يوسف جلال يكتب: حفظتُ ونسيتُ أن أفهم

الإثنين، 10 أكتوبر 2016 03:00 ص
يوسف جلال يكتب: حفظتُ ونسيتُ أن أفهم أب وأبناء - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى بعض الأحيان، ومع أول صدام بيننا وبين أرض الواقع نشعر بحالة من التيه، حالة من عدم الإدراك لما يحدث معنا.. كثيرا ما نجد أن العمر قد ناهز العشرين عاما ونحن ما زلنا لا نفهم !

 

يقع أغلب الأهالى فى البلد الشرقى فى أخطاء عدة، فراعى الأسرة يقفز خلف عمله كى يوفر متطلبات الحياة لأولاده من أكل وشراب ودواء.. فى الآونة الاخيرة ومع الزحام من حولنا، ومع قسوة الظروف، اضطر كل من الأب والأم إلى حصر دورهم فى توفير متطلبات الحياة فقط.

 

قديما كنا نجلس مع ذوينا نتناقش فى أمور حياتنا، نتحدث كثيرا حتى نصل إلى حل ونقطة اتفاق، كنا نستمع إلى نصائح الجد والجدة، كنا نفهم.. أو على الاقل كنا نحاول أن نفهم..

ولكن مع بدايات القرن الحديث قد حدثت الثغرة، لا يهم من السبب فى حدوث ثغرة بين الاهل وابنائهم، ولكن من المهم أن نجد حلا لتنتهى تلك المسألة.

 

على الجانب الآخر وإذا نظرنا للتعليم سنجد أن الملايين من التلاميذ يستمعون فقط إلى المدرس دون استخدام الجانب العقلى والعنصر المسئول عن التفسير والفهم...ونجد الاجيال تردد ما تحفظ فقط..

اصبحنا فى مجتمع يتناسى بالتدريج أن الفهم اهم كثيرا من حفظ القواعد والقوانين، فقبل أن تُعَلم طفلك أن يصلى عليك اولا أن تشرح له لماذا يصلى، وتوضح له أهمية الصلاة.. وقبل أن تطلب من ابنك أن يفعل شيئا ما عليك أن توجهه إلى إيجابيات الشىء وسلبياته.

 

عزيزى الأكبر منى سناً... إذا اردت أن أتبعك وأقدم لك قرابين الطاعة عليك أولاً أن تجادل عقلى وتجعله يقتنع بما تأمره.. أنا لستُ بذاكرة تملؤها بأفكارك دون أفكارى، لستُ من طين تشكلنى كما تشاء... علينا أن نجد فرصة للحوار حتى نصل إلى اتفاق..لا شيء فى هذا العالم ثابت، لا شىء لا يتغير، اجعلنى قادراً على المواجهة، وأمهلنى من الوقت ما يكفى لتحليل الأمور، وامنحنى فرصة اتخاذ القرار.

هذا العالم الخارجى بحاجة إلى أن يولد جيل من المفكرين، هذا العالم بحاجة إلى كسر قواعد صماء محفوظة، والبدء فى بناء الافكار والقرارات المدروسة.. انا أتعلم لأخطئ، وأخطئ كى أتعلم من الخطأ...

إن الحفظ وتكرار الأوامر من المبيدات الضارة التى تقتل ورود العقل...لهذا لا بد أن نفهم كثيرا، لابد من أن نجد فرصة لاقتحام محرمات الفكر الخاصة بالسابقين، لابد أن نحيا حياة اساسها الفهم والبحث والتفسير...

وأخيرا... اليوم انت معى، تعطينى الأوامر والمعلومات وتطلب منى أن احفظها ولا اخرج عنها... ماذا اذا ذهبت انت ؟

ماذا يجب أن افعل بدونك وأنا لست مستعداً لمواجهة الحياة ؟

لهذا... اتركونا نفهم ونقتنع، اتركونا نتعلم دون تسلط أو حشو المعلومات العقيمة التى لا تجدى شيئاً.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة