أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد حبوشه

الدراما مصدر حيوي للترويج السياحى في مصر

الجمعة، 15 يوليو 2022 05:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في منتصف يونيو الماضي أطلقت وزارة السياحة والآثار الحملة الترويجية الإلكترونيةFollow the Sun   بهدف الترويج للمقصد السياحى المصرى لموسم صيف 2022 ودفع مزيد من الحركة السياحية الوافدة من عدد من الدول أبرزها: المملكة المتحدة، وألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، وجاءت الحملة في ضوء تنفيذ الاستراتيجية الإعلامية للترويج السياحي لمصر والتي تهدف إلى إبراز المقصد السياحي المصري ومقوماته السياحية والأثرية المتميزة والمتنوعة وهويته الشابة النابضة بالحياة، وكوجهة سياحية جاذبة يرغب الزائر في البقاء بها مدة طويلة مع تكرار الزيارة كل عام.

وقد لفت نظري أن شعار الحملة يدعو السائحين لمتابعة الطقس باستمرار مما سيجعلهم يختارون مصر كمقصد سياحي مميز لقضاء إجازاتهم بها والاستمتاع بجوها الدافئ طوال العام والشمس المشرقة، والجميل في الأمر أنه تم إطلاق هذه الحملة إلكترونيا علي منصات التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما في هذه الأسواق وهى Youtube، Facebook، Tiktok Snapchat،  Adcolony، ونجحت الحملة في الوصول إلى أكثر من 26 مليون مستخدم في الأسواق السياحية التي تم إطلاق الحملة بها، حيث حققت أكثر من 22 مليون مشاهدة على موقع التواصل الاجتماعي اليوتيوب YouTube في تلك الأسواق، كما ساهمت الحملة في زيادة معدلات البحث الإلكتروني عن السفر إلى مصر عبر محرك البحث جوجل في هذه الأسواق بنسبة 102% مقارنة بالعام الماضي، حيث وصل معدل البحث فى ألمانيا الى 187%، وفي فرنسا لأكثر من الـ 125%، وفي المملكة المتحدة وصل الى 106%، وفى ايطاليا 240%..

وتعتبر هذه الحملة استكمالا للحملات الترويجية الإلكترونية التي أطلقتها الوزارة أوائل هذا العام تحت عنوان Sunny Christmas (الكريسماس المشرق)،  وSunny January   (يناير المشرق)، والتي كانت حققت أيضا نجاحا ملحوظا على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في مصر وعدد من الدول التي أُطلقت بها الحملة، حيث نجحت في الوصول لعدد 107 مليون مستخدم إلى جانب نجاحها في رفع معدلات البحث الإلكتروني عن مصر على محركات البحث العالمي بهذه الأسواق المستهدفة بنسبة 95% مقارنة بالعام الماضي، كما أطلقت وزارة السياحة والآثار ممثلة في الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، بدءا من الخميس الموافق 30 يونيو 2022، وخلال أشهر الصيف، حملة ترويجية تحت عنوان (اليوم فى مصر ما بيخلصش)، وذلك للترويج السياحي لمصر خلال موسم الصيف، وبالأخص في السوق العربي ومنطقة الخليج، بالإضافة إلى تنشيط السياحة الداخلية في مصر.

وكانت هذه الحملة عبارة عن أفلام دعائية يتم من خلالها إلقاء الضوء على المقاصد السياحية المصرية وإبراز ما تتمتع به من مقومات سياحية متنوعة وفريدة، وأنماط ومنتجات سياحية مختلفة ومتعددة، بمشاركة الفنانة دنيا سمير غانم، ومجموعة من مشاهير المدونين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه الحملة الترويجية بالطبع تستهدف مختلف فئات المجتمع المصري والعربي بالدول العربية الشقيقة، مع التركيز على الصورة الذهنية السياحية الجديدة لمصر وإبراز المقصد السياحي المصري بهويته الشابة كمقصد نابض بالحياة يتميز بوجود العديد من الأنشطة التي يمكن للزائر ممارستها والاستمتاع بها بما يثري تجربته خلال الزيارة وكوجهة سياحية جاذبة يرغب الزائر في البقاء بها مدة طويلة مع تكرار الزيارة كل عام، وهو ما يتسق تماما مع الاستراتيجية الإعلامية الجديدة للترويج السياحي لمصر والتي أعدتها الوزارة خلال عام 2021 مع تحالف دولي متخصص.

كل ما مضى جميل ورائع لكني هنا أتوقف عند عبارة (تحالف دولي متخصص) وأتساءل: هل نحن بحاجة إلى شركات أو مؤسسات دولية للترويج السياحي لمصرنا العظيمة التي بها أكثر من ثلثي آثار العالم؟

الإجابة بالطبع لا، ففي ظل وجود مقومات كثيرة تمنحنا الميزة النسبية في الترويج للسياحة المصرية لا يلزمن التفكير في بديل أو تحالف دولي يقوم بالترويج لنا، نعم لدينا مقومات كثيرة وعلى رأسها (الدراما المصرية) التي يمكن أن أهم مصدر للترويج السياحي في بلدنا إذا أتيحت لها الفر صة من خلال أعمال تبرز البيئة المصرية بعبقها الذي يحمل الماضي العريق جنبا مع الحاضر المشرق بالتطور والإنجاز، فضلا عن تميز مصر بعديد من الأماكن السياحية الرائعة التي يمكن التصوير فيها، لكن لا يتم استغلالها بالشكل الجيد سواء في الأفلام أو المسلسلات، ولا تروج بالشكل المطلوب التي تظهر أفضل الأماكن في مصر، وذلك على العكس تماما مما يحدث في بعض المسلسلات التركية، والتي تصور لإبراز أماكنها للمشاهدين وإظهارها بشكل جذاب للترويج وتنشيط السياحة في البلاد.

ثم لماذا لا يحاول المسئولون استغلال الأماكن السياحية الرائعة في مصر، عبر إقامة الاحتفالات كل فترة لجذب السياح والترويج للمعالم المصرية الرائعة، ودعم الفن بشكل إيجابي لإفادة الفنانين والدولة، وخاصة أن مصر تضم عديد من الأماكن الرائعة، ولكنها (مهمشة) بشكل كبير، ولا يتم استغلالها بالشكل المطلوب، وتغلق بالرغم من عظمة تاريخها الأثري، فهل يعد الخطأ من المنتجين، أم المخرجين؟، لقد طالب صناع الدراما المصرية في عديد من المواقف استغلال الأماكن السياحية بشكل جيد، مؤكدين على أهمية هذا الموضوع لتحقيقه ترويج سياحي ممتاز، ولكن تكون العقبة دائما في التكلفة الكبيرة للتصوير، خاصة في ظل عدم اهتمام الإنتاج الخاص بمثل تلك الأماكن، لأن السياحة (لاتهم تلك الشركات الخاصة)، ولكن كل ما يدور في ذهنه هو نجاح العمل المقدم ومن ثم يغض الطرف عن التكاليف الباهظة في التصوير في الأماكن السياحية.

ظني أنه إذا كان الأمر موجها من الدولة سيختلف الموضوع كثيرا، فعلى سبيل المثال مسلسل (جراند أوتيل) والذي حقق نجاحا كبيرا، ومع ذلك لم يستمر الموضوع، فيجب أن تكون مثل تلك الأمور من المؤلفين والمصورين لمنتجين الدراما لأن الأمر في غاية الأهمية، لكن تكمن المشكلة في أن الدولة تتقاضى مبالغ كبيرة جدا من أجل التصوير داخل الأماكن السياحية، بالإضافة إلى رفض العديد من الأماكن التصوير بداخلها، أو طلب الكثير من التصريحات أو التأمينات للدخول، فبالرغم من السفر خارج مصر والحصول على التراخيص، ولكنها أقل كثيرا من داخل مصر، ومن هنا يجب على وزارة الثقافة ووزارة الآثار السماح بالتصوير للمصريين دون أي مقابل، لأن المصري يعامل مثل الأجنبي ويجبر على دفع مبلغا كبيرا جدا، ولدينا المثال في المملكة المغربية التي خصصت مدينة بأكملها (ورزازات) من أجل التصوير، يستطيع أي أحد التصوير داخلها بمجرد الحصول على تصريح لدخول الدولة فقط، وهناك الكثير من الدول الأخرى التي تعمل على هذا الموضوع، وهناك عديد من الأماكن السياحية التي لا يلتفت لها أحد، وتأثرت السينما المصرية بسبب ارتفاع المقابل المادي وكثرة التصاريح.

ألا ينظر المسئولون إلى التجربة التركية؟، فبعد اكتساح المسلسلات التركية ووصولها إلى مئات الملايين من المشاهدين في ما يزيد على 150 دولة حول العالم، من تشيلي بأقصى غرب أمريكا اللاتينية، إلى الهند وباكستان جنوب شرق آسيا، وفي العالم العربي من المحيط الأطلنطي إلى الخليج العربي، تتصدر المسلسلات التركية الشاشات العالمية، جاذبة أنظار المشاهدين والمتابعين والنقاد، والحقيقة أن الدراما التركية بذلك تحدث ثورة ثقافية، إذ باتت سفيرا للثقافة واللغة التركيتين، معرفة بالتاريخ والحاضر التركي، وجاذبة لأنظار السياح والمستثمرين حول العالم.

وترتيبا على هذا ينبغي على صناع الدراما المصرية من جانبهم اللجوء إلى  (عناصر الإبهار) التي تتوفر لدى تركيا وتمكن منتجي الأعمال الدرامية من الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المشاهدين على مستوى العالم، فالقائمون على المسلسلات التركية يركزون على إبراز تلك العناصر بشكل خاص وتصديرها للجمهور من خلال المناظر الطبيعية الساحرة التي تختار بعناية في مواقع التصوير، إضافة إلى الملابس الأنيقة العصرية والألوان الدافئة، تأتي في مقدمة عناصر الإبهار لدى الأعمال الفنية التركية، كما تتسم الأعمال التركية بالأحداث المعتدلة والمشاهد المناسبة لجميع الأعمار، وهو ما يمكن جميع أفراد الأسرة من مشاهدتها بدون التخوف من مشاهد تحوي عنفا مبالغا فيه أو أفعالا خادشة للحياء.

علينا دراسة تجربة الدراما التركية في الترويج السياحي لأنها تستخدم الأعمال الدرامية بشكل فعال أداة لما يعرف بـ (الدبلوماسية الثقافية)، وأظن أن ما لدى تركيا من مخزون ثقافي وتاريخي وحضاري، وعناصر بشرية وجغرافية وطبيعية ترتكز عليها المسلسلات التركية، وتساعد على التعريف بالثقافة واللغة والتاريخ والحاضر التركي لايقارن بما لدينا من مقومات ثقافية وحضارية تعكس براعة المصريين على مدار التاريخ القديم والحديث في التشييد والبناء الذي يصلح كمادة خام في صناعة أعمال درامية تستطيع أن تبرز مصطلح (القوة الناعمة) في هذا السياق، الذي عبرت من خلاله المسلسلات التركية عن أهمية المكان والزمان وقدمته في صورة تعكس جمال الطبيعة التي عرفت المشاهدين، بأمريكا وباكستان والشرق الأوسط والبلقان وروسيا وغيرها من البلدان والمناطق الجغرافية حول العالم، بالموروث التركي الثقافي وأدق تفاصيل الحياة اليومية في حياة الأتراك.

ولعل الأهم في تلك المسلسلات أنها تثير رغبة لدى المشاهدين في استكشاف المزيد عن تركيا عبر القدوم في رحلة سياحية أو بدء تعلم اللغة التركية والانخراط في أنشطة وبرامج ثقافية وتعليمية فمنذ انتشار الأعمال الدرامية التركية في العالم العربي خاصة، ساهم ذلك (في تغيير الأحكام المسبقة في العالم العربي عن تركيا)، كما شكل سمعة خارجية طيبة للبلاد في مختلف أنحاء العالم، ما جذب أعين السياح والمستثمرين من كل حدب وصوب إلى تركيا، ألا يمكن أن نستغل أحداثا مصرية مهمة على غرار الأتراك مثل أن هذا العام هو عام استثنائي ومميز حيث يوافق ذكرى مرور 200 عام على فك رموز الكتابة المصرية القديمة ونشأة علم المصريات، و100 عام على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون بحسب قول وزير السياحة الدكتور خالد العناني في محاضرة له في روما قبل أيام؟!.

قدم العنانى في هذه المحاضرة عرضا تقديميا استعرض خلاله أبرز ما يشهده قطاع السياحة في مصر من تطورات ومستجدات، وأهداف استراتيجية وزارة السياحة والآثار للتنمية المستدامة 2030، مشيرا إلى أن مصر تعد مقصد سياحي يمكن للسائح زيارته طوال العام لما يتمتع به من جو دافئ وشمس مشرقة، وشواطئ خلابة ممتدة على طول ساحلي البحر الأحمر والبحر المتوسط، هذا بالإضافة إلى ما يتمتع به من تنوع كبير في الأنماط والمنتجات السياحية والتي من بينها (الشاطئية، والترفيهية، والبيئية، والثقافية، والروحانية) وغيرها من المنتجات السياحية التي تتميز بها مصر.

وهذا بالطبع ما يشجع على انعكاس تلك المميزات النسبية في صورة أعمال درامية، ومن الآن فصاعدا علينا أن نفسح المجال للكتابة من وحى الحضارة المصرية العريقة وتصوير الأعمال الدرامية في مختلف المناطق الأثرية، وكذلك في (العاصمة الإدارية والعلمين والعين السخنة وكافة المناطق الساحرة في الساحل الشمالي وسهل حشيش والجونة والغردقة وشرم الشيخ وسانت كاترين والمتحف الكبير ومناطق الأهرامات)، وصناعة أعمال دينية تتفق مع عظمة مساجد القاهرة الأثرية لبيان المعالم التي يمكن أن يقصدها السائح العربي والأجنبي حين يرى الصورة المبهرة والخلفية التاريخية والمعرفية عن كنوز مصر المدفونة  في قلب الجغرافيا المسكونة بالجمال المصري الخلاب الذي يمكن أن يجذب السائح إلى بلادنا، عندئذ سوف نتحدث عن مئات الملايين الذين سيزورون مصر.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة