محمد أبو الفضل يكتب: الخرافات والأساطير وتدمير المجتمعات

الخميس، 04 فبراير 2016 04:00 م
محمد أبو الفضل يكتب: الخرافات والأساطير وتدمير المجتمعات صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم الاستغراب وليس من دليل قاطع على تميز الشعوب العربية عن سائر الشعوب منذ بدء الخليقة، أن تنتهى محاولات إشعال ثورات وحركات الربيع العربى الكبرى إلى حالة الوهن واليأس بل حالة موت سريرى وصلت إليه فى اللحظة الراهنة أن تاريخ الإنسانية ملىء بمحاولات مستميتة، وكان مصيرها مثل تلك الإخفاقات، فى كل الأزمنة والأماكن. ليس المهم حدوث الإخفاق، فهذا أمر طبيعى الاجتماع البشرى، لكن المهم هو منع الاستمرار فى الإخفاق من جهة، وتكراره من جهة أخرى، ومن أجل الوصول منع مزيد من الإخفاقات، سيحتاج الشباب العربى، قادة المستقبل، الغوص فى أعماق المسألة السياسية فى الدول العربية، والغوص فى الأعماق يبرز الآتى :

أولاً – العديد من الدراسات التاريخية تؤكد أن أولى الضحايا عندما تدخل المجتمعات فى أزمة كبيرة ومعقدة وتطول الجميع هى العقلانية، على غرة وبدون سابق إنذار يفقد المجتمع توازنه الذهنى والنفسى، وبدلاً من استعمال العقل والمنطق لمواجهة الأزمات المتعاقبة يلجأ إلى وسائل غير منطقية بالمرة، عادة ما تكون تلك الوسائل اللامنطقية مختزنة فى اللاوعى الجمعى منذ قديم الزمن، لكنها تطفو على السطح أبان حدوث الأزمات الدول العربية تمر بأزمات سياسية واقتصادية وقمع أمنى حاد، الأمر الذى يجعلها متوافقة، لأنها فى الأصل تنقصها العقلانية وتهيمن على حياتها الانفعالات والرعونه والمشاعر غير المنضبطة، فتدخل فى تلك الدوامات التى وصفناها فى السابق.

ثانياً – بافتقاد المجتمع لعقلانيته يصاحبه افتقاد صبره، فيكون اللجوء إلى مزيج من الخرافات والأساطير والشعوذة والتى افتقدت صلاحيتها فى مواجهة أزمات الحاضر، المقلق فى الأمر عودة المجتمعات العربية المأزومة إلى أوهام سابقة فتجربها من جديد.

الواقع يقول إن هناك بعض المنابر الإعلامية الخاضعة لأصحاب الأجندات والمصالح، تحاول دفع المجتمعات العربية للسير نحو استعمال بعض الأوهام الماضية غير الفاعلة لنأخذ المحاولة القائمة على قدم وساق لإقناع المواطنين بأنهم ليسوا مهيئين فى الوقت الحالى للمشاركة المؤثّرة فى بناء مؤسسات ديمقراطية تستطيع أن تكون جزءاً أساسياً من سلطة الدولة العربية، وبالتالى فإن المواطنين بات من الضرورى لهم أن يعودوا إلى قناعاتهم بأهمية وجود القائد الفرد البطل المنقذ معبود الجماهير وربان السفينة، وهذا يعنى مطالبة المواطنين عدم ممارسة حمل مسئولية لتسيير أمور مجتمعاتهم التى لا يجنى منها إلا وجع الدماغ والتعب.

إن فكرة البطل المنقذ أو المخلص، فى شكل إمام أو خليفة أو أمير أو شخصية تحمل عصا سحرية قد هيمنت على العقول والحياة السياسية بالمجتمعات العربية منذ قديم الزمن، ولكن مما لا يدعو للشك أن أخطارها فى الغالب أكثر من مزاياها، بل من الممكن التعايش معها إذا توافرت مقومات المجتمع الديمقراطى المستقل القادر على محاسبة البطل.

بالنسبة للمجتمعات العربية، المطلوب هو بناؤها وتنظيمها تنظيما سويا؛ لتكون قادرة على المراقبة، والمحاسبة، والتمتع بالحرية، وتحمل المسئولية كاملة، وذلك حتى لا ندخل فى دوامة البطولة والبطل المنقذ المهيمن، وكذلك فإن الأمر نفسه بات من الضرورى أن ينطبق على المواطن فى المجتمع العربى والذى يحتاج إلى أن يربى تربية من أهم أساسياتها ممارسة الحرية والاستقلالية الذاتية فى الرأى والفكر، وفى اتخاذ القرارات بشأن شتى الأمور فى مجتمعه، الواقع يقول إن المواطنين الأحرار المتمتعين بالاستقلالية هم وحدهم القادرون على تكوين مجتمعات حرة مستقلّة تتحمل على عاتقها مسئوليات حياتها بالكامل وبدون مساعدات من الغير.

من الطبيعى وجود أمثلة أخرى لأنواع من النكوص متوقع أن تعود إليه المجتمعات العربية عند دخولها فى أزمات تسلبها القدرة على استعمال العقل والعقلانية والمنطق والحكمة، وعبر التاريخ لعب المتسلقين والانتهازيون أدواراً شيطانيه من أجل إقناع المواطنين إبان الأزمات التى يتعرض لها مجتمعهم إلى العودة للوسائل القديمة نفسها المجربه فى السابق والتى أثبتت فشلها المطلوب من النخب والمفكرين والمثقفين الشرفاء والأحرار أصحاب الضمائر الالتزام بمساعدة الأمة العربية أجمع للخروج من حالة التدهور والتى باتت كالجحيم والذى نعيشه حاليا، أن يسقطوا الأقنعة من على وجوه الأشرار وأن يعرُوا كل المحاولات التى تهدف إلى إرجاع المواطنين إلى القناعة باستعمال الأساطير القديمة والخزعبلات والشعوذة السابقة.

والشىء الذى لا ريب فيه أن شعارات ثورات الربيع العربى، الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، كانت فى منتهى العقلانية التى بات من الضرورة القصوى أن تحقق من خلال وسائل عقلانية حديثة بعيدة كل البعد عن أوهام وخزعبلات الماضى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة