فى ذكرى ميلاده.. كيف وظف خيرى شلبى الجنس فى "اللعب خارج الحلبة"؟

الخميس، 31 يناير 2019 08:30 م
فى ذكرى ميلاده.. كيف وظف خيرى شلبى الجنس فى "اللعب خارج الحلبة"؟ رواية اللعب خارج الحلبة
كتب سعيد زكى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما زال التعرض للجنس فى الرواية العربية على وجه الخصوص إلى جانب الدين والسياسة مثار جدل النقاد، فهناك من يرفضه تمامًا وهناك من يرى وجوده بحساب، وفريق متزمت يراه «تابوها» محرّمًا.
 
اللعب خارج الحلبة
 
والأصل أنه ما دام الجنس جزءًا من الحياة فإنه لا ينفصم عن حياة الشخصيات الروائية التى تأتى تصويرا لشخصيات الواقع، لكن تبقى طريقة التعاطى معه وتوظيفه هى المحك الذى يميز بين كاتب وآخر، فقد وظفه البعض بشكل مقبول حتى ولو كان مسيطرًا على قطاع كبير من الرواية ليكون الجنس جزءا من رؤية الروائى للعالم، وهناك من وظفه توظيفا «بروباجنديا» لا أكثر، فأضحى مقززًا ومنفرًا، وبعيدًا عن كونه أداة تعبير عن رؤية الكاتب، متعللين أن هذا هو الواقع متناسين أن الأدب الواقعى ليس معناه نسخ الواقع بالكربون وإلا لكان ضربًا من التقرير لا فن فيه.
 
خيرى شلبى الذى تحل ذكرى ميلاده «مولود 31 يناير 1938»، واحد ممن وظفوا الجنس فى رواياته دون إسفاف، وكان جزءا من رؤية العالم الروائى عنده، بل إن روايته «اللعب خارج الحلبة» نموذج واعٍ واحترافى لخوض الثالوث المحرم السياسة والدين والجنس معًا.
 
تدور الرواية، باختصار شديد، حول بطل يخرج من المعتقل ليزوجه أهله من زواجا تقليديا من فتاة تصغره بسنوات، لكنه يجد نفسه عاجزا جنسيا، وعاجزا عن سداد إيجار شقة رديئة يسكن فيها... ثم يغمى عليه ويصاب بجرح عن يدخل على أثره المستشفى لم يسأل عليه أحد حتى زوجته ليخرج ويجد زوجته تحولت إلى عاهرة بعد أن حوّل الساكن المجاور وكان يعجز أيضا عن سداد الإيجار شقته إلى وكرا للدعارة.
 
توظيف خيرى شلبى تيمة الجنس جاء توظيفا خلاقا خاليا من الفجاجة أو ذكر الأعضاء التناسلية بمسمياته العامية أو استغراق فى وصف ساخن ممطوط لا هدف منه سوى الإطالة وتعبئة الصفحات، بل عمد «شلبى» إلى التلميح أكثر من التصريح، بشكل أخرجه من التقريرية وجعل طاقات القارئ منفتحة على القراءة حتى آخر سطر من الرواية، فبطل الرواية «ينتصب بينه وبين زوجته عمود من النور» و«بقعة حمراء تحجز بينها»، حتى مشاهد محاولات المضاجعة والعجز خرجت عن التقريرية الصريحة.
 
ولم يكن الجنس غاية فى حد ذاته فى هذه الرواية، لكن جاء العجز الجنسى وسيلة غير مباشرة لإبراز رؤية الكاتب الكلية للواقع العطن وضمن ضلع من أضلاع العجز الإنسانى بشكل كلى من عجز اجتماعى عن حياة كريمة أمام توحش رأس المال وعجز سياسى نتيجة القمع السياسى للبطل، وتداعى هذه الرؤية خلقت لدى البطل نوعا من الاستلابية والاغتراب والانطواء على النفس، لتتكامل الرؤية بتسرب المونولوج «حديث النفس» إلى الرواية وينفتح أفق الحلم ويتناثر على طوال الرواية كوسيلة من الهروب من الواقع، ليكون العنوان «اللعب خارج الحلبة» كنص مواز جاء موظفا بوعى شديد لانفص الشخصية البطل، وخروجه من الحياة الطبيعية.
 
ويلاحظ على الرواية أن اسم الشخصيات جاءت مجهلة، باسثناء شخصيتين أو ثلاثة على الأكثر، ودون إسهاب فى وصف الشخصية، ولعل تفسير ذلك أن الروائى مشغول بالفكرة أكثر من شخصياته، وهى رؤية تتماشى مع نظرة الرواية الحديثة فى نظرتها الشخصية بأنه الروائى غير ملزم بتحديد اسم لها أو الاستغراق فى أوصافها.
 
 








الموضوعات المتعلقة


مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة