خالد أبوبكر يكتب: مصر وفرنسا.. تحالف جديد علاقات متميزة فى تاريخ البلدين.. وإضافة لثقل مصر الدولى وحائط صد داخل الاتحاد الأوروبى

الثلاثاء، 19 أبريل 2016 03:52 م
خالد أبوبكر يكتب: مصر وفرنسا.. تحالف جديد علاقات متميزة فى تاريخ البلدين.. وإضافة لثقل مصر الدولى وحائط صد داخل الاتحاد الأوروبى خالد ابو بكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فرنسا هى البلد الجميل الراقى الذى تعلمت فيها، ولى ذكريات فى شوارعها وداخل مؤسساتها التعليمية والقانونية، تعلمنا فى فرنسا الحرية والمساواة والإخاء، وهى مبادئ الجمهورية الفرنسية وتعلمنا أيضا الذوق الفرنسى، وكثيرا من القيم الراقية.

وتأتى زيارة الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند إلى مصر هذه الأيام كإشارة واضحة للجميع عن تميز العلاقات المصرية الفرنسية على نحو لم تشهده من قبل، والأمر ليس فيه تخيل، وإنما له شواهد واقعية يمكن أن تلمسها بنفسك عزيزى القارئ، فقد سارعت فرنسا بالوقوف إلى جانب مصر بعد ثورة يونيو، وأيدت إرادة الشعب المصرى، وأيضا كان لها دور كبير داخل الاتحاد الأوروبى فى شرح ما تم فى مصر فى هذه الفترة العصيبة التى كان العالم فيها يلتبس عليه حقيقة ما جرى فى بلادنا.

كنت موجودا بالأمم المتحدة فى نيويورك متابعا للقاء الأول الذى جمع الرئيس السيسى والرئيس هولاند، وهو كان البداية، وأتذكر حوارا دار بينى وبين أحد المسؤولين الفرنسيين بعد اللقاء الذى استمر لدقائق سألته عن انطباعه قال لى صراحة، كنا نتوقع أن نلتقى جنرالا عسكريا تخرج منه الابتسامة بصعوبة إلا أننا وجدنا الرئيس السيسى شخصا بسيطا تشعر فيه بالصدق، وهنا تفاءلت خيرا، حيث إن الفرنسيين شعب تستطيع بالمعنويات أن تكسر كثيرا من الأمور الجامدة.

ثم قام الرئيس السيسى بزيارة ناجحة إلى فرنسا التقى فيها بعدد كبير من رجال الأعمال الفرنسيين والشركات الكبرى المستثمرة فى مصر، وهو اللقاء الذى طمأن فيه الرئيس الجميع على سير الأوضاع فى مصر، مع تعهده الدائم بحل المشاكل التى تواجه الاستثمارات الفرنسية. 

وهنا صراحة يجب أن أشيد بالدور الذى لعبه السفير المصرى فى باريس إيهاب بدوى، وهو واحد من الدبلوماسيين الذين تستطيع الدولة المصرية الاعتماد عليه، وبحق فى كل المواقف فهو على درجة كبيرة من اللباقة والذكاء والخبرة فى التعامل فى المواقف، كما أنه يتحدث الفرنسية بطلاقة، وكان له دور كبير فى تطور العلاقات فى العامين الماضيين.

وأتت الصفقة التاريخية بين مصر وفرنسا لشراء طائرات الرافال التى كانت نقطة فارقة للرئيس فرانسوا هولاند، حيث كانت مصر هى الدولة الأولى فى العالم التى تتعاقد على شراء هذه الطائرات التى عجز جميع الرؤساء الفرنسيون عن تسويقها كواحدة من أهم قطع الإنتاج الحربى الفرنسى، وهو الأمر الذى أعطى للرئيس هولاند مكسبا سياسيا جديدا أضيف إلى رصيده، فى حين واجهت مصر بجرأة كبيرة انتقادات عن مدى كفاءة هذه الطائرات، وهو الأمر الذى لم تعره مصر اهتماما، وثبت صحة موقفها فيما بعد، وأصبحت الدول واحدة تلو الأخرى تتعاقد مع فرنسا على شراء الرافال أسوة بالجيش المصرى، كواحد من أقوى الجيوش فى العالم، ثم بعد ذلك توالت صفقات السلاح بين مصر وفرنسا، وهو الأمر الذى يعد سابقة فى التوجه النصرى فى التسليح الذى انحشر تقريبا فى السلاح الأمريكى، وهذا التوجه ينم على انفتاح مصر على العالم أجمع وأنها ليست دولة تابعة لقوة دولية معينة. 

ولعل العلاقة المميزة بين الرئيس السيسى ووزير الدفاع الفرنسى الحالى جان إيف لودريان  كان لها دور كبير فى إبرام تلك الصفقات، وأذكر أثناء زيارة الرئيس إلى فرنسا تم استقباله فى وزارة الدفاع الفرنسية بشكل كنت فخورا به، وكنت موجودا وشاهدا على ما قامت به القوات الفرنسية أمام الرئيس ترحيبا به.
وتأتى زيارة هولاند للقاهرة فى وقت تعيش فيه مصر أزمة حقيقية مع المجتمع الدولى الدول الأوروبية وأمريكا، فقد كان لمقتل الشاب الإيطالى ريجينى ولعدم رضاء الجانب الأمريكى، ويتبعه البريطانى عن المواقف المصرية المستقلة القرار، كان لكل ذلك تبعات جعلت هناك استغلالا لقضية ريجينى الإيطالى للزج باسم مصر فى انتقادات دولية فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان، وهو الأمر الذى تدعمه وتشعل فيه النار قوى ودول معروفة بعدائها لمصر.

والحقيقة أننا أصبنا بكواراث خلال العامين الماضيين لولا حدوثهما لكان الحال غير الحال، سقوط الطائرة الروسية، ومقتل ريجينى كانا أكبرهما على الإطلاق.

والآن وبعد هذه الزيارة الفرنسية الرفيعة المستوى أعتقد أن فرنسا ستلعب دور الوسيط بين مصر والاتحاد الأوروبى، حيث اعتبر الرئيس هولاند حادث مقتل ريجينى هو حادث فردى، وقال فى المؤتمر الصحفى الذى عقده مع الرئيس السيسى، أنه إذا لم أتعاون مع دولة فى حجم مصر للحرب ضد الإرهاب أكون قد ارتكبت خطأ كبيرا، واسألوا الرئيس المصرى عن هذه الحرب، فهو يستطيع الإجابة أفضل منى. 

ولعل قضية ليبيا من القضايا التى تشغل الجانب الفرنسى الذى تتفق فيه المواقف الفرنسية والمصرية، وهو ما أشار إليه الرئيس هولاند فى المؤتمر الصحفى، «وبمناسبة المؤتمر الصحفى، وهمسة فى أذن الرئيس أن الغرب فى أحيان كثيرة يحتاج إلى لغة خطاب مختلفة عن تلك التى يمكن أن ترتجل داخل الدول العربية».

الجانب الذى أتمنى أن أورى فيه تقدما بين مصر وفرنسا هو البعثات التعليمية، وهى التى أثرت وتؤثر فى خلق جيل كامل من المثقفين المصريين. 

علينا أن نزيد من هذه البعثات، ونحرص على أن يقدم الجانب الفرنسى تعاون فى هذا الشأن. 

أشعر بسعادة كبيرة لنتائج هذه الزيارة المهمة، وأحترم فرنسا التى تعلمت فيها، وأتمنى الخير لمصر بلدى التى ولدت بها وتربيت فيها وسنعمل بكل ما لدينا من علم ومعرفة لكى تحيا بين الأمم عظيمة الشأن تعلم ويتعلم منها الجميع مهما كانت الظروف.. والأيام بيننا فمصر تمرض لكنها لا تموت.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة