الآفاق المستقبلية لمحادثات التسليح النووى بين واشنطن وموسكو

الخميس، 25 يونيو 2020 08:45 ص
الآفاق المستقبلية لمحادثات التسليح النووى بين واشنطن وموسكو ترامب وبوتين
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تأتى تصريحات المبعوث الرئاسى الأمريكى الخاص لمحادثات الحد من التسليح النووى مارشال بيلينجسلى، بأن روسيا والولايات المتحدة تأملان فى عقد جولة ثانية من المحادثات فى العاصمة النمساوية (فيينا) حالما، كان ذلك ممكنا من الناحية العملية ربما فى أواخر يوليو أو أوائل أغسطس، لتؤكد أن الآفاق المستقبلية لمحادثات التسلح النووى بين (واشنطن) و(موسكو) ممتدة وتعتريها الكثير من الصعوبات والتحديات.

بدأت جولة المحادثات الأولى بين (واشنطن) و(موسكو) بـ (فيينا) للحد من سباق التسلح النووى فى الثانى والعشرين من يونيو 2020، وانتهت بدون إصدار تصريحات رسمية عن التقدم الذى أحرزته هذه الجولة سوى أنها كانت لمناقشة القضايا المقرر التفاوض بشأنها مستقبلاً، خاصة مع اقتراب موعد معاهدة /نيوستارت/ للحد من الأسلحة الإستراتيجية التى ينتهى العمل بها فى فبراير من العام المقبل.

 

آفاق مفتوحة

يأتى لقاء الجانبين قبل أقل من عام من انتهاء اتفاقية /ستارت/ الجديدة، وهى آخر اتفاقية باقية حاليا للحد من الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا، اللتين تمتلكان معا نحو 90% من الأسلحة النووية فى العالم.

أسفر اللقاء الأول عن إطلاق مجموعات عمل فنية، وسوف تواصل المفاوضات خلال الأسابيع المقبلة قبل جولة جديدة بين الجانبين، مقررة أواخر شهر يوليو أو مطلع أغسطس، ولا تتفق (موسكو) و(واشنطن) فى رؤيتهما بشأن الدول التى يجب أن يتم ضمها إلى هذه المحادثات.

ثمة اعتبارات جوهرية تجعل آفاق التفاوض بين (واشنطن) و(موسكو) بشأن الحد من الأسلحة النووية، آفاقاً ممتدة ومفتوحة، ولعل من أبرز تلك الاعتبارات.. أولاً: إصرار أمريكا على ضم الصين لهذه الاجتماعات، وأكدت (واشنطن) أن اتفاقياتها الثنائية للحد من التسلح مع روسيا لم تعد مجدية ، وتريد إدراج الصين فى أى اتفاقيات مستقبلية بشأن الأسلحة النووية، حتى مع قول بكين مراراً إنها غير مهتمة بالانضمام.

وقال المفاوض الأمريكى مارشال بيلينجسلى غداة استئناف المحادثات فى (فيينا) بين (موسكو) و(واشنطن): "من الواضح أن بكين تشعر بالحرج، إنهم ملزمون التفاوض بحسن نية معنا ومع الروس".. وأضاف أنه بغيابها عن هذا الاجتماع فإن الصين لم تعاند فقط الولايات المتحدة وروسيا وإنما العالم أجمع.

ويضغط الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على (بكين) لتشارك فى اتفاق مقبل يشكل بديلا من المعاهدة الثنائية الروسية الأميركية /نيو ستارت/ التى وقعت فى 2010 وتنتهى مفاعليها فى الخامس من فبراير 2021.

ومن جهتها، اعتبرت روسيا أن إصرار الولايات المتحدة على إشراك الصين فى محادثات الحد من التسلح أمر "غير واقعي"، موضحةً أنها لا تنوى استخدام نفوذها لدى الصين كما يرغب الأمريكيون، لجلب (بكين) إلى طاولة المفاوضات.

وفى حين تريد الولايات المتحدة من الصين الانضمام فى إطار ثلاثي، تسعى روسيا إلى محادثات متعددة الأطراف تشمل القوتين النوويتين الأوروبيتين، بريطانيا وفرنسا.

وكتبت وزارة الخارجية الصينية فى تغريدة مؤخراً: "ينبغى على الولايات المتحدة تخفيض مخزونها من الأسلحة النووية بشكل كبير، ما سيخلق الظروف لتنضمّ قوى نووية أخرى إلى المحادثات متعددة الأطراف للحد من التسلح النووي".

ثانياً: لم تتضح رؤية الجانبين الأمريكى والروسى من خيار تمديد معاهدة /نيوستارت 3/ للأسلحة النووية التى تنتهى بعد ثمانية أشهر من الآن، وتفرض معاهدة /نيوستارت/ الحالية القيود الأخيرة المتبقية على نشر الولايات المتحدة وروسيا الأسلحة النووية الإستراتيجية، فهى تنص على ألا تنشر أى من الدولتين أكثر من 1550 سلاحا و700 قاذفة إستراتيجية، ويمكن تمديد أجل المعاهدة إلى خمس سنوات إذا وافق الطرفان.

كانت الولايات المتحدة قد انسحبت من معاهدة مهمة للصواريخ النووية التى أبرمتها مع روسيا، واتهمت (موسكو) بانتهاك المعاهدة، وهو أمر نفاه الكرملين.. وأبرم المعاهدة الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان عام 1987، مع الزعيم السوفيتى الأسبق ميخائيل جورباتشوف، وتحظر المعاهدة على الجانبين وضع صواريخ قصيرة أو متوسطة المدى تطلق من البر فى أوروبا ويتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر، مما يقلل من قدرتهما على توجيه ضربات نووية مباغتة.

ولا تزال روسيا والولايات المتحدة تملكان معاً أكثر من 90% من الأسلحة النووية فى العالم، وفق التقرير الأخير الصادر عن المعهد الدولى لأبحاث السلام فى ستوكهولم (سيبري) وتملك (واشنطن) فى 2020 نحو 5800 رأس حربى نووى و(موسكو) 6375 مقابل 320 لبكين و290 لباريس و215 للندن، وفق المعهد السويدي.

ثالثاً: التخوف من لجوء أمريكا إلى المماطلة والتسويف حتى تنتهى فترة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفى هذه الحالة لا يمكن التكهن بمصير هذه المفاوضات فى ظل الساكن الجديد للبيت الأبيض، خاصة أن معاهدة /نيو ستارت/ تُعد آخر اتفاق نووى سارى المفعول بعدما سحب ترامب بلاده من ثلاثة اتفاقات دولية حول الحد من التسلح: الاتفاق حول البرنامج النووى الايرانى والاتفاق حول الصواريخ البرية المتوسطة المدى واتفاق الأجواء المفتوحة للتحقق من التحركات العسكرية وتقليص الأسلحة.

يبقى القول إن مؤشرات الجولة الأولى من اللقاء الأمريكى الروسى بشأن الحد من التسلح النووي، تؤكد أن ثمة جولات جديدة من الحوار الشائك بين الجانين تراعى الحسابات والمصالح الاستراتيجية للطرفين حالاً ومستقبلاً، خاصة مع ظهور الحروب السيبرانية والبيولوجية وحروب الفضاء التى أصبحت أكثر فتكاً من السلاح النووى فى العالم.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة