أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد حبوشه

ميتافيرس.. عالم جديد من السعادة المزيفة !

الجمعة، 07 أكتوبر 2022 09:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نحن نعلم أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تسبب الإدمان لبعض الناس، وتقوم الشركات بتعديل الخوارزميات عمدا لإبقاء المستخدمين على المنصة وإطالة أمد مشاركتهم لأطول فترة ممكنة، كلما زاد الوقت الذي يقضيه المستخدم على نظام أساسي لوسائل التواصل الاجتماعي، زاد عدد الإعلانات التي يمكن عرضها - مما يكسب النظام الأساسي المزيد من الأموال - هذا هو إلى حد ما نموذج العمل الكامل لجميع منصات الوسائط الاجتماعية، وليس من الغريب أن نفترض أن الـ (ميتافرس) سيتبع نفس نموذج العمل، هذه المرة فقط، سيكون من المستحيل تجاهلها

فمن الممكن أن يوفر العالم الافتراضي تحفيزا مستمرا وتجارب جديدة غير محدودة، وإن العيش في مثل هذه البيئة ومقارنتها مع الواقع الحقيقي سيؤدي إلى الشعور بأن الواقع سطحي وغير مرض، ويمكن أن يترك هذا بعض المستخدمين عرضة للخطر، حيث تعمل الخوارزميات على الاستحواذ على اهتمامهم أو جذبهم مرة أخرى إلى الاستمرار

هذا الكلام في مناسبة ظهور تطبيقات الواقع الافتراضي Metaverse ميتافيرس والتي هى من بين أكثر الأشياء بحثا اليوم عبر محرك البحث جوجل، وخاصة بعد أن قام "مارك زوكربيرج" مؤسس شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك بتغيير اسم الشركة إلى اسم جديد (ميتا)  Meta، فقد ضجت وسائل التواصل بهذا الخبر وكثر الحديث عنه، سواء من جانب المهتمين بمجال عالم التقنية والتكنولوجيا، أو لم تكن كذلك، لكن بما أنك تستخدم الفيسبوك، فمن المؤكد أنك سمعت عن هذا الخبر الذي تداولته الكثير من وسائل الإعلام العالمية، وذلك نظراً لأهميته ولأنه له علاقة بشركة بحجم فيسبوك التي تملك سلسة تطبيقات وخدمات أهمها الانستجرام، والواتساب وغيرها من الخدمات الأخرى.

كثيرو الآن يبحثون عن تطبيق Metaverse أو ما هو ميتافيرس وغيرها من الأسئلة التي تدور حول هذا العالم الافتراضي الجديد الذي سيرى النور ويحتل الكثير من مجالات الحياة وينقلنا من واقع افتراضي إلى آخر جديد، ويتوقع أن يصل حجم الإيرادات العالمية من العالم الافتراضي الغامر "الميتافيرس"  "Metaverse" نحو 800 مليار دولار في عام 2024، ومن المنتظر أن تبلغ حصة صانعي الألعاب نحو 400 مليار دولار منها، في حين يتوزع الباقي على الترفيه الحي والمباشر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، بحسب ما ذكرت منصة بلومبيرغ (Bloomberg) مؤخرا.

وحاليا، دخلت شركات التكنولوجيا الكبرى حول العالم في سباق محموم من أجل إنشاء عوالم افتراضية غامرة (ميتافيرس) خاصة بها للاستئثار بشريحة كبيرة من هذه الكعكة، بل دخلت في هذا السباق شركات التقنية المتوسطة والناشئة على أمل الحصول على حصتها من هذا السوق الناشئ الذي يعد بأرباح خيالية، ومن الواضح أن الميتافيرس هى الشكل القادم من الإنترنت الذي سيسود العالم خلال الفترة القادمة، وقد دفع هذا علماء الاجتماع وعلم النفس والتكنولوجيا للتفكير في التأثيرات التي ستنتجها هذه العوالم على الحالة الذهنية والعقلية للبشر في المستقبل القريب.

صحيح أن الرؤية ما زالت غير واضحة تماما بعد للشكل النهائي للميتافيرس، ولكن من الواضح أنها ستكون حياة افتراضية أخرى أكثر تعقيدا من كل ما سبق، ومدعومة بتقنيات الواقعين الافتراضي والمعزز الأكثر تطورا، وستشمل كل نواحي الحياة، حيث سيتمكن المستخدمون الذين يرتدون نظاراتهم الافتراضية من حضور الحفلات الموسيقية أو اجتماعات العمل أو الذهاب في رحلة ترفيهية إلى روما مثلا.

يقول بعض خبراء التكنولوجيا والصحة العقلية إن كل تقنية جديدة، من الراديو إلى التلفزيون إلى ألعاب الفيديو، أثارت مخاوف في السابق من أنها قد تفصل المستخدمين عن الواقع الحقيقي الذي يعيشون فيه، أو تعزلهم عن محيطهم، أو تجعلهم عنيفين في كثير من الأحيان، ما ينذر بعواقب وخيمة على صحتنا العقلية والنفسية، يقول الدكتور "جيريمي بيلنسون"، المدير المؤسس لمختبر التفاعل البشري الافتراضي في جامعة ستانفورد: "ما لم يدرسه أحد حتى الآن هو أنواع التأثير طويلة المدى على الأشخاص الذين يقضون وقتا طويلا في عالم مثالي تماما، مثلا، لدينا أشخاص يواجهون المشاكل في حياتهم اليومية، والذين ينظرون إلى منصات التواصل الاجتماعي باعتبارها ملاذا، وفي هذه المنصات يقارنون أنفسهم بالآخرين".

ويتابع: "لكن على الأقل في هذه المنصات التقليدية، يجب أن تتطابق مع من أنت في العالم، فصورتك في العالم الواقعي هي الصورة نفسها في وسائل التواصل الاجتماعي، في الميتافيرس سيختلف الأمر، حيث ستخلق أو تختار الأفاتار (Avatar)  الخاص بك، ومن المتوقع أن يختار البشر بشكل تلقائي الأفاتار الأكثر جمالا ومثالية، وسيكون التحدي عندما يقضي الناس الكثير من الوقت في (الميتافيرس)، ويعيشون في عالم يكون فيه الجميع مثاليين وجميلين.. كيف سيؤثر هذا على الأشخاص وعلى احترام كل منهم لذاته؟ لا أحد يعرف الجواب على هذا السؤال حتى الآن".

وجد باحثوا مركز مكافحة الكراهية الرقمية أن المستخدمين بما فيهم القاصرين يتعرضون لسلوك مسيء كل سبع دقائق، ويتعرضون أيضا للمحتوى الجنسي البصري، كما أن Vrchat يشجع مستخدميه بما في ذلك القاصرين على التنمر والتحرش الجنسي وإساءة التعامل مع المستخدمين الآخرين، كما وجدوا أيضا أنه يقوم بتهيئة القاصرين لتكرار الألفاظ العنصرية والأحاديث المتطرفة، ولقد قام مركز مكافحة الكراهية الرقمية  بالإبلاغ عن جميع هذه الحوادث عندما عثر عليها إلى شركة فيسبوك باستخدام أداة الإبلاغ الخاصة بهم، ولكن وفقا لتقرير على موقعه الإلكتروني فإن جميع تقاريره عن المستخدمين الذين قاموا بالإساءة والمضايقة للمستخدمين الآخرين لم تتم الإجابة عليها، حيث كتب مركز مكافحة الكراهية الرقمية :

ان الأمور لا تسري كما يرام، فعندما قام (مارك زوكربيرغ، ونك كلغ) بإطلاق رؤيتهم عن الميتافيرس وسط الكثير من الضجة قالوا بأن: " المعايير المفتوحة ومعايير الخصوصية والسلامة يجب أن توضع باليوم الأول للميتافيرس"، فيجب بالفعل أن تؤكد على هذه المبادئ من البداية، يمكن أن يكون هناك استخدامات جبارة للميتافيرس، لكنه يتضمن ميزات رائعة ومخاطر مرعبة، ونحن بحاجة إلى نظام قوي للغاية بمثابة شرطة خاصة بالميتافيرس، ما نزال بالمراحل المبكرة للغاية للميتافيرس، ولكن يجب علينا البدء بالحديث عن هذه المشاكل الآن وقبل أن نصل إلى اّخر طريقٍ لا يمكننا العودة منه. فهذه اللحظات ستكون حاسمة بالنسبة للمستقبل.

من جانبه فإن البروفيسور (ريد) يشعر بالقلق بشأن التجسس في الميتافيرس، والكمية الكبيرة من البيانات التي يمكن أن يقوم الميتافيرس ومن يسيطر عليه بجمعها، وجاء كلامه بعدما انتحلت إحدى صحافيات شبكة "بي بي سي" صفة فتاة تبلغ من العمر 13 عاماً، لتلج عالم الميتافيرس، وجدت أنه "يتيح مواد إباحية، وشتائم عنصرية، وتهديدات بالاغتصاب"، وعلى أثر ذلك أصدرت الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال في بريطانيا تحذيراً من بعض التطبيقات في عالم ميتافيرس الافتراضي، مشيرة إلى "احتمال تعرّض الصغار في هذا العالم لمواد إباحية وعنصرية"

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، عن الجمعية، أن نتائج تحقيق صحافي كشفت عن "توليفة سامة من الأخطار"، على حد تعبير "آندي باروز" رئيس قسم أمان الأطفال عبر الإنترنت في المؤسسة، وذلك بعد أن تمكّنت الصحافية من دخول تلك المغامرة باستخدام تطبيق متاح للأطفال ابتداءً من سن 13 عاماً، لترتاد غرفا في الواقع الافتراضي تقوم فيها شخصيات الأفاتار بمحاكاة "أفعال جنسية"، كما وجدت أن هذه الغرف تعرض ألعاباً جنسية وتجتذب العديد من الرجال البالغين.

ودخلت الصحافية إلى عالم ميتافيرس عبر تطبيق "في آر شات"، الذي لا يتطلب التحقق من سن المستخدم ولا يحتاج سوى إلى أن يكون له حساب عبر تطبيق فيسبوك، كما فبركت الصحفية ملفاً تعريفياً حتى تتمكن من إنشاء حساب من دون فحص هويتها الحقيقية، ويحتوي تطبيق "في آر شات" على غرف يمكن لمستخدمي التطبيق أن يتلاقوا فيها، بعض هذه الغرف يطرح مواد بريئة وذات استخدام يومي مثل المطاعم وغيرها، لكن البعض يقدم رقصاً عارياً وهناك "نواد تعرض التعري".

إذن نحن مقبلون على كارثة جديدة على جناح السعادة المزيفة في ظل تحول كثير من مواقع الإنترنت نحو استخدام والتعامل مع الميتافيرس، نظرا للمزايا الكبيرة التي يقدمها، فهو مزيج رائع وفريد من نوعه للواقع الافتراضي والمواقع المعزز، ما يجعل منه عالما حيويا وممتعا لكل مستخدميه، ويوفر إمكانيه التنزه والسفر وإجراء اجتماعات الأعمال والكثير الكثير من الأمور التي نقوم بها بعالمنا الحقيقي، وعلى الرغم من كل هذه المزايا التي يوفرها الميتافيرس، إلا انه لا يخلو من المخاطر والسلبيات، والتي تعتبر عقبة في طريق تطور الميتافيرس، أو حتى نقطة سوداء تؤدي للتراجع في اعداد مستخدميه، وهو ما يزيد التخوف أكثر فأكتر لدى المستخدمين في خوض تجربته.

وحتما سيؤدي انتشار التحرش الالكتروني سواء اللفظي أو الجنسي، من خلال التجسيد الذي يتم داخل (ميتافيرس) إلى كورث كبيرة ومزعجة ، حيث حدثت العديد من الوقائع والحالات المشابهة التي تعرض فيه عدد من المستخدمين، وبالأخص النساء للتحرش الإلكتروني في ميتافيرس سواء ان لفظي أو جنسي، فضلا عن أنواع متعددة من الاغتصاب الإلكتروني العلني في ميتافيرس، حيث تعرضت امرأة للاغتصاب الالكتروني على ميتافيرس في الثاني من فبراير من العام الجاري من قبل مجموعة من الشبان الذين بدأوا معها بالتحرش الإلكتروني ثم تطور الأمر للاغتصاب.

انتشار المضايقات والكراهية بشكل كبير أكثر من مواقع الانترنت المختلفة، والتنمر والألفاظ النابية المسيئة، واستخدام الايحاءات الجنسية بشكل علني او مخفي أصبح في تزايد مع ظهور (الميتافيرس) كزائر جديد في الفضاء التخيلي، والتي قد تتطور لأمور جنسية قد تؤثر فعلا على المستخدمين، ما يقلل من الأمان في هذا العالم بشكل كبير، وهو ما يلزمنا في المجتمعات العربية إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات الصارمة اللازمة، في ظل ازدياد عدد المستخدمين لهذا العالم للحد من مخاطره، فهو يزيد من إمكانية التعامل مع الأشخاص السيئين ويقلل من فرصة القدرة على السيطرةعليهم، كون ميتافيرس عالم تفاعلي، أي يتم تقديمه في تجسيد ثلاثي الأبعاد، يجعله خطر من أخطاره، حيث نعيش تجربة ن نكون في مكاننا وننتقل لأي مكان آخر نريده حول العالم دون الحاجة لأن ننتقل عبر الزمن او حتى أن نمتلك جواز سفر، فقط باستخدام مجموعة من التقنيات كالنظارة والقفازات المخصصة له والاتصال بالإنترنت وتقنيات معينة أخرى، كل ذلك لم يشفع لمخاطر وأضرار الميتافيرس المختلفة التي لن نسلم فعلا من المخاطر المحتملة والاضرار الأكيدة لها.

ربما يبدو واضحا أن استخدام الانترنت عموما، والشاشات التقنية الحديثة لها تأثير كبير وواضح على الصحة النفسية والبدنية للمستخدمين، خاصة مع ازدياد الساعات التي يتم استخدامه فيها من قبل المستخدمين، لكن الاستخدام الزائد للميتافيرس يؤثر على التواصل بين أفراد الأسرة، والعلاقات الاجتماعية فيما بينهم، ونتيجة لغياب الرقابة الأسرية على الأفراد خاصة الأطفال، يجعلهم أكثر عرضة للتعرض لمشكلات الإنترنت والميتافيرس، كما أن هنالك أضرار أخرى في الطريق إلينا مثل ارتفاع نسبة الطلاق نتيجة للمشاكل الزوجية بسبب غياب التواصل بين أفراد الأسرة تحت وطأة الميتافيرس في عالمه الذي يبدو سحريا للتحلق في ما وراء الكون نحو متعة أخرى من نوع جديد فانتبهوا!!!










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة