شعر طويل ولحية كثيفة بيضاء وملابس مهترئة، تخفي تحتها جسده المنهك وجلده المتهالك، هكذا يبدو "عم محمد صلاح"، الذي ما أن تنظر إليه حتى تُدرك أن خلف تلك الهيئة سببٍ قوي دفعه للتشرد.
عم محمد، الذي تجاوز الـ60 عامًا، كان يعمل سائق لاسرة، وكان على درجة عالية من الغنى والنظافة، بحسب قوله: "كنت شغال سواق دلوقتي عاطل وأنام في عشة بالشارع"، هكذا قال "عم محمد" بصوته المبحوح في حديثه لـ "كاميرا التلفزيون اليوم السابع"، وكان في أحيان كثيرة ينظف الشوارع من حوله، دون أن يطلب منه أحد، قائلا: "عايش بدون بطاقة، ومش عارف أعملها، ولو موت محدش هيعرفنى".
يبدأ "عم محمد" يومه بالجلوس بمفرده في عشة خشب في الشارع، آخذا معه "جردل" بلاستيكيا يحوي " كنكة " وكوبًا زجاجيًا وأدوات أخرى يستخدمها في الطهي وعمل الشاي، قائلا: "اللي حصلي ده بسبب موت مراتى، كنت أعشق اسمها، وأبنى لا اعرف عنه حاجة".
ويجلس "عم محمد"، بهدوء شديد دائما، ولا يثور أو يغضب على أحدٍ من حوله، وبمجهود قليل تستطيع معرفة قصته والمعروفة وسط المارة بالشارع، فبعد موت زوجته، تعرض لمشاجرات مع أهل زوجته الذين أصروا على طرده من المنزل بعد وفاة زوجته ومن هنا لجأت إلى العيش في الشارع، مؤكدا أن زوجته تركت له ابنًا، إلا أنه تركه بعد وفاه أمه ولم يعتني به أو يأتي حتى للاطمئنان عليه، وبرغم هذا الحال الذي عليه "عم محمد"، إلا أنه يتميز بدرجة عالية من القناعة والكرم، وحب الجيران الذين يعيش وسطهم.
