أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

على كف عفريت.. فلسطين وفدى جريس والقفص

الثلاثاء، 14 أغسطس 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعرف جميعا أن صدق التجربة هى الخصوصية التى تقود الأدب الفلسطينى شعره وسرده، وأن هذا الصدق إذا ما تحول إلى فن صار أثره أعلى ومعناه أقوى، ولعل فدى جريس فى مجموعتها الثالثة « القفص» الصادرة عن دائرة الثقافة بالشارقة خير دليل على «الألم والوجع والفرح والأمل والتنبؤات والرمز والفضح» وأحاسيس أخرى كثيرة تصيبنا طوال الوقت فى عالمنا العربى.
 
فى مجموعة القفص لفدى جريس، يجد القارئ نفسه، لا محالة مشدوها أمام مستويين على الأقل فى الكتابة، الأول مستوى الحكاية، والثانى مستوى الخطاب القصصى، والعلاقة بينهما ليست علاقة ميكانيكية، وإنما جدلية، لو أمكننا قول ذلك، لأنه فيها يتداخل الحكائى مع البنائى، حيث تفاصيل الأحداث مع أدوات طرحها، لتتنوع مستويات تلقيها ومن ثمّ تأويلها.
 
وفى قصة «على كف عفريت» يمكن للقارئ أن يتوقف أمام مستوى الحكاية المعنية بسائق أهوج وطائش ومتحرش و«فهلوى» يتذلف لجنود الاحتلال الإسرائيلى تارة ويحاول الالتفاف على حواجزهم ونقاط تفتيشهم تارة أخرى باللجوء إلى الطرق الجانبية، يبرر إلقاء قوات الاحتلال القبض على شابين «شباب اليومين فايعين تقول بدهم يحرروها»، إلى أن تنتهى الحكاية بغضب الشخصية الرئيسية والنزول من سيارة السائق الأحمق التى سرعان ما تقع فى حادث كبير.
 
لكن وعلى مستوى ثان من القراءة، تسمح به الكاتبة وربما عمدت إليه قصدًا، سنرى هناك ما يشى بالعلاقة «التشابه» بين قائد المركبة والقيادات السياسية الفلسطينية وطريقة تعاملها مع الاحتلال، الربط ليس انتزاعًا للنص ولا تأويلًا سياسيًا قهريًا لعمل سردى بديع، وإنّما هو قراءة طبيعية للجدل بين الحكائى والبنائى فى القصة والذى مارسته فدى بـ«مهارة سردية» جعلت القارئ يعيش التفاصيل لا أن يقرأها فحسب، يتماهى مع الشخوص ويحسّ بهم أُناسًا حقيقيين.
كما برعت المؤلفة فى خلق الوشائج بين مقدمة القصة ونهايتها، نجحت فى استخدام صوت المذياع/ الراديو ليعبر عن صوت القيادة الفلسطينية، التى تعترف أنها أمام «مطب وعر» كمطب السائق أيضًا، وتعرف أن الاحتلال ينصب فخاخه وحواجزه، ومع ذلك تتمسك بما تسميه «المقاومة السلمية» فى مواجهة القتل والموت المجانى، وكما لم تلتزم القيادة بواجباتها لا يلتزم السائق، فـ«الالتزام رديف الثقة، وأغلب الظن أن الشوفيريه لا يثقون فى الطريق».
 
عالم متكامل فى هذه الرحلة، شبان وعواجيز فى طريق واحد، لكن الأهداف متعددة والسائق «مندفع» والجميع يدفعون الثمن إلا الناجون، والناجون هنا إما شخص امتلك الحكمة فاتخذ الطريق الصواب فى الوقت الصحيح ونزل من السيارة مكملا رحلته بطريقته الخاصة، أو الذين ألقت قوات الاحتلال القبض عليهم، فهم ناجون من «الموت» بصورة ما.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة