سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 6 فبراير 1941.. الملك فاروق يتبرع بألفى جنيه إلى «المشروع القومى لمقاومة الحفاء» بمناسبة عيد ميلاده

السبت، 06 فبراير 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 6 فبراير 1941.. الملك فاروق يتبرع بألفى جنيه إلى «المشروع القومى لمقاومة الحفاء» بمناسبة عيد ميلاده الملك فاروق
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اشتدت غارات طائرات المحور «ألمانيا، وإيطاليا» على مصر، أثناء الحرب العالمية الثانية، بعد شهور من بدايتها «سبتمبر 1939»، فتفجرت معها قضية خطيرة، تعكس انتشار وتمكن الفقر من المصريين، حيث نشرت جريدة «الأهرام» يوم 19 يونيو 1940 ‏تقريرا من «مصلحة الوقاية المدنية‏»‏، جاء فيه، أن كثيرين من طبقات العمال والفقراء يسيرون حفاة الأرجل،‏ ولما كانت حالة هؤلاء تعرضهم لخطر الغازات السامة، إذا استعملت فى الغارات الجوية‏،‏ فقد اهتمت المصلحة بهذا الموضوع‏،‏ وهى تبحث‏ بالاشتراك مع وزارة الشؤون الاجتماعية‏، ‏مشروعا يرمى إلى توزيع نعال من المطاط على المحتاجين‏، وقاية لهم من خطر الغازات‏.‏
 
لم تكن مشكلة «الحفاة» تخص بضع مئات، أوحتى آلاف من الفقراء، وإنما كانت مشكلة عامة يعيشها معظم المصريين فى القرى والمدن نتيجة تفشى الفقر، ويعترف بذلك خطاب وجهه ناظر الخاصة الملكية مراد محسن باشا إلى رئيس الوزراء، حسين سرى باشا، يوم 6 فبراير، مثل هذا اليوم، عام 1941، قال فيه: «لما كان كثير من أهل المدن والقرى يمشون لرقة حالهم حفاة الأقدام، وفى ذلك ما فيه من مضار صحية وأدبية، رأى مولاى أعزه الله وأعز به البلاد أن يكون عيد ميلاده السعيد هذا العام ذا أثر كبير فى القضاء على هذه الحالة، بالتيسير على أمثال هؤلاء ليحتذوا أحذية، كل وما يناسبه، وقد تفضل جلالته فأمرنى أن أبعث إلى دولتكم بمبلغ 2000 جنيه لهذا الغرض،
 
رجاء اتخاذ ما ترونه من تدابير لتحقيق هذه الرغبة السامية وتنفيذها بأسرع ما يستطاع، ولا ريب أن تسابق الموسرون من المصريين وغيرهم من مختلف الهيئات فى البذل لتعضيد هذا المشروع كفيل بدوام تمتع هؤلاء بذلك المظهر الحسن، وإنى إذ أشرف بإرسال إذن صرف برقم 905597 بالمنحة المتقدم ذكرها».
 
حمل الخطاب توقيع «ناظر الخاصة الملكية»، بتاريخ، 6 فبراير، 1941، وأضاف التقرير الذى تناولته الصحف عنه وقتئذ بعنوان «عطف جلالة الملك على الفقراء»، أن صاحبة الجلالة الملكية تفضلت وتبرعت بملبغ مائتين وخمسين جنيها، وكذلك تفضلت صاحبة الجلالة الملكة نازلى وصاحبات السمو الملكى الأميرات فتبرعن بمبلغ خمسمائة جنيه لهذا الغرض.
 
وذكر التقرير، أن رئيس الوزراء، حسين سرى باشا، تبرع بخمسين جنيها، وأنه كان عنده مندوبو الصحف حينما تلقى كتاب «ناظر الخاصة الملكية»، فلما أطلع عليه دولته قال: «هذه نفحة ملكية كريمة تستطيعون أن تسجلوها الليلة، فقد تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك فتبرع بمبلغ ألفى جنيه بمناسبة عيد ميلاده السعيد، لكى يكون نواة لجمع مبالغ أخرى نشترى بها أحذية لأولاد الفقراء فى جميع أنحاء البلاد، فيخفف ذلك عنهم ويلات الأمراض الطفيلية التى يجىء معظمها من غمر الأقدام فى المياه الملوثة، وتعريض الجسم لأشد الأخطار».
 
يذكر الدكتور يونان لبيب رزق. فى مقاله «مقاومة الحفاء فى مصر»، الأهرام، 9 أغسطس 2007»، أن رئيس الوزراء هو الذى أطلق اسم «مشروع مقاومة الحفاء»، واتخذ شكل حملة قومية، انشغلت بها مصر كلها خلال ما يزيد على عام،‏ ولم تكد تخلو صفحة من الجرائد التى تصدر فى البلاد خلال ذلك العام، من خبر عن المشروع‏،‏ حتى يخيل لقارئ هذه الصحف أن المصريين قد تحولوا وقتئذ إلى مجموعة من الحفاة‏.‏
 
يلفت «رزق» النظر إلى أن الترويج لهذا المشروع كان لصرف أنظار الناس عن مجريات الحرب العالمية الثانية، التى بدأت تقترب من الإسكندرية‏، وما صاحب ذلك من توتر داخل البلاد‏،‏ فقد رآها نفر من المصريين فرصة للتخلص من القوات البريطانية التى ظلت جاثمة على صدورهم طول الستين سنة السابقة‏‏.‏
يضيف «رزق» أن أول ما فعله رئيس الوزراء، أن بعث كتابا إلى كل من رئيسى مجلسى الشيوخ والنواب، تضمن توجيه اهتمام أعضاء المجلسين وموظفيهما إلى هذا المشروع الجليل‏،‏ وبدأت عملية جمع التبرعات من هؤلاء ومن غيرهم‏،‏ وبلغت أول قائمة ‏786‏ جنيها‏،‏ وكان أحمد عبود باشا أول المتبرعين،‏ «500‏ جنيه»‏، ومائة جنيه من موظفى محال صيدناوى، ومبالغ أقل من بعض شخصيات القصر‏، وضمت القائمة مبلغ عشرة جنيهات من بطريرك الأقباط الأرثوذكس، وجنيها واحدا من مدام مدين بالإسماعيلية‏،‏ كما ضمت قائمة أخرى ما لا يزيد على سبعة عشر جنيها، دفعها طلعت حرب باشا، ودسوقى أباظة بك، ومحمد حسن العبد بك، ومحال جروبى وبنزايون وعدس‏‏، ومع زيادة مبالغ التبرعات التى بلغت أكثر من ‏36‏ ألف جنيه قررت وزارة الداخلية والمالية إيداعها فى بنك مصر‏، فى حساب باسم رئيس الوزراء نفسه‏، حسين سرى باشا.‏‏









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة