أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد حبوشه

الجيش فى مواجهة أخطار الداخل والخارج

الثلاثاء، 24 يناير 2017 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الثابت تاريخيا أن الجيش المصرى لم يكن يوما جيش غزو أو احتلال ، بل إنه على مدار تاريخه - منذ توحيد القطرين على يد الملك مينا عام 3200 ق.م – نذر نفسه للدفاع عن الحق والعدل والتراب المصرى، انطلاقا من أن الجيش المصرى على مدار تاريخه كان ومازال وسيظل جزء لا يتجزأ من شعب مصر العظيم ، ولعل من أسباب قوة هذا الجيش أنه لم يعتمد يوماً على المرتزقة الأجانب، وإنما اعتمد على المصريين أبناء الأرض الطيبة .. فهو جيش الشعب ومن الشعب وإلى الشعب ، فالجيش الذى قاده "أحمس" لطرد الهكسوس بعد احتلالهم لمصر عام 1789 ق.م ، كان جله من المصريين ، وكذلك الجيش الذى قاده "تحتمس الثالث" لتأمين حدود مصر كان من المصريين ، والجيش الذى قاده "رمسيس الثانى" وهزم به الحيثيين فى معركة " قادش" كان فقط من المصريين ، وهى المعركة التى فتحت الطريق لتوقيع أول معاهدة سلام فى التاريخ المدون عام 1270 ق.م. بين المصريين والحيثيين .

وحتى فى العصر الحديث عندما أسس محمد على باشا أول مدرسة حربية تقوم بإعداد الجنود والضباط من أبناء مصر فى مدينة أسوان ، جلب الصناع المهرة وبأيدى المصريين من أبناء الجيش أقام البنية الأساسية للصناعات الحربية لتزويد الجيش باحتياجاته من البنادق والمدافع والبارود والسفن، وخاض بهذا الجيش العديد من الحملات العسكرية الناجحة إلى أن تحالفت القوى الدولية آنذاك لتدمير الأسطول المصرى فى موقعة "نفارين"، وهو نفس المنهج المصرى الخالص فى وقتنا الحالى لبناء الجيوش حتى غدت المؤسسة العسكرية العنصر الأكثر ثباتا وانضباطا وتماسكا ضمن هياكل الدولة المصرية، نظرا لخطورة الدور الذى تقوم به ، وطبيعة المهام الموكولة إليها، وعنف التأثيرات الناتجة عن استخدامها ، ففشل القوة الاقتصادية لدولة ما قد يقود إلى الفقر والإفلاس، بينما قد يعنى فشل القوة العسكرية لها الموت والهلاك .

وشيئا من هذا أكده الرئيس السيسى فى حديثه المطول لرؤساء تحرير الصحف القومية قبل أيام قائلا : " إن الجيش يبنى قدرته الاقتصادية على مدار سنوات طويلة، والضباط والجنود كانوا يأكلون "الزلط" حتى لايتم التضييق على اقتصاد الدولة ، مشيرا إلى أن القوات المسلحة لم تحصل على قطعة سلاح واحدة من الموازنة العامة منذ 3 سنوات ونصف السنة ، وانطلاقا من إيمانه الراسخ بضرورة الحفاظ على الأمن القومى العربى ، وفى دلالة واضحة لتأمين المستقبل أشار السيسى إلى إن تطوير القوات المسلحة أمر ضرورى للغاية لمواجهة محاولات منظمات وقوى إقليمية لملء الفراغ بعد انكشاف الأمن القومى العربى ، وهو ما يعد خطوة استباقية تعكس وجهة نظر القائد الأعلى للقوات المسلحة، والتى جاءت قبل اجتماع مجلس الدفاع الوطنى، للموافقة على تمديد مشاركة العناصر اللازمة من القوات المسلحة المصرية فى مهمة قتالية خارج الحدود للدفاع عن الأمن القومى المصرى والعربى فى منطقة الخليج العربى والبحر الأحمر وباب المندب ، وذلك لمدة عام إضافى أو لحين انتهاء مهمتها القتالية أيهما أقرب، وذلك إعمالاً لنص المادة 152 من الدستور .

ومما يلفت فى رؤية المؤسسة العسكرية الثاقبة لطبيعة المرحل التى تمر بها مصر، إنه على الرغم من المهام الجسام الملقاة خير أجناد الأرض، فقد تعدى دور القوات المسلحة المصرية، فى السنوات القليلة الماضية، الدفاع عن السيادة الوطنية من التهديدات الخارجية إلى مواجهة التهديدات الداخلية، لاسيما بعد أن واجهت البلاد خطر "البقاء"، وهو ما يعرف بمفهوم "الوظيفة المزدوجة"، وقد اختبرت الكفاءة القتالية للقوات المسلحة المصرية فى لحظات مختلفة كاشفة، سواء فى مواجهة دول أو جماعات مسلحة ما دون الدولة، إضافة إلى العلاقات الدفاعية والمناورات المشتركة التى تربط مصر بدول أخرى، ثم المواقع الانتشارية لها ضمن قوات حفظ السلام خارج الحدود الوطنية.

نحن فى العادة نسمع كثيرا عن إنجازات القوات المسلحة فى الاكتفاء الذاتى النسبى من احتياجتها المعيشية، ولكننا فى ذات الوقت لاندرك حقيقة البطولات العسكرية الخلاقة والمبدعة فى القطاع الخدمي، والذى أصبح عنوانا بارزا للقدرة والكفاءة ، وهو لايحظى إلا بالقدر الشحيح من الترويج الإعلامى عبر قليل من الأفلام التسجيلية والنشرات المطبوعة، والبرامج الدعائية القاصرة، التى لاتعبر بالقدرالكافى عن روعة الإنجاز من جانب القوات المسلحة المصرية فى وقت السلم تماما كما هو دورها المعروف فى وقت الحرب.

وربما كانت الحروب التى خاضها المقاتل المصرى أكبر برهان عملى على كفاءته وبطولاته الأسطورية فى الدفاع والزود بالنفس من أجل الوطن، انطلاقا من عقيدة إيمانية بقيمة هذا التراب المقدس، تماما كما وصفهم الرسول (عليه الصلاة السلام ) بخير أجناد الأرض قاطبة ، وهو ما نلحظه من أوجه الخدمات المدنية التى تقدمها القوات المسلحة ، عبر مشاريع "الهيئة الهندسية" ، و"جهار مشروعات الخدمة الوطنية" ، " جهاز الخدمة المدنية ، وغيرها من مؤسسات عملت بشرف فى تغطية الاحتياجات الأساسية للجيش ، وطرح الفائض منها فى الأسواق المحلية ، بنصف ثمنها ، وهو ماسهم إلى حد كبير فى كسر حدة الاحتكارات ، ورفع العبأ الأكبر من على كاهل المواطن البسيط فى وقت الأزمات .

ولأن الجيش المصرى على مدار تاريخه اكتسب قدرات هائلة على الصمود والنهوض مجدداً بعد كل كبوة ، ولا أدل على ذلك مما حدث فى الخامس من يونيو 1967م وهزيمته فى معركة لم تتح له فيها فرصة القتال الحقيقي، ومكن الميراث التاريخى جيش مصر من الصمود وظهر معدن المقاتل المصرى بعد أيام قليلة من النكسة، وبالتحديد فى أول يوليو 1967م ، كما ظهر فى ملحمة "رأس العش" وتدمير المدمرة الإسرائيلية "إيلات" قبالة سواحل بور سعيد باستخدام لنشات الصواريخ لأول مرة فى التاريخ العسكرى البحرى، وملحمة بناء حائط الصواريخ بأيدى المصريين مدنيين وعسكريين عمال ومهندسين وفنيين وفلاحين، ومهدت حرب الاستنزاف الطريق لجيش مصر لخوض أعظم معاركه فى التاريخ الحديث معركة العبور العظيم يوم السادس من أكتوبر عام 1973 والتغلب على أكبر مانع مائى فى تاريخ الحروب وإهالة الساتر الترابى وتحطيم خط بارليف الحصين الذى وصف بأنه أقوى من خط "ماجينو".

ومن هنا تعتبر المؤسسة العسكرية المصرية هى العنصر الأكثر ثباتا وانضباطا وتماسكا ضمن هياكل الدولة المصرية، كما يتضح لنا يوميا فى خضم مواجهة أخطار الداخل والخارج وطبيعة الدور الذى تقوم به، من خلال المهام الموكولة إليها، وعنف التأثيرات الناتجة عن استخدامها، فلدى المؤسسة العسكرية المصرية يقين راسخ بأن فشل القوة الاقتصادية لدولة ما قد يقود إلى الفقر والإفلاس، بينما قد يعنى فشل القوة العسكرية لها الموت والهلاك، وهذا يدفعنا إلى أن نثمن جهود الرئيس السيسى وفهمه العميق لطبيعة الظروف والتحديات الراهنة كما عبر عنها فى رسالة طمئنة للمصريين قائلا بثقة ويقين إيماني: "موقع مصر فى النظام الدولى والإقليمى مرتبط بشعبها وقوتها والقدرة العسكرية المصرية فوق تصوراتكم".. ومن هنا تساءل الرئيس:" لماذا تغيبت مبادرات زيارة المصابين فى الحرب ضد الإرهاب من أبطال الجيش والشرطة فى المستشفيات مثلما حدث أثناء حرب أكتوبر"؟

وبدورنا تقول: تحية للشرطة فى عيدها، وتحية مصحوبة بباقة ورد تعكس محبتنا الصادقة لأبطال الجيش من المصابين فى حربهم ضد الإرهاب.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة