أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

مكاوى سعيد.. كاتب من أهل الله

الإثنين، 04 ديسمبر 2017 06:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعجب الكاتب الكبير مكاوى سعيد، كثيرا، عندما سألته فى التليفون «متى بالضبط أمر عليك فى المقهى، كى نقيم حوارا؟ وكان ذلك بعد صدور روايته الأخيرة «أن تحبك جيهان»، صمت مكاوى قليلا يفكر ثم قال فى اقتضاب: «فى أى وقت».
 
وانطلاقا من هذه الجملة «فى أى وقت» رحل مكاوى سعيد، بكل الهدوء الذى كان يسكنه، تاركا عالما من الحزن ينتشر فى شوارع وسط البلد بعده، وثورة من الحب على صفحات التواصل الاجتماعى من أصدقائه ومعارفه وممن سمعوا عنه ولم يلتقوه، هذه التظاهرة تؤكد أن مكاوى كان سيد هذه المنطقة بلا منازع.
بعدد من الروايات التى تعد على أصابع اليد الواحدة، وبعدد من المجموعات القصصية التى تعد أيضا على أصابع اليد، وبعدد من الكتب التوثيقية القليلة أيضا، أثبت مكاوى سعيد أن المقصد من الكتابة ليس تسويد الصفحات وتعدد الأغلفة والطبعات، بل يكفى ما قل ودل لتحتل المكانة التى تليق بك، إذا ما كنت موهوبا حقا.
 
أريد أن أقول إن الموت لم يضف شيئا لـمكاوى سعيد كنا نحبه جدا قبل أن يموت، وكنا نعرف له قدره وقيمته من قبل رحيله، لم يختلف أحد على موهبته وتميزه وامتلاكه لمنطقته وإلمامه بها، خاصة أنه تفرغ للكتابة بشكل نهائى منذ سنة 1998، وكنا نعرف أنه يملك مشروعه الكتابى وأنه يعمل عليه بإخلاص لا حدود له، إنه «عمدة» وسط البلد بكل ما فيه من تفاصيل، وبكل تغيراته وتحولاته.
 
بجانب الروايات يستوقفنى دائما كتابه «مقتنيات وسط البلد» فهو لا يقل جمالا عن كتاباته الأدبية، فقد قصد من خلاله رصد عدد من حيوات الذين مروا من هذه المنطقة، وكان معظمهم يملكون أرواحا معذبة وأحلاما مجهضة، الأماكن أيضا التى رصدها كانت مجهدة حاول مكاوى سعيد أن يلحق الرمق الأخير منها ويبث فيه الحياة وقد نجح.
 
مكاوى سعيد هو آخر أهل الله فى وسط البلد، يعرف قيمة الحياة وقدرها، لذا تركها خلف ظهره واختار من بين علاقاتها المتشابكة الصداقة والمحبة، متناسيا مشاحنات الآخرين، كان يعرف أن الكتابة هى الخلود، لذا كتب، قلت له من قبل فى حوار صحفى «لماذا تحب شخصيات رواياتك إلى هذا الحد»، وأجابنى بـ«أنه نعم يحبهم جدا لكنه لا «يوالس» عليهم أبدا»، وأعتقد أن مكاوى سعيد كان فى حياته العادية لا يعرف الكراهية، وأنه كان يجد فى الشخصيات التى يلتقيها طوال الوقت «جانبا محببا» حتى لو كان مختلفا عن طبيعته.
 
قلت إن الموت لم يعط مكاوى سعيد شيئا وفى المقابل أيضا لم يأخذ منه شىء أيضا، فهو لن يختفى من وسط البلد أبدا سيظل الناس كلما مروا على المقاهى والشوارع سيرون روح عظيمة تتلبس الأشياء هذه الروح تخض مكاوى سعيد.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة