سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 فبراير 1975.. وفاة أم كلثوم بعد غيبوبة 100 ساعة وإعجاز لاينتهى فى الغناء العربى

السبت، 03 فبراير 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 فبراير 1975.. وفاة أم كلثوم بعد غيبوبة 100 ساعة وإعجاز لاينتهى فى الغناء العربى أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اندفع الأطباء إلى غرفة الإنعاش فى مستشفى المعادى العسكرى، يحاولون فعل أى شىء من أجل إنقاذ سيدة الغناء العربى «أم كلثوم»، تجمعوا حولها وقاموا بعملية تدليك عنيف للقلب ودفع للأكسجين بأكبر قوة ممكنة داخل رئتيها، وأخيرا حقنة فى القلب نفسه، لكن القلب رفض أن يستجيب، لتموت فى تمام الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر يوم 3 فبراير 1975، حسب جريدة الأخبار فى عددها الصادر فى اليوم التالى للوفاة «4 فبراير»، ووفقا لمحمد توفيق فى كتابه «الملك والكتابة» عن «دار دلتا للنشر- القاهرة»، فإن نبأ رحيلها تصدر الصفحات الأولى لكل الصحف اليومية المصرية والعربية والعالمية، وحملت الصحف تفاصيل رحيلها، وجنازتها، وتجاهلت «الأخبار» الرئاسية والسياسية فى هذا اليوم، وفى تقدير «توفيق»: «لم يحدث ذلك فى تاريخ تلك الصحف لفنان إلا لأم كلثوم، فلم يبلغ أحد تلك المكانة التى بلغتها، ولم تحتف الصحف بأحد مثلما احتفت بها، فكل الصحف اتشحت بالسواد، وحولت بعض الصحف لون «اللوجو» الخاص بها إلى اللون الأسود حزنا على رحيل «كوكب الشرق».
 
كان موتها نهاية لمائة ساعة من الغيبوبة المرضية التى بدأت: «بارتفاع شديد فى ضغط الدم، أدى إلى نزيف فى المخ مع تدهور فى حالة الكليتين ومضاعفات فى القلب «بتأكيد جريدة الأخبار، وكان موتها نهاية لحياة استمرت 77 عاما» مواليد 1898 بقرية طماى الزهايرة محافظة الدقهلية، ورغم تقدمها فى السن إلا أن صوتها «تحدى قوانين الطبيعة» وفقا لرتيبة الحفنى فى كتابها «أم كلثوم معجزة الغناء العربى» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة»، مضيفة: «الصوت عادة يشيخ مع التقدم فى السن، لكن لم يحدث غير تغيير طفيف فى صوتها فى السنوات الأخيرة، وذلك بعد تخطيها سن الستين، وهو انخفاض فى مساحات طبقات صوتها المرتفعة بينما احتفظت بجمال رنين صوتها».
 
كان الموت ختاما لحالة غنائية فريدة فى التاريخ العربى عبر عنها نجيب محفوظ فى رواية «ميرامار»: «ليلة غنائها هى ليلة جميع الطبقات، والأفراد، وصوتها علامة عصر بأكمله»، وقالت مجلة «لايف» الأمريكية عام 1962: «فى الساعة العاشرة ليلة الخميس الأول من كل شهر، يحدث شىء غريب فى الشرق الأوسط، يهدأ الضجيج فى شوارع القاهرة فجأة، وفى الدار البيضاء التى تبعد 2500 ميل إلى الغرب، يكف الشيوخ عن لعب الطاولة فى المقاهى، وفى بغداد التى تبعد 800 ميل إلى الشرق، يحدث نفس الشىء، الكل ينتظرون برنامجا معينا تذيعه إذاعة القاهرة، مدة هذا البرنامج خمس ساعات، ويذاع ثمانى مرات فى السنة، ونجمته مطربة اسمها أم كلثوم».
 
هى «قصة فتاة ريفية كبرت لتصير رمزا ثقافيا لأمة كاملة» برأى «فرجينيا دانيلسون» فى كتابها «صوت مصر- أم كلثوم» الصادر عن «المجلس الأعلى للثقافة- القاهرة» ترجمة: عادل هلال عنانى، وتضيف: «فى جميع جوانب حياتها العامة كانت أم كلثوم تبرز قيما قومية، لقد ساعدت على تشكيل الحياة الثقافية والاجتماعية المصرية وعلى التعجل بتحويل الثقافة المصرية إلى أيدولوجية»، واللافت أنها كرمز ثقافى عربى جامع لم تحصل على شهادة علمية واحدة، وحتى رحيلها ظلت تفتخر بأنها «البنت الطالعة من الغيطان والفلاحين وريقها يجرى على أكل السريس والمهلبية»، حسب قول «عمار الشريعى» لى فى كتابى «أم كلثوم وحكام مصر» عن «مكتبة جزيرة الورد-القاهرة»، وتقول هى عن نفسها فى مذكراتها المنشورة بجريدة «الجمهورية- يناير1970»: «اتحرمت من كل حاجات البنت اللى فى سنى، الهدوم الملونة الزاهية أم نص كم، ماكنتش ألبس فى هذا الوقت غير الجلابية اللى كانت بتجرجر فى الأرض، اللى لونها حشمة، ولو خرجت لازم ألبس الطرحة، ماكنش بيبان منى، غير وشى وبس».
 
وتضيف: «كانت الأيام دى هى الفترة اللى اتعلمت فيها كل شىء، لأنى ماتعلمتش فى مدرسة، أو تخرجت من جامعة، المدرسة اللى تعلمت فيها، هى الأزقة والحوارى والأجران، اتعملت كتير من الفترة دى، اتعلمت الصبر من الناس الفلاحين والغلابة، اللى باشوات زمان وبهاوتها كانوا بيذلوهم ويستعبدوهم، ومع كده كان الناس برضه صابرين زى ما كانوا عارفين إن الليل لازم يطلع له نهار، وإن الظلم مش حيدوم أبدا»، ولم يكن فخرها بأنها ابنة الريف بفقرائه وفلاحيه مجرد حبر على ورق أو للاتجار به، ففى معارك مصر الوطنية تقدمت الصفوف فى العطاء، وبلغت ذروة عطائها بعد نكسة 5 يونيو 1967 لزمت بدروم فيلتها وحيدة، وكان ذلك من عادتها وقت أحزانها حسب تأكيد سعد الدين وهبة فى كتاب «أم كلثوم وحكام مصر»، ولما غادرته قدمت حفلات غنائية فى محافظات مصر والعواصم العربية وفرنسا لصالح المجهود الحربى.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة