أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

على رأى المثل.. «يا تعلمونا يا متعلموناش»

الأربعاء، 07 ديسمبر 2016 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى سنوات مضت، يقال عليها الآن «سنوات قديمة»، كان التلاميذ يذهبون إلى مدرسة ابتدائية متهالكة، فى صعيد مصر، وكانت الصفوف الابتدائية يحكمها نظام يطلق عليه «مدرس الفصل»، بمعنى أن مدرسا واحدا هو المسؤول عن كل المواد التى يدرسها التلاميذ وهو رفيقهم الدائم داخل الفصل طوال اليوم، ولو حدث ظرف ما وغاب المدرس، كان الحل هو أن يأخذ تلاميذ الفصل هذا اليوم إجازة.
 
المهم أنه ذات يوم، غاب مدرس أحد الفصول، فما كان من التلاميذ إلا أن حملوا حقائبهم المصنوعة من القماش وهموا بمغادرة المدرسة والعودة إلى منازلهم، على أن يأتوا فى الغد بعد مجىء المدرس، واندفعوا إلى الخارج تملأهم أحلام اللعب فى الدروب والطرقات وعلى النيل والجسور والترع وتسيطر عليهم مغامرات ليست بريئة لكنها تصلح ليوم إجازة، لكن ناظر المدرسة الذى كان حديث عهد بها تنبه لهروبهم، ولم يكن متعودا على مثل هذه التصرفات، لحق بهم وأعادهم داخل الفصل مرة أخرى.
 
لم يكن هناك ما يفعلونه فى هذه الزنزانة، فكل مدرس فى فصله، وليس هناك أحد يدخل إليهم ويعلمهم أى شىء، فما كان أمامهم سوى إحداث ضجة وصخب مما دفع أحد المدرسين للتوجه إليهم وطالبهم بالصمت، ثم سأل عن مدرسهم فلما علم أنه غائب، قال لهم وما الذى يبقيكم «عودوا إلى بيوتكم» فأطلقوا ساقيهم يسابقون الريح فارين من أسور المدرسة، لكن قبل عبورهم للحوش كان ناظر المدرسة قد تنبه لهم مرة أخرى فخرج من مكتبه يجرى ورغم ضخامة جسده استطاع أن يوقفهم للمرة الثانية.
 
كان التلاميذ قد وصلوا إلى مرحلة من الارتباك، فهم لا يعرفون الفائدة من بقائهم فى المدرسة بلا تعليم، ولا يفهمون غرض الناظر من سجنهم داخل جدران المبنى، لذا تقدم أحد الصبية ولم يكن الأذكى، لكنه كان قد استوعب الأمر تماما وقال كلمة أصبحت مشهورة بعد ذلك «يا حضرة الناظر على رأى المثل.. يا تعلمونا يا متعلموناش».
 
هذه الحكاية الحقيقية تختصر أزمة التعليم فى مصر، فالإمكانات غائبة، والقائمون عليه لا يعرفون سوى الشكليات، لكن جوهر الموضوع ليس مهما، والهدف منه ليس واضحا، والمنهج غائبا دون أن يسأل أحد عنه.
 
فى كل يوم يخرج أحدهم ليحدثك عن التعليم المحتاج إلى التغيير الجزئى والكلى، وبلغة أخرى الرأسى والأفقى، وتعديل المناهج وإعادة تأهيل المدرسين، لكن كل ذلك لا يحدث ونظل فى انتظار شىء.
 
الغريب أنه فى كل العالم اتخذت البلاد خطوات إيجابية لإصلاح طرقها فى التعليم، لكن هنا فى مصر لا يزالون يفكرون، ولم يستوعبوا بعد أن الأمر تختصره جملة «يا تعلمونا يا متعلموناش. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

مدرس مفروس

القائمون عليه لا يعرفون سوى الشكليات، لكن جوهر الموضوع ليس مهما

لقد أصبت كبد الحقيقة .. الموجه من دول يأتي للمدرس ويسأله عن الورقيات والدرجات والشكليات وبس .. ولايهمه مستوى الطلبة في شئ!!

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة