عادل السنهورى يكتب : هل يوقف اغتيال السفير الروسى فى تركيا قطار التطبيع السريع بين موسكو وانقرة..؟ ..الحادث يربك حسابات التحالف بين الجانبين ..والأنظار تتجه الى رد الفعل الروسى.

الإثنين، 19 ديسمبر 2016 10:53 م
عادل السنهورى يكتب : هل يوقف اغتيال السفير الروسى فى تركيا قطار التطبيع السريع بين موسكو وانقرة..؟ ..الحادث يربك حسابات التحالف بين الجانبين ..والأنظار تتجه الى رد الفعل الروسى. عادل السنهورى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يطرح حادث اغتيال السفير الروسي فى تركيا اندريا كارلوف مساء اليوم الاثنين خلال افتتاحه معرض صور فى العاصمة التركية انقرة تساؤلات قد كثيرة حول طبيعة العلاقات الثنائية بين انقرة وموسكو وتأثيرها على قطار التطبيع بين الجانبين الذى كان يسير بسرعة كبيرة بعد الاعتذار التركى عن اسقاط الطائرة العسكرية فى سوريا فى نوفمبر 2015 واللقاءات الثنائية بين اردوغان وبوتين واعلان موسكو استئناف الرحلات الجوية والسياحية الى تركيا. 

التساؤل الأخر هو مدى تأثير الحادث الارهابى على التحالف التركى الروسى فى الازمة الروسية والذى من المفترض أن يعقد غدا اجتماعا ثلاثيا بين روسيا وايران وتركيا بشأن سوريا بعد تحرير حلب وعملية اخراج المسلحين منها التي لم يتم الانتهاء منها حتى الأن. 

بالتأكيد فالحادث الارهابى سوف يعيد رسم المشهد السياسى الدولى أو الاقليمى، فالضربة الارهابية هذه المرة ضد دولة كبرى لها دور فاعل فى الحرب على الارهاب فى المنطقة وخاصة فى سوريا ودعمها للدولة والنظام السورى فى ظل تعقيدات المواقف السياسية لدول المنطقة وتباينها فى تلك الحرب وتقاطع مواقفها من الجماعات الارهابية المتحاربة فى سوريا والعراق والغموض حول موقف بعض العواصم ومنها انقرة فى دعم أطراف مسلحة فى سوريا. 

الأنظار خلال الساعات الحالية والقادمة تتجه صوب الكرملين فى انتظار رد الفعل الروسى الذى يرى مراقبون انه سيكون حاسما وربما عنيفا تجاه الحادث الارهابى ضد سفيرها فى انقرة التى لم تكد تدفع ثمنا لاسقاطها الطائرة العسكرية الروسية وسارعت الى الاعتذار، ولكنها فى الوقت ذاته أظهرت مواقف متخبطة في التعاطي مع إعادة إصلاح العلاقة مع روسيا، واستبعد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم فى يونيو الماضى دفع تعويضات لروسيا عن إسقاط المقاتلة الروسية قرب الحدود السورية، وذلك في استبعاد ثاني أهم شرط من الشروط التي حددتها موسكو لإعادة تطبيع العلاقات مع أنقرة، بعد أن مد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يده إلى نظيره الروسي وقدم له اعتذاراً رسمياً عن إسقاط الطائرة الحربية، داعياً إلى إصلاح العلاقات بين البلدين، حيث كانت أنقرة تكرر مسبقاً رفضها تقديم اعتذارات أو تعويضات لموسكو، بينما أعلنت الأخيرة أن "تطبيع" العلاقات الروسية التركية سيستغرق وقتاً. 

فى حادث اسقاط الطائرة سارع اردوغان الى توجيه رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر فيها عن "أسفه" وقدم "تعازيه" عن مقتل الطيار الروسي وكانت الخطوة المهمة الأولى فى تبريد العلاقات بين الجانبين تمهيدا لخطوات أخرى، فقد تعهد أردوغان بتنفيذ ثلاثة شروط وضعها بوتين قبل استئناف الحوار بين موسكو وأنقرة. الشرط الأول الذي نفذه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هو الاعتذار المباشر للجانب الروسي وإعرابه عن أسفه عمّا حدث، حيث جاء في نص اعتذاره: "أقولها آسف. أشاطركم أثر المصاب من كل قلبي". 

أما الشرط الثاني، فيتمثل في تعهد الرئيس التركي بتعويض ذوي الطيار الروسي الذي قضى في الحادث، وتعويض موسكو عن قيمة الطائرة التي تحطمت، مشيراً إلى أن الخطوة التركية هذه "تأتي باسم التخفيف من ألم ووقع الضرر الذي حصل على الجانب الروسي، وإلى استعداد أنقرة لتقبّل أي مبادرة" تصدر عن موسكو. 

والشرط الثالث الذي تمسكت به روسيا مطلباً للتطبيع، فيتمثل في معاقبة المتورطين في استهداف الطيار "أوليغ بيشكوف"، من الأرض أثناء هبوطه بالمظلة، ومن أطلقوا النار على المروحية التي هرعت لإنقاذ الطيارين، مما أدى إلى مصرع المقاتل ألكسندر بوزينيتش الذي كان على متنها. 

وخلص بأن الرئيس التركي، إذا ما نفذ الشروط الثلاثة التي فرضها الرئيس فلاديمير بوتين كما وعد، يكون بذلك قد حقق المطالب الرئيسة لبعث الأمل في إعادة العلاقات بين أنقرة وموسكو إلى سابق عهدها. فقد تبنت موسكو عدة اجراءات عقب الحادث منها إلغاء تسهيلات في منح تأشيرات الدخول وصولاً إلى فرض حظر على مواد غذائية على تركيا التي كانت تعتبر حتى ذلك الحين شريكاً مميزاً لروسيا، وكان بوتين قال إن القيود لن تلغى إلى أن يعتذر أردوغان عن الحادث. 

التقاط الرئيس، فلاديمير بوتين لرسالة الاعتذار من نظيره التركي رجب طيب أردوغان، عن إسقاط الطائرة الروسية لم يكن نقطة البداية لعملية تطبيع العلاقات بين البلدين، أو حسب القاموس السياسي الروسي "إعادة تشغيل العلاقات"، فقد سبق ذلك تعبير الرئيس الروسي أكثر من مرة عن رغبته بعلاقات جيدة مع تركيا والشعب التركي، وكشف بوتين في 28 مايو من العام الماضى الماضي عن وجود اتصالات روسية مع تركيا، لكنه ربط حينها عودة العلاقات مع أنقرة بخطوات تنتظرها موسكو من الجانب التركي. وبدوره لم يفوت أردوغان أي فرصة ممكنة للدعوة إلى إعادة العلاقات الودية مع روسيا. 

الاجابة عن التساؤلات ربما يكون من المبكر قبل الاستماع الى الموقف الروسى وموقف بوتين تحديدا بعد الضربة التركية الثانية فى خلال عام واحد. فهل تحكم التقاطعات والتشابكات والمصالح الروسية التركية فى ملفات وأزمات المنطقة عملية " رد الفعل" الروسى واحتواء أية اجراءات ضد انقرة على أرضية تقاطع المصالح السياسية والاقتصادية والتجارية بين الجانبين، اضافة عما تمثله الحرب في سوريا من مأزق مزدوج لكل من موسكو وأنقرة. 

المشكلة الحقيقية أن حادث اغتيال السفير الروسى تأتى وقد بدا فى الأفق ان العمليات العسكرية تمضى الى نهايتها بعد تحرير حلب وأن العواصم الثلاثة، موسكو وتركيا وطهران فى طريها لاعادة رسم المشهد السياسى والعسكرى فى سوريا، وهو ما يعنى ان حالة من الضبابية والارتباك سوف تسود المشهد. لكن ربما الانتظار لما سوف تعلنه موسكو هو ما سيجيب عن كافة التساؤلات ويحدد خريطة العلاقات الثنائية والاقليمية 

دعونا نقول بكل صراحة أن روسيا بوتين ستفكر كثيرا فى خسارة تركيا التى تعتبرها بوابة استعادة قوتها الناعمة وادواتها المتمثلة فى العلاقات الاقتصادية والسياسية مع تركيا. وهي نتيجة لذلك مضطرة إلى التعامل بعقلانية بعيدا عن ردود الأفعال غير المنضبطة، 

فهناك حرص على عدم التفريط بسوق الغاز التركي لصالح الغاز الإسرائيلي، وعلى إحياء المشاريع مع تركيا، مثل مشروع "السيل التركي"، 
وتعد تركيا خامس أكبر شريك تجاري لروسيا، بما نسبته 4.5% من إجمالي التجارة الخارجية الروسية. وعليه فالعلاقة مع تركيا مهمة من أجل مساعي روسيا لإخراج اقتصادها من حالة الركود. 

العلاقات الاقتصادية والتجارية بالتأكيد تلعب دور المحرك الأول للعلاقات بين البلدين. اضافة الى المصالح السياسية والعسكرية المشتركة فى المنطقة وخاصة سوريا، وحسب آخر الارقام فان التبادل التجارى بين البلدين يقدر بأكثر من 26 مليار دولار وتشغل تركيا المرتبة الخامسة بين الشركاء التجاريين لروسيا. 
على أية حال دعونا ننتظر الساعات والأيام القليلة القادمة من " ردود الأفعال" الروسية والتركية ايضا. 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة