتيات بمعنى العنف وأنواعه والعمل على مشروع قانون ضد العنف الأسرى.
مايكل رؤوف، محامٍ بمركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، قال، إن عدم وجود قانون يحمى المرأة من العنف الأسرى ساعد فى زيادة الحالات بشكل كبير جدا، لافتا إلى أن هذا القانون من أكثر القوانين الاجتماعية تعقيدًا فى صياغته والإلمام بكل ظروفه وأحداثه، ولكن إعداده ليس بالأمر المستحيل.

وأشار رؤوف إلى أن مركز النديم أعد مشروع قانون للعنف الأسرى وحصل هذا المشروع على توقيعات من العديد من الشخصيات العامة والمجتمعية، ولكن الدولة لم تستجب فى تطبيقه، لافتا إلى أنه حتى الآن الدولة تتخوف تماما من الدخول فى هذه المنطقة الحرجة بسن قانون يتدخل فى شؤون الأسرة المصرية.

وأوضح رؤوف، أن القوانين القائمة تعالج جوانب، أو حالات معينة من ضمنها هتك العرض ولكنها لا تشمل كل حالات العنف، فعلى سبيل المثال لا يوجد أى مواد فى قانون مصرى تعترف بالاغتصاب الزوجى، وهو ما تتعرض له العديد من السيدات.

ولفت إلى ضرورة أن يتم التركيز والضغط خلال الفترة المقبلة لمناقشة وإعداد قانون واضح يجرم العنف الأسرى بمواد واضحة وتعريفات واضحة تشمل كل أنواع العنف الذى تتعرض له الفتيات والسيدات فى مصر.

اليوم السابع -1 -2016









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة