صابر حسين خليل يكتب: من أجلك يا حبيبتى

الثلاثاء، 10 مايو 2016 10:12 م
صابر حسين خليل يكتب: من أجلك يا حبيبتى حبيبين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الساعة السابعة مساء، تجلس فى قلق، منتظرة دورها للدخول للطبيب، القلق يعتصر فؤادها، ونظرة غير مستقرة فى جميع أنحاء العيادة، تبحث عن شيءٍ تتشبث به عيناها، يضع زوجها يده فوق كتفها ويحاول أن ينقل إليها شيئاً من الطمأنينة، وبيده الأخرى يمسك بالأشعة والتحاليل التى طلبها الطبيب، تُنادى الممرضة على اسمها، تحاول أن تقف من فوق الكرسى، لكنها لا تستطيع، يساعدها زوجها حتى تقف، تقترب رويداً رويداً من باب حجرة الطبيب، عبرت نحو الغرفة وزوجها يتبعها، ويستقبلهم الطبيب بابتسامة تنم عن محاولة منه لتخفيف التوتر الظاهر على الزوجة.
يقدم الزوج التحاليل والأشعة للطبيب الذى يمسكها ويقلبها جميعاً وملامح وجهه تتغير تدريجياً رغم محاولاته المستميتة لعدم إظهار هذا التغير.

حاول الطبيب أن يستجمع قواه ليخبر الزوج والزوجة بإيجابية التحاليل وأن الزوجة تعانى من ورم خبيث فى الثدى.

فى لحظة الصمت هذه تكلمت الزوجة وقالت للطبيب، قلها أيها الطبيب نعم أعرفها، إنى أعانى من مرض خبيث فى الثدى.

هنا ضغط الزوج على كتفى زوجته بيديه لعلها تنقل إليها ما عجز لسانه عن قوله.

وأكمل الطبيب كلام الزوجة وقال لها لا تيأسى فالورم فى بدايته ونستطيع التدخل جراحياً لاستئصال الورم. الدموع تقف فى عين الزوج.

وفى البيت بكاء الزوجة لا يتوقف. الزوج يحاول تخفيف أوجاع زوجته، فهى حبيبته التى تزوجها بعد قصة حب دامت لسنوات، وكيف عاشا حياة سعيدة وزاد من سعادتها طفلان آية فى الجمال والخلق.

كيف أتى هذا الوحش ليخرجهما من سعادتهما هذه، استعاذ بالله مما أوصله له تفكيره.

لعل هذا اختبار من الله تعالى. والآن كيف سيجمع المال المطلوب لهذه العملية، فهى مكلفة كما أخبرهما الطبيب. والعلاج المجانى يحتاج لوقت طويل.

فى الصباح بدأ يبيع كل ما يمكن بيعه بالإضافة إلى ما ادخره هو وزوجته.

بعد أسبوع استطاع جمع تكلفة العملية مع الاستدانة من بعض الأصدقاء والمعارف.
الزوجة تستعد لدخول غرفة العمليات، حنية الزوج خففت من خوف الزوجة.

ودعها حتى وصلت غرفة العمليات، ثلاثة ساعات مدة العملية، خرج الطبيب ليبشر الزوج بنجاح العملية، وأنه تمت إزالة الورم نهائياً. أفاقت الزوجة من المخدر، وجدت زوجها بجوارها ومعه أولادها، بشرها بنجاح العملية، ابتسمت الزوجة ابتسامة باهتة، لكنها سرعان ما تذكرت أنها فقدت جزءا هاما من جسدها، جزءا خاصا بأنوثتها، غلبتها دمعة، التقطها الزوج بيده قبل نزولها.

مرت الأيام بطيئة، خرجت الزوجة من المستشفى، رجعت لمنزلها، الزوج تكفل بأمور البيت والأولاد محاولاً أن يوفر لها الراحة اللازمة.

بعد شهر من العملية بدأت الأم تسترد عافيتها، وقد طمأنها الطبيب على اكتمال شفائها.

وسألت الزوجة الطبيب عن عملية بناء الثدى، فأخبرها الطبيب أنها عملية مكلفة جداً لكنها ناجحة وتحقق نتائج مذهلة، وأعطاها اسم طبيب متخصص فى هذا المجال.

أخذها زوجها لهذا الطبيب وبعد أن أتم فحص الزوجة، قال لهم بإمكانية العملية، وأن عملية بناء الثدى مرة أخرى تكون أقرب للطبيعى بدرجة كبيرة، فرحت الزوجة لكن فرحتها لم تدم، فالرقم الذى قاله الطبيب لتكلفة العملية كبيراً جداً وهما لا يملكان هذا المبلغ.

رضيت الزوجة بالأمر الواقع، لكن الأمر مازال عالقا بذهن الزوج. وفى أحد الأيام أخبر زوجته بأنه ذاهب للعمل لمدة شهر خارج القاهرة.

سافر الزوج، ودعته زوجته وأولاده، عاد الزوج بعد أربعين يوماً وآثار الإجهاد والتعب واضحة عليه.

وكانت المفاجأة أنه أتى بمبلغ كبير وأخبر زوجته أنه ثمن لعملية بناء الثدى.
أجرى الطبيب الجراح العملية للزوجة.

بعد شهر وقفت الزوجة أمام المرآة تستعرض عودة الأنوثة لها، وقفت فخورة بذاتها وقررت أن تكون هذه الليلة هى الليلة الأولى مع زوجها.

موسيقى هادئة وأنوار خافتة، الزوجة تحاول أن تعطى لزوجها فى هذه الليلة كل ما حُرم منه فى الفترة الماضية.

تحسست الزوجة جسد زوجها الذى مازال ضعيفاً منذ عودته من السفر وأثناء مداعبة يديها لجسد الزوج عثرت على جرح كبير فى جسده، وسألته عن هذا الجرح الكبير، فأخبرها أنه تعرض لإصابة أثناء سفره فى العمل، أتمت الزوجة ليلتها مع الزوج الحبيب. لكن الزوج ظل شارد الفؤاد يفكر فى لحظة تبرعه بكليته مقابل المال الذى أحضره لزوجته، فقد باع جزءا من جسده ليشترى لها ما يكمل جسدها.

وفى نفسه تدور كلمة واحدة، إنى فعلت ذلك من أجلكِ يا حبيبتى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة