محمد دشناوى خبير سوق المال: الأوضاع الاقتصادية تدخل مرحلة التعقيد.. ومصر تواجه حربا ويجب زيادة الإنتاج وإصلاح السياسة النقدية.. وزيادة تكلفة الاستثمار تدفع المستثمرين إلى الاستغناء عن المشروعات الكبرى

الثلاثاء، 17 مايو 2016 10:30 ص
محمد دشناوى خبير سوق المال: الأوضاع الاقتصادية تدخل مرحلة التعقيد.. ومصر تواجه حربا ويجب زيادة الإنتاج وإصلاح السياسة النقدية.. وزيادة تكلفة الاستثمار تدفع المستثمرين إلى الاستغناء عن المشروعات الكبرى خبير سوق المال محمد دشناوى
كتب - محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال محمد دشناوى، خبير سوق المال، إن الأوضاع الاقتصادية فى مصر حاليا تدخل مرحلة التعقيد، ونحتاج ترتيب الأولويات الاقتصادية طبقا للأهمية والإمكانيات المتوفرة وترشيد الاستهلاك، حتى نستطيع الخروج من هذا الحصار دون أن يتم «تركيعنا» اقتصاديا، لأن هذا الأمر باختصار طريقة الليبرالية الجديدة بقيادة أمريكا دائما لمواجهة الدولة، عبر فرض حصار اقتصادى عليها لتبدأ الضغط الاقتصادى والاجتماعى عليها، مدفوع بضغط بجماعات ضغط سياسى أو دينى أو عمالى، سواء جماعة الإخوان المسلمين أو الحقوقين أو الاشتراكيين أو مؤسسات المجتمع المدنى المعتنقين أفكار العولمة الكاملة الذين يجدونها فرصة لتسويق أفكارهم المتهالكة، ومحاولة منهم لإيجاد ظهير شعبى لهم حتى وإن كان ذلك على حساب الشعب والدولة ومستقبل الفقراء.

وأضاف دشناوى، أنه للأسف هذا ما يحدث، وأن الحصار الاقتصادى هو أن يتم منع كل أو جزء من صادرات وواردات السلع والخدمات بين الدولة والعالم الخارجى، وهذا حدث مع دول كثيرة بصور ظاهرة مثل كوبا وإيران وليبيا، وقد امتد إلى حصار للشواطئ ومنع الطيران، وغالبا وإذا نظرنا إلى هذه الدول تجدها دول مصدرة للنفط.

ولذا كان الحصار واضح وملموس، أما الحصار الاقتصادى على مصر فهو لا يحتاج لذلك، خاصة أن الاقتصاد المصرى اقتصاد خدمى ويمثل الميزان الخدمى 60 ٪ من ميزان المدفوعات، وأهم هذه الخدمات التى تقدمها مصر للعالم هى السياحة التى كانت تغذى مصر من 10 إلى 13 مليار دولار سنويا، وأغلب السياح قادمون من دولة واحدة وهى روسيا، وذلك أحد مشاكل عدم التنوع الاقتصادى، ولم يراع فى عهد مبارك عمل اقتصاد متوازن.

ولذا وقعنا فريسة وكان من السهل فرض حصار سياحى علينا، وهو ما تم بالفعل وشاهدنا تضخيم حادث سقوط الطائرة الروسية، خاصة وأن الأمور تمت المبالغة فيها بصورة كبيرة ولم تحدث من قبل مع أى من الحوادث المتشابهة على مستوى العالم، وأن تتجه دولتان كبريان بحجم أمريكا وبريطانيا باستباق الأحداث والتحقيقات لإعلان احتمالات لا يوجد لها أدلة غير أن تحدث زخم على مصر يجعل الدول مجبرة على اتخاذ إجراءات بمنع قدوم السياح إليها، وذلك بالتحكم فى الرأى العام لدول العالم.

أما سلاح القوة الناعمة، فهو سلاح أمريكا الفعال، حيث هى تدير العالم من خلال موجات رأى عام دائما بقيادة أمريكا بقوتها الناعمة، وغالبا ما تتبعها دول العالم وتعتمد على تهويل قضية ما وهذا ما يحدث معنا وإحراج حكومة روسيا وحثها على اتخاذ قرار تعليق الطيران من شرم الشيخ وإجلاء السياح الروس.

وبدراسة أبعاد هذا الموقف ومن المستفيد منه وما الضرر منه نجد أن المستفيد منه هى أمريكا وحلفائها، وهو ضد روسيا ومصر فى ظل التقارب الواضح بين البلدين خلال الفترة الماضية، فالبنسبة لروسيا فإن روسيا تدخلت فى سوريا دون استئذان وأحرجت أمريكا وجعلتها تغير أولوياتها وترتيبها فى المنطقة، بالإضافة إلى أن تقرير هولندى خرج يتهم روسيا بأنها وراء ضرب الطيارة الماليزية بصاروخ ضرب من روسيا أو المناطق المتحالفة مع روسيا بأوكرانيا.

وهذا التقرير خرج قبل سقوط الطائرة الروسية بسيناء، فهل يوجد مخابرات دولية كانت لها يد بسقوط الطائرة الروسية، أم أنها سقطت بسبب عطل فنى أو بشرى أو عن طريق إرهابيين بسيناء كل هذه الأمر لا أحد يستطيع البت فيه إلا بعد ظهور نتائج التحقيقات، إلا أن بريطانيا وأمريكا أرادتا الاستغلال الفورى بأكثر الصور ضررا على مصر.

وهذا ما يؤكد المؤامرة وهذا ليس غريبا عليهم فتسويق الحادث ركز على جانب واحد فقط وهو كيفية تصدير القلق إلى قطاع السياح، وهو ما حدث بالفعل، وهنا يأتى السؤال لما تفعل ذلك أمريكا معنا بعد ثورة 30 يونيو؟ وهل أمريكا «هتموت كده على حكم الإخوان طب ليه بعيد عن التخمينات والتكهنات التى ربما تكون صالحة أو فاسدة، إلا أن أمريكا تقود العالم الآن منفردة بنظام ليبرالى، وهو نظام بديل لأنظمة الاحتلال السابقة، وتهدف منه أمريكا إلى أهداف كثيرة أهمهما القضاء على القوميات وتحويلها إلى كيانات ضعيفة وإشعال النزاعات العرفية والطائفية من خلال تذويب الحضارات لتتبع الدول بلاد العم سام وحتى تكون التبعية قوية تصنع صيغ تكرس الشرذمة والتشتت وتفكيك الأوطان إلى كيانات صغيرة هذا ما تريده أمريكا، وهذا ما توافق فيه الهوى الأمريكى وأفكار جماعة الإخوان التى هدفها الأساسى الوصول للحكم فقط دون ثوابت واضحة فى إدارة الأوطان، والأهم من ذلك فرغم أن أمريكا تظهر دائما منادية بالديمقراطية فى الحكم كصورة ظاهرية، إلا أنها دائما ما تريد أن تتحكم فى مراكز صنع القرار السياسى، وذلك تحت حجة الأمن العالمى الذى عينت نفسها رقيبة عليه على حساب مصلحة الشعوب.

ويلعب الإعلام دورا كبيرا فى توجيه مركز صنع القرار، بالإضافة إلى جماعات الموالية لأهداف العولمة وتأخذ مقابل للضغط على الحكومات العالمية، وهى تستخدمها كيفما ووقتما تشاء، وهو ما تم القضاء عليه فى ثورة 30 يونيو، وتم كسر المعادلة لصالح إرادة الشعب، لذا تم تصيد أزمة الطائرة الروسية لفرض الحصار الاقتصادى الجزئى على مصر، خاصة أن عواقب هذا الحصار تكون أضراره أكبر بكثير من الحروب التقليدية، حيث إن بهذا الحصار تخسر مصر موردا رئيسيا كان يدعم ميزان المدفوعات بـ13 مليار دولار، وبمنع هذا المورد يكون حرم مصر من هذا الرقم، مما يحدث خللا فى ميزان المدفوعات، وبالتالى يزيد العجز وتحتاج الدولة إلى مزيد من الاقتراض الخارجى لتمويل هذا العجز وهو ماحدث خلال الفترة الماضية، وتم دعم ذلك بتمويلات عربية سواء فى صورة إعانات وقروض ميسرة ومشاريع لسد ذلك العجز ثم يستمر العجز، ويحدث نقص فى السلع والخدمات المستوردة من الخارج.

ومادام قل المعروض من السلع، واستمر الطلب بنفس الوتيرة يحدث ارتفاع فى الأسعار، وهذا ما يعرف بالتضخم والمقصود بالتضخم ليس ارتفاع الأسعار وحسب، بل أيضا ارتفاع التكاليف وارتفاع الدخول النقدية والإفراط أيضا فى خلق الأرصدة النقدية والتضخم ليس سيئا دائما فهو مقبول ولكن بقدر، وإن زاد عن هذا القدر وأخذ الطريق الصعود بصورة مفرطة يتحول إلى تسونامى اقتصادى ودول كثيرة سقطت به مثل شيلى فى السبعينيات والأرجنتين فى الثمانيات وزيمبابوى فى الألفينيات والتضخم مشكلته أنه تجمعه علاقات بكل أوجه الاقتصاد، فمثلا توجد علاقة عكسية بين التضخم وقيمة العملة، فكلما ارتفع التضخم قلت قيمة العملة والعكس والتضخم له علاقة وثيقة أيضا بالكساد، حيث بينهم علاقة طردية، فارتفاع التضخم معناه ارتفاع معدلات الفوائد لتقليل الأموال بالسوق، وأيضا رفع الفائدة يرفع تكلفة التمويل، وبالتالى يرفع تكلفة السلعة بالكامل، بالإضافة إلى ميل التجار الكبار إلى اكتناز السلع، انتظارا لزيادة أسعارها فى المستقبل فتقل حركة رأس المال، مما يزيد البطالة ويضغط على معدلات النمو للدولة، ويتم تشويه بيانات معدلات نمو لا تمثل نموا حقيقيا وزيادة تكلفة الاستثمارات قد تدفع المستثمرين للعزوف عن الاستثمارات الكبرى، والتوجه إلى الاستثمارات الهامشية للاقتصاد التى تكون ذات تكلفة قليلة وربحية مرتفعة وهذه المشروعات غير منتجة وتزيد من التباطؤ الاقتصادى، مثل المضاربات فى كل السلع بالتتابع.

والمشكلة الأهم، هى أنه بسبب التضخم يتم تخفيض العملة وهنا يفقد الناس الثقة فى العملة كمقياس وحافظة للقيمة ومحفز للادخار، فيزيد اللجوء إلى تحويل الاكتناز فى الدولار والعقارات والسلع، مما يضاعف المشكلة، بالإضافة إلى الأعراض الاجتماعية، حيث إن التضخم يوجه الدخل لصالح الفئات الغنية، ويزيد من فقر الفئات الفقيرة ويزيد من الفئات التى تحت خط الفقر.

وأن علم الاقتصاد فى رأسمالية الدولة مبنى على علم فيزيائى عبارة عن مجموعة من الظواهر المترابطة والمتتابعة، وهذه الظواهر تتحد إيجابياتها وسلبياتها بقدر، وإن اختل هذا القدر اختلف الناتج والتأثير واتجاه التأثير بين سلبى وإيجابى.

ولذلك يجب الحرص حتى لا ندخل فى مرحلة التضخم المكبوت بعمل خطة تقشف فى الإنفاق الحكومى ورفع معدلات الضرائب على الأنشطة الهامشية، وتقديم التيسيرات الضريبية إلى المشاريع الإنتاجية، وألا يتم تعامل الجميع بنفس فئة الضريبة، لأنك هنا تساعد على زيادة المضاربة على الأسعار.

كما يجب توجيه الاستثمار فى ثلاث اتجاهات الأول لإنتاج سلع تكون بديلا للسلع المستوردة، والاتجاه الثانى زيادة الصادرات، والاتجاه الثالث خلق قيمة مضافة على الخامات التى يتم تصديرها، كما هى وزيادة نسب التصنيع بما فى ذلك المنتجات الزراعية للاستفادة من العمالة الرخيصة وذلك لإعادة هيكلة الاقتصاد، وألا يعتمد على الخدمات المقدمة للغير.

ويجب خلق مشاركة شعبية بأهمية تقليص الإنفاق ومساندة الإدارة الحاكمة، ومواجهة الاحتكار بقابضة من حديد وتشديد العقوبات على الأنشطة التى تهدف لخلق الأزمات لرفع الأسعار، وتفعيل دور البنك المركزى فى إدارة السيولة.

أما السياسة المالية، فيجب أن تهتم بزيادة الضرائب على السلع الكمالية والعمل على خفض الإنفاق الحكومى، وهذه الإجراءات ضرورية لمواجهة التضخم فى هذه المرحلة التى زاد وتيرة الارتفاع فى أبريل بصورة كبيرة وصلت لمستوى 10.90 من 9.20 فى مارس 2016.


موضوعات متعلقة:



- داليا خورشيد: ملف النزاعات الاستثمارية يشهد تطويرا إيجابيا








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة