سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 14 نوفمبر 1967.. الصحف الفرنسية تتحدث عن حفل أم كلثوم على «الأولمبيا».. وكوكب الشرق تهدد بعدم استكماله بسبب فلسطين

الأربعاء، 14 نوفمبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 14 نوفمبر 1967.. الصحف الفرنسية تتحدث عن حفل أم كلثوم على «الأولمبيا».. وكوكب الشرق تهدد بعدم استكماله بسبب فلسطين أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«فى الساعة التاسعة و15 دقيقة مساء رفع الستار على مسرح «الأولمبيا» فى باريس.. الموسيقيون فى حلة سوداء، وتجلس أمامهم السيدة «أم كلثوم».. وهى فى منتهى الأناقة بفستان أخضر، ومنديل فى يدها اليمنى، وبمجوهرات تسطع تحت الأضواء، وفقا للطقوس الثابتة فى حفلاتها، كانت تنتظر وهى جالسة على المسرح انتهاء المقدمة الموسيقية ثم تنهض وسط تصفيق من الحشود الموجودة».. هكذا تصف مجلة «لوموند» الفرنسية «كوكب الشرق» فى حفلها الأول مساء 13 نوفمبر 1967، وقدمت حفلها الثانى مساء 15 نوفمبر.. «راجع - ذات يوم 13 نوفمبر 2018» 
 
كان الحفل حديث الصحف الفرنسية الكبرى بمختلف توجهاتها السياسية، ووفقا لترجمات قدمها «منتدى سماعى - إلكترونى» قالت جريدة «فرانس سوار»: «سيبقى يوم 13 نوفمبر 1967 يوما مشهودا فى تاريخ صالة «الأولمبيا».. غصت جميع جنبات الصالة بالحضور من كل أطياف الطبقات الاجتماعية، العمال بجانب السفراء، أمراء الأسرة الحاكمة بالسعودية حجزوا الصف الأول، وكان فى القاعة أعضاء من الأسرة المالكة فى المغرب، وتحكى الأسطورة أن الملك الحسين بن طلال عاهل الأردن حضر متنكرا، ويقول «كوكاتريكس» مدير ومالك المسرح: «حضر زوار غير مألوفين فى الأولمبيا قطعوا آلاف الكليومترات.. الفرنسيون احتلوا 20 % من المقاعد رغم حاجز اللغة، اليهود الشرقيون حضروا بكثافة، ويؤكد أنه لمح أحد أصدقائه اليهود «مهاجر»، فاستغرب من وجوده فأجابه الأخير إنها أم كلثوم».
 
وقالت «لوفيغارو» اليمينية: «كان كل شىء غير معتاد بدءا بالصالة حيث جلس عمال البناء مع السفراء جنبا إلى جنب.. فى ركن ما فى الصالة تخفى الحسين ملك الأردن الشاب «لم ألمحه شخصيا لكن هكذا قيل لى»، وكان هنالك الرسام كارزو المسلم الديانة «وهو أمر كنت أجهله».. فى غضون الربع ساعة الأولى من وصلتها لم تقم بشىء يذكر سوى الجلوس والرد بإيماءات صغيرة برأسها لتحية عاصفة التصفيق التى اجتاحت القاعة، كان مجرد حضورها يثير نوبات من الهستيريا، وعشاقها يصعدون مقاعدهم بأرجلهم فى جنون يلوحون بأيديهم ويطلقون صيحات فى الهواء الرطب، ويعترف المتخصصون أنه لو قدر للعالم العربى أن يعرف وحدته يوما فلا شك سيجدها حول أم كلثوم».
 
وكتب الصحفى الفرنسى اليهودى من أصل مصرى «إريك رولو» لجريدة «لوموند»: «ما إن رفعت الستارة إلا وبدأ الهيجان، كانت الصالة تتصدع من التصفيق الحاد، ظهرت التى أسرت العرب فى مملكتها لعقود من الزمن، ولمدة فاقت أربع ساعات سحرت ملكة الطرب العربى جمهورها.. مساء الاثنين اضطر مئات الطلبة العرب إلى الاقتصاد فى نفقاتهم للحصول على تذكرة الحفلة العجيبة وعبرها متعة استحضار لحظاتها لسنوات قادمة. كان جميع الممثلين الدبلوماسيين العرب من المحيط إلى الخليج فى الموعد، وبدورهم أبى أمراء ورجال أعمال من السعودية والكويت والمغرب أن يتخلفواعن حفلة امتدت حتى الثانية صباحا..
 
تمنح هذه العملاقة المقدسة التى جاوزت الستين شعورا بقوة الإرادة، بالصلابة والشموخ بالنظرة المتسلطة كل سحرها فى صوتها العذب وإلقائها البلورى الشفاف، لا تأسر المتفرجين كمجموعة وإنما كل فرد منهم على حدة، فينشأ حوار حميمى عاطفى صاخب، ويصير تواصل تام بين خشبة المسرح والصالة قوامه النغم فى تأثير سحرى لا تقطعه إلا ضربات بالأرجل على الأرض وصرخات النشوة. يثير البعد الشاعرى للأغنية طرب البعض ودموع البعض الآخر، ويطلق الإيقاع العنان لا شعوريا لحركات جسدية فتانة، ولا يتمالك البعض نفسه فيترك مقعده ويتخلع ليرسم خطوات بالرقص، العيون مغمضة والوجوه كأنها معذبة بتأثير ألم داخلى حاد، بصوت مخنوق من شدة الانفعال تدخل المطربة بجملة عاطفية معروفة - يبدو أنها المفضلة عند الرئيس عبدالناصر - ويبدو أنها فى الظروف الحالية تأخد تأويلا جديدا: «أعطنى حريتى أطلق يديّا»، وينجلى الحزن العميق الذى خيّم على القاعة فجأة حين تنهى أم كلثوم الكوبليه بصرخة ثائرة: «ما احتفاظى بعهود لم تصنها وإلامَ الأسْر والدنيا لديّا».
 
كان الكاتب محمد سلماوى موجودا، يقوم بالترجمة، ويؤكد أنه بالرغم من إجادتها للفرنسية إلا أنها كانت تصر على التحدث بالعربية، ويكشف فى «الأهرام - 7 مارس 1997»، أنه بعد وصلتها الأولى «أغنية أنت عمرى»، هرع إليه «كوكاتريكس» يطلب إبلاغها بمنع مقدم الحفل المذيع جلال معوض من تقديمها فى الوصلة الثانية لأنه يتحدث فى السياسة فى تقديمها بقوله: «اليوم تشدو كوكب الشرق فى عاصمة النور باريس، وغدا بإذن الله تشدو فى القدس المحررة».. علق «كوكاتريكس»: «نحن فى حفل فنى، ولسنا فى مناسبة وطنية».. يؤكد سلماوى، أن أم كلثوم انتفضت غاضبة، وقالت: «قل له بل نحن فى مناسبة وطنية.. وجئت من أجل المساهمة فى المجهود الحربى لبلادى، وإذا كان أسلوبنا لا يروق له فليعتبر اتفاقنا لاغيا، ثم التفتت إلى الموسيقيين وقالت لهم: «لموا الآلات ياولاد».. كاد يغشى على «كوكاتريكس»، وأمام اعتذاراته المتكررة وتوسلاته المتلاحقة، تراجعت، وقدم جلال معوض الوصلة الثانية، وقدمت هى حفلها الثانى يوم 15 نوفمبر. 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة