مرصد الأزهر: تصريحات بعض الساسة الفرنسيين ضد الإسلام تزيد الإسلاموفوبيا

الخميس، 14 أبريل 2016 02:33 م
مرصد الأزهر: تصريحات بعض الساسة الفرنسيين ضد الإسلام تزيد الإسلاموفوبيا الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلن مرصد الأزهر الشريف أنه فى إطار المتابعة الدورية التى تقوم بها وحدة رصد اللغة الفرنسية لظاهرة الإسلاموفوبيا فى الدول الفرانكفونية، رصد وحدة اللغة الفرنسية التابعة لمرصد الأزهر باللغات الأجنبية دعوة منظمة العفو الدولية، فى تقريرها الأخير، لفرنسا إلى وقف "الضغوطات" و"المضايقات" و"التمييز" بحق الأقلية المسلمة التى تجرى تحت غطاء تدابير حالة الطوارئ السارية فى عموم البلاد، عقب هجمات باريس التى وقعت فى 13 نوفمبر من العام الماضى.

وأكد المرصد، فى تقرير له اليوم، أن هناك تقريرا مشتركا لمنظمتى "هيومان رايتس ووتش والعفو الدولية" نشر على موقعيهما الرسمى عبر الإنترنت، ذكر أن الشرطة الفرنسية تستخدم القوة المفرطة خلال ممارساتها التى تستهدف مسلمين، بينهم أطفال وشيوخ، لافتاً إلى رميهم القرآن الكريم على الأرض خلال مداهمات للمساجد والمحال التجارية ومنازل المسلمين، إلى جانب ترهيبهم للأطفال.

وأشار التقرير إلى أن القيود المفروضة، التى تتسبب فى فقدان المسلمين لدخولهم ومحالهم التجارية، وممارسات العنف لعناصر الشرطة، تندرج فى إطار انتهاك حقوق الإنسان، مؤكداً أن عدداً قليلاً من المداهمات البالغ عددها أكثر من 3200 مداهمة أسفرت عن نتائج فقط.

وقالت منظمة العفو الدولية، إن مقابلات أجرتها مع 60 شخصًا، كشفت ممارسة الشرطة القوة المفرطة، واتخاذ تدابير صارمة بحقهم، دون تقديم أية إيضاحات.

وفى السياق ذاته، ذكرت جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا فى فرنسا، وهى جمعية "مستقلة"، أنها سجلت 29 حادث اعتداء على المسلمين، وقال المتحدث باسم الجمعية ياسر اللواتى، إن مكتبه تلقى سيلاً من التقارير والشكاوى من مسلمين، وكذلك اتصالات تتساءل عما إذا كان ذهاب الأطفال للمدارس يمكن أن يكون آمنًا، مضيفا، "أصبح المسلمون هم العدو فى الداخل"، وأن اهتمام وسائل الإعلام بهذه الحوادث كان متفاوتًا.

وأكد رئيس الجمعية أن حالة الطوارئ التى فرضت فى فرنسا مؤخراً أدت إلى تزايد الشكاوى من "وحشية" الشرطة التى داهم أفرادها منازل لتفتيشها ووضع أشخاص تحت الإقامة الجبرية.

ومن جانب آخر، ظهرت رسوم جدارية مناهضة للمسلمين فى أنحاء كثيرة بفرنسا، ففى بلدة إيفرو "شمال" كتبت على مبنى البلدية ومبان أخرى عبارات مثل "الموت للمسلمين"، كما رسمت صلبانًا معقوفة على جدران المساجد بمنطقة باريس ومنطقة بونتارلييه "شرق".

وعلى صعيد متصل نشرت صحيفة لوفيجارو الفرنسية خبرًا حول قلق الخبراء فى اللجنة الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب، يوم الثلاثاء، من "تعميم" الخطاب العنصرى فى فرنسا، لاسيما من قبل السياسيين، ومن تزايد "العنف العنصرى، ومعاداة السامية، والإسلاموفوبيا".

جدير بالذكر أن وزارة الداخلية الفرنسية أعلنت أن أعمال العنف العنصرى فى فرنسا تتزايد بنسبة 14% بين عامى 2012م وعام 2014م، بينما تتزايد الأعمال المعادية للسامية بنسبة 36%.

وقال ثوربيورن جاجلاند، الأمين العام للمجلس الأوروبى، إن "الخطاب العنصرى تفشى بين جميع طبقات المجتمع، وهذا ما يعد مصدر قلق"، ودعا السياسيين إلى الامتناع عن "الإدلاء بتصريحات تصف مجموعات من المجتمع الفرنسى بالضعف.

وأوضح التقرير أن مستوى التسامح فى فرنسا فى تراجع مستمر منذ أربع سنوات، وأن العنصرية لم تعد تترجم باعتداءات جسدية، لكن الألفاظ العنصرية تنتشر بين كافة طبقات المجتمع.

وأعرب الخبراء الأوروبيون عن قلقهم المستمر من الخطابات التى تدعو لأعمال عدائية ضد الإسلام والمسلمين، والتى يُغذيها "بعض السياسيين"، لاسيما مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية، التى شبهت سابقًا صلاة المسلمين فى الشارع بالاحتلال الألمانى.

كما طالب الخبراء الأوروبيون السلطات الفرنسية بـ"توضيح" اللوائح المتعلقة بمرافقة الأمهات المحجبات للطلاب أثناء الرحلات المدرسية، والذى أصدر مجلس الدولة حكماً ببطلان هذا المنع فى ديسمبر 2013م.

وأكد المرصد، أنه عند النظر إلى هذه الظاهرة، نجد أنها كثيرًا ما ترتبط ببعض الأعمال الإرهابية التى ترتكب داخل الأراضى الفرنسية وتنسب إلى بعض المسلمين. وعندها تشرع الصحافة والمواقع الإلكترونية فى شن هجوم لا على من قاموا بالجرم، ولكن على الدين الذى ينتسبون إليه، هذا الخلط الذى يمكن أن يعطى من وجهة نظرنا المبرر والحجة والذريعة لجماعات الإرهاب وتنظيماته بادعاء أن المجتمع الفرنسى والدولة الفرنسية تحارب الإسلام والمسلمين.

أضف إلى ذلك أنه من بين أبرز الأسباب التى أسهمت فى تنامى هذه الظاهرة خلال الأيام الأخيرة التصريحات المثيرة للجدل من بعض الساسة ورجال الدولة الفرنسيين حول اعتماد بعض ماركات الموضة خطوطًا لإنتاج أزياء إسلامية.

ورصد مرصد الأزهر تصريحات لورانس روسينيول، وزيرة حقوق المرأة فى فرنسا، التى وصفت الحجاب بأنه "حبس لجسد المرأة"، وعندما سُئلت عن النساء اللواتى اخترن ارتداء الحجاب بملء إرادتهن، قالت، "بالتأكيد، هناك بعض النساء قد اخترن ذلك، وكان هناك زنجيات أمريكيات يدعمن الاستعباد"، مضيفة، أن كثيرًا مِمَّن يرتدين الحجاب ناشطات يدعمن الإسلام السياسى، ويردن فرضه على المجتمع، وهى بذلك تريد أن تربط الزى الإسلامى لا بمفهوم الاستعباد وحده، بل بمفهوم سياسى، وهذا من شأنه أن يُثير إشكالات داخل المجتمع الفرنسى، إذ كيف تُصنِّف إنسانًا ارتضى بمحض إرادته أن يرتدى زيًا ما، وتحاول أن تلصق به تهمة ما، أو على الأقل وصفًا ما، ألا يُعد ذلك ازدراء لطريقة حياة اختارها إنسان، حتى ولو كنت لا توافق عليها، ما معنى التعددية وقبول الآخر إذن ؟!

وفى هذا السياق جاءت تصريحات رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس لتسهم بدورها فى زيادة حدة التوترات، حيث صرح قائلاً، "ما يمثله الحجاب بالنسبة للمرأة ليس موضة، وليس لونًا يتم ارتداؤه، ولكنه استعباد للمرأة..."، هكذا ؟!

ويرى مرصد الأزهر أن مثل تلك التصريحات المثيرة تسهم بالتأكيد فى زيادة أعمال الإسلاموفوبيا والتحريض عليها، لاسيما أنها تصدر عن مسئولين حكوميين، الأمر الذى يفتح أبوابًا للجدل، ويزيد نسبة التوترات بين أطياف المجتمع، ما ينعكس سلبًا على النسيج الاجتماعى الفرنسية من ناحية، ولا يسهم فى تحقيق إدماج المسلمين فى مجتمعاتهم باعتبارهم مواطنين يتمتعون بكافة الحريات التى كفلها القانون والدستور من ناحية أخرى، لأنهم إذ ذاك يشعرون – أو هكذا يبدو – أن أطيافًا فى المجتمع لا تقبلهم أو تهمشهم أو تصادر حرياتهم وحقوقهم، وهذا ما نحسب أنه يمكن أن يزيد من اتجاه بعض الشباب نحو التطرف الفكري، ويكون لقمة سائغة لجماعات يمكن أن تستغل عاطفته، وتغذى عنده الشعور بالعداء تجاه المجتمع، ما يؤدى فى النهاية إلى ارتكاب جرائم تُنسب بعد ذلك إلى دينه، رغم أن السياق السياسى والاقتصادى والمجتمعى يمكن أن يكون قد أسهم فى ذلك.

وهذا ما ذكَّر به الإمام الأكبر شيخ الأزهر فى خطابه أمام البوندستاج الألمانى، مؤكداً أنه "يعيش فى أوروبا اليوم ما يَقْرُب من عشرين مليون مُسْلِم، معظمهم ولد فى أوروبا وأصبح أوروبيًّا، ويجب أنْ يتمتع هؤلاء جميعًا بالمُسَاواة بينهم وبين المُواطِنين من أصول أوروبية، وألَّا تتركوهم يشعرون بأنَّهُم مُهَاجِرون يَعيشُون على هامِش المُجتَمَع، ويفتقدون ولاءهم لمجتمعهم الذى ينتمون إليه، فالولاء للأوطان هو «المَناعَة» القَويَّة الَّتى تَقِف ضِدَّ الانزِلاق إلى التَّطَرُّف والعُنف".

وتظل الإسلاموفوبيا من الظواهر العالمية التى يتابعها مرصد الأزهر عن كثب، ويحلل أسبابها ومظاهرها، انطلاقًا من اهتمام الأزهر الشريف بأحوال المسلمين فى شتى بقاع العالم، وقد أصدر مرصد الأزهر فى هذا الصدد العديد من التقارير الدورية، منها تقرير حالة الإسلاموفوبيا فى العالم للعام 2015، يمكن الاطلاع عليه على بوابة الأزهر الإلكترونية.


موضوعات متعلقة



مرصد الأزهر: الإسلام حرم الاعتداء على الآخرين.. ويحدد 8 أنواع من الاعتداءات.. أبرزها الضرب على الوجه و العنف ضد النساء.. والإشارة بالسلاح والعنف ضد الحيوانات والتمثيل بالجثث وتخريب الممتلكات العامة











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة