أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد حبوشه

ريما خلف.. صفعة قوية على وجه إسرائيل!

الثلاثاء، 21 مارس 2017 10:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تحية تقدير واحترام للسياسية والاقتصادية الأردنية "ريما خلف"، تلك المواطنة العربية المخلصة لقضيتها التى فجرت عناقيد الغضب الإسرائيلى قبل أيام فى أروقة الأمم المتحدة، فى إطار فصل جديد من سجل الأكاذيب التى اعتادها الكيان الصهيونى للتعمية على جرائمه البشعة تجاه الشعب الفلسطيني، وهو ما كلفها تقديم استقالتها من المنظمة الدولية، على خلفية طلب الأمين العام للأمم المتحدة سحب تقرير يصف ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيبن بـ "الابارتايد"، أى نظام فصل عنصرى صنع المأساة الإنسانية لشعب يعانى منذ النكبة التى بدأت 1948 على أثر تشريد ما يربو على 750 ألف فلسطينى وتحويلهم إلى لاجئين، ناهيك عن عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية، وطرد معظم القبائل البدوية التى كانت تعيش فى النقب، ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية، وهى السنة التى طرد فيها الشعب الفلسطينى من بيته وأرضه وخسر وطنه لصالح، إقامة الدولة اليهودية - إسرائيل.

 

تقرير "خلف" جاء بمثابة "الصدمة والرعب" ليشكل صفعة قوية على وجه سلطان جائر هو "إسرائيل" بعد أن اعتادت التدليل من مجتمع دولى لا يرى فى عذابات الفلسطينيين إلا نوعا من العصيان والتمرد على حقوق الإنسان المتجبر فى غيه نحو اغتصاب الأرض الفلسطينية، بغطاء أممى يبيح له العربدة بالقانون تحت سمع وبصر العالم، ومن ثم فقد وضع تقرير "الأبارتيد" الأمم المتحدة وأمينها العام على المحك ، خاصة أنه قدم رصدا واقعيا لحقائق الواقع المر الذى تشهده الأراضى المحتلة ، ما اعتبرته وزارة الخارجية الفلسطينية بأنه يدق ناقوس الخطر، ويجب أن يقود إلى صحوة فى المجتمع الإسرائيلى للضغط على حكومته لوقف احتلالها واستيطانها وممارساتها العنصرية، قبل أن يغرق المجتمع الإسرائيلى نفسه فى نظام الفصل العنصري، فى حين هاجمها سفير إسرائيل فى الأمم المتحدة "دانى دانون" مطالباً الأمين العام للمنظمة الدولية التنكر تماماً لهذا التقرير الكاذب الذى يسعى الى تشويه سمعة الديموقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط".

 

عن أى ديمقراطية يتحدوثون، فى ظل وقائع نص رسالة استقالة السيدة "خلف"؟، والذى يحمل دلالات كثيرة على ضعف موقف المنظمة الدولية حيال إسرائيل، وربما لايكلفك اكتشاف الحقيقة المرة كثير من العناء أو قدرا ضئيلا من مشقة البحث بين السطور عن هكذا نوع من الانحياز المبطن، بل هو انحياز علني، كما جاء فى قولها مخاطبة الأمين العام : أنا أتفهم كذلك القلق الذى ينتابك بسبب هذه الأيام الصعبة والتى لا تترك لك خيارات كثيرة، وليس خافياً على ما تتعرض له الأمم المتحدة، وما تتعرض له أنت شخصياً، من  ضغوط وتهديدات على يد دول من ذوات السطوة والنفوذ، بسبب إصدار تقرير الإسكوا (الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطينى ومسألة الأبارتايد).

ومن هذا المنطلق تلتمس "خلف" العذر للأمين العام للأمم المتحدة،  مشيرة إلى أنها لاتستغرب أن تلجأ هذه الدول، التى تديرها اليوم حكومات قليلة الاكتراث بالقيم الدولية وحقوق الإنسان، إلى أساليب التخويف والتهديد حين تعجز عن الدفاع عن سياساتها وممارساتها المنتهكة للقانون، وبديهى - على حد قولها - أن يهاجم المجرم من يدافعون عن قضايا ضحاياه، لكنها فى الوقت ذاته لا تجد نفسها غير قابلة للخضوع إلى هذه الضغوط، لا بصفتها موظفةً دوليةً، بل بصفتها إنساناً سوياً فحسب، تؤمن - شأنها شأن أمينها العام بالقيم والمبادئ الإنسانية السامية التى طالما شكلت قوى الخير فى التاريخ، والتى أُسست عليها الأمم المتحدة، مخاطبة ضميره الإنسانى مؤكدة : "وأؤمن مثلك أيضاً بأن التمييز ضد أى إنسان على أساس الدين أو لون البشرة أو الجنس أو العرق أمر غير مقبول، ولا يمكن أن يصبح مقبولاً بفعل الحسابات السياسية أو سلطان القوة، وأؤمن أن قول كلمة الحق فى وجه جائر متسلط، ليس حقاً للناس فحسب، بل هو واجب عليهم .

 

لقد مورست ضغوط كثيرة فى فترة لا تتجاوز الشهرين ، على الأمينة العامة التنفيذية للجنة "ريما خلف" لسحب التقرير، لكنها قالتها بشجاعة "استقلت لأننى أرى من واجبى ألا أكتم شهادة حق عن جريمة ماثلة ، وأصر على كل استنتاجات التقرير"، مضيفة : لقد وجهت لى تعليمات بسحب تقريرين أصدرتهما "الإسكوا" لا لشوائبَ تعيب المضمون ولا بالضرورة لأنك تختلف مع هذا المضمون، بل بسبب الضغوطات السياسية لدول مسؤولة عن انتهاكات صارخة لحقوق شعوب المنطقة ولحقوق الإنسان عموماً.

 

لقد رأيتَ رأى العين كيف أن أهل هذه المنطقة يمرون بمرحلة من المعاناة والألم غير مسبوقة فى تاريخهم الحديث؛ وإن طوفان الكوارث الذى يعمهم اليوم لم يكن إلا نتيجة لسيل من المظالم، تم التغاضى عنها، أو التغطية عليها، أو المساهمة المعلنة فيها من قبل حكومات ذات هيمنة وتجبر، من المنطقة ومن خارجها.

 

هى إذن تدرك بما لايدع مجالا للشك بأن هذه الحكومات ذاتها هى التى تضغط على رئيس المنظمة الدولية اليوم لتكتم صوت الحق والدعوة للعدل الماثلة فى هذا التقرير الذى يفيد بأن إسرائيل قد أسست نظام فصل عنصرى "أبارتايد" يهدف إلى تسلط جماعة عرقية على أخرى ، ومن أجل ذلك قدمة الأدلة القاطعة الكفيلة لتكتم أنفاس أياً ممن هاجموا التقرير، وهم لم يمسوا محتواه بكلمة واحدة، وبشجاعة نادرة وقفت فى وجه الجميع قائلة  : واجبى أن أسلط الضوء على الحقيقة لا أن أتستر عليها وأكتم الشهادة والدليل، والحقيقة المؤلمة هى أن نظام فصل عنصرى "أبارتايد" ما زال قائما فى القرن الحادى والعشرين، وهذا أمر لا يمكن قبوله فى أى قانون، ولا أن يبرر أخلاقياً بأى شكل من الأشكال.

 

وبشفافية مطلقة تضيف فى رسالة استقالتها : " إننى فى قولى هذا لا أدعى لنفسى أخلاقاً أسمى من أخلاقك - تقصد أمين عام الأمم المتحدة - أو نظرا أثقب من نظرك، غاية الأمر أن موقفى هذا قد يكون نتيجة لعمر كامل قضيته هنا، فى هذه المنطقة، شاهدة على العواقب الوخيمة لكبت الناس ومنعهم من التعبير عن مظالمهم بالوسائل السلمية، وعليه، وبعد إمعان النظر فى الأمر، أدركت أننى أنا أيضاً لا خيار لي، فلا أستطيع أن أسحب - مرة أخرى - تقريراً للأمم المتحدة، ممتازَ البحثِ والتوثيقِ، عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، غير أننى أدرك أيضاً، أن التعليمات الواضحة للأمين العام للأمم المتحدة لا بد من أن تنفذ، ولذلك، فإن هذه العقدة لا تحل إلا بأن أتنحى جانباً وأترك لغيرى أن يقوم بما يمنعنى ضميرى من القيام به، وإننى أدرك أنه لم يبق لى فى الخدمة غير أسبوعين، لذلك فاستقالتى هذه لا تهدف إلى الضغط السياسى عليك، إنما أستقيل - ببساطة - لأننى أرى أن واجبى تجاه الشعوب التى نعمل لها، وتجاه الأمم المتحدة، وتجاه نفسي، ألا أكتم شهادة حق عن جريمة ماثلة تسبب كل هذه المعاناة لكل هذه الأعداد من البشر، وبناء عليه، أقدم إليك استقالتى من الأمم المتحدة.

 

ما أروع هذه السيدة العربية التى ينبغى أن نفخر بها فى يوم "عيد الأم" حين أدركت معنى حديث الرسول علية الصلاة والسلام "إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ "لتختم عملها فى الأمم المتحدة فى لحظة فاصلة من عمرها، متحدية بطانة السوء التى تنظر ماذا يريد السلطان، ثم تزينه له وتقول هذا هو الحق، فجاء تقريرها بمثابة مرجعية بحثية ودراسة رفيعة المستوى وفق معايير نظام القانونى الدولي، ما مكنها من توجيه صفعة قوية على وجه الكيان الصهيونى .










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة