أكذوبة الابن الشهيد للفنان العملاق صلاح منصور.. وأسرار الساعات الأخيرة فى حياته.. أصر على أداء بروفة تمثيل لدور هاملت على سرير المرض بالمستشفى.. وكان يتحدث عن وفاته: «كده حاتسيبونى أموت؟

السبت، 21 يناير 2023 04:15 م
أكذوبة الابن الشهيد للفنان العملاق صلاح منصور.. وأسرار الساعات الأخيرة فى حياته.. أصر على أداء بروفة تمثيل لدور هاملت على سرير المرض بالمستشفى.. وكان يتحدث عن وفاته: «كده حاتسيبونى أموت؟ صلاح منصور
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

1 - هل كان للفنان العملاق صلاح منصور، الذى توفى يوم 19 يناير 1979 ابن استشهد فى حرب أكتوبر عام 1973؟ وكيف عاش ساعاته الأخيرة مع آلام المرض ومن حوله زوجته وابنه الصغير «مجدى» وشقيقه المخرج المسرحى «جمال منصور»؟ 

بمجرد طرح سؤال «الابن الشهيد» عبر محركات البحث، ستظهر الإجابة بنعم فى معظم المواقع الإلكترونية إن لم يكن جميعها، وفى صحف كبيرة وعريقة، وبرامج على اليوتيوب تزيد وتعيد فى هذا الموضوع، والكل ينقل من بعضه كلمات تكاد تكون واحدة مع اختلاف بسيط فى بعضها: «وزع صلاح منصور الشربات لحظة استشهاد نجله فى حرب أكتوبر 1973»، و«رقص يوم وفاة ابنه الأول وبكى يوم وفاة ابنه الثانى»، و«وعندما جاء لصلاح منصور خبر استشهاد نجله وزع حلويات على جيرانه والمارة فى شارع منزله»، و «فى حفل تكريم أسر الشهداء عانق منصور الرئيس السادات، وبكى فى حضنه وتبرع بمكافأة ومعاش ابنه الشهيد لتسليمه إلى الجيش المصرى».
 
 الغريب أن الذين يذكرون هذا الكلام فى المواقع الإلكترونية والصحف، وصفحات السوشيال ميديا لا يذكرون مصادرهم، ولم يذكروا مرة واحدة اسم هذا الشهيد، ومع مرور الأيام أصبحت هذه القصة من الثوابت فى تناول سيرة هذا الفنان العملاق، فأين الحقيقة فى ذلك؟
 
2 - فى عملية بحث للإجابة عن هذا السؤال، قمت بمراجعة جريدة «الأهرام» فى الأيام التالية لوفاة صلاح منصور، وبدأتها بعدد 20 يناير 1979، حيث أفرد له الكاتب الصحفى كمال الملاخ الصفحة الأخيرة «من غير عنوان»، وكتب تقريرا مؤثرا جمع فيه بين الساعات الأخيرة التى عاشها صلاح منصور وبين تاريخه الفنى.
 
يكشف «الملاخ»، أنه قبل أن يموت بساعة واحدة فى مستشفى العجوزة، دبت فيه شعلة النشاط، وصوت قوى يرتفع ولغرابة القدر كان يمثل شخصية الأمير «هاملت» أمام شقيقه المخرج جمال منصور الذى طلب منه أن يمثل دور الأم، فحاولت زوجته تهدئته، أوأن يرجئ المشهد لوقت آخر حتى لا يستيقظ المرضى بالمستشفى، وحتى لا تضر الانفعالات بصحته، لكنه استمر يمثل مشهد مخدع الملكة فى المسرحية العالمية التى بدأ بها عمله فى الإذاعة منذ أكثر من 35 عاما، وبعد أداء المشهد طلب أن يعيده مرة أخرى، فقال له شقيقه جمال: «طيب مثل إنت دور الأم، وأنا هاملت»، إشفاقا عليه من مجهود غريب لفنان يحتضر، وقال له، إن دور الأم انفعالاته أقل، ولكنه رفض وأصر على تمثيل الدور مرة أخرى، وبعدها بساعة أسلم الروح وهو جالس على سريره، بنفس الوضع الذى كان عليه طوال شهرين، حيث كان لا يستطيع النوم إلا جالسا، بسبب تسرب المياه إلى رئته بينما الأخرى مصابة بورم سرطانى.
 
3- يذكر «الملاخ»، أنه فى يوم 18 يناير 1979 كان يتحدث عن وفاته، قائلا: «كده حاتسيبونى أموت؟ ده أنا باموت»، ثم يعود لسيرة الفن، قائلا: «الدور ده بتاعى لازم يتغير، أنا طالبت تعديلات فيه، لازم يتغير»، يضيف، أن أول الذين حضروا إلى المستشفى بعد وفاته كان زملاؤه القدامى فى المسرح الحر، صبرى عبدالعزيز، وعبدالحفيظ التطاوى، وعلى الغندور، وحسن عابدين، وإبراهيم الشامي، وزكريا سليمان، والمخرج السينمائى هشام أبوالنصر الذى مثل معه فيلم «الأقمر».
 
وعن أبناء صلاح منصور، يقول «الملاخ» نصا: «الفنان الكبير له ابن واحد هو مجدى 14 سنة طالب فى السنة الأولى بالمرحلة الثانوية، بينما ابنه الأصغر هشام توفى منذ 3 سنوات «1976»، بعد علاج استمر 4 سنوات «يعنى بدأ من عام 1972»، وكان يطير معه كل عام إلى لندن لعلاج الصم والتخلف، ولكنه توفى فى النهاية»، ولم يذكر التقرير أى أبناء آخرين. 
 
4- أما الدليل الحاسم فى كذبة «الابن الشهيد» فيأتى من النعى الذى نشرته الأسرة فى نفس اليوم «20 يناير» بصفحة الوفيات 15، وكان فى العمود الأول يمين الصفحة، وبعنوان «انتقل إلى جوار ربه الفنان الكبير صلاح منصور»، وفى التفاصيل: «والد مجدى بالخديو إسماعيل الثانوية، وزوج السيدة محاسن درويش كامل، وشقيق الفنان محمد شعلان بهيئة المسرح، وحمدى شعلان وجمال منصور المخرج بمسرح الطليعة، والسيدة عصمت منصور بالتربية والتعليم، والسيدة سهير منصور حرم المهندس زكى متولى، وزوج شقيقة نبيل كامل، وحسن كامل بالإسكان، وحرم سعد محمد صالح المدير المالى والإدارى بالثقافة، ومحمد محمود فهمى بمعهد الموسيقى العربية، وابن عم وابن خال محمود وأحمد شعلان، وكامل وعبدالحليم شعلان بشبين القناطر، وعبدالسلام شعلان التاجر بالموسكى، والسيد فؤاد شعلان بالشرطة، والعقيد سمير شعلان، ومحمد شعلان بالتربية والتعليم، وابن أخت الحاج محمد متولى بشبين القناطر، وقريب ونسيب عائلات شعلان والفقى وعلام والمشد ومنصور وأبوباشا وناصف بشبين القناطر، وعائلة شعلان بالدير ومجول بالقليوبية، وكفر الأكرم منوفية، وغنام وصالح بالعربان وشهاب الدين ببلقاس والقصبى بالغربية».
 
5- فى يوم 21 يناير، ينشر كمال الملاخ توضيحا من مستشفى المعادى بشأن تفضيلها أن يبقى صلاح منصور فى ساعاته الأخيرة بمكانه بمستشفى العجوزة لتأخر حالته الصحية، وفى صفحة 15 نعى من الفنان صبرى عبدالعزيز، وفرقة المسرح الحر، ونقابة المهن التمثيلية، والفنان على الغندور الذى يصفه بـ«أخى وتوأم روحى، الصديق الغالى والإنسان العملاق»، ويوقع باسم: «أخوك الحزين على الغندور»، ونعى من الفنان عبد الحفيظ التطاوى.
 
6- فى يوم 22 يناير، وفى صفحة «14»، «الفن أسبوع»، تكتب الناقدة المسرحية آمال بكير مقالا طويلا بعنوان «السهل الممتنع» تبرز فيه كم كان صلاح منصور عملاقا على المسرح، وتذكر دوره التاريخى فيه، وتؤكد أنه ظل لآخر يوم فى حياته «56 سنة» مستشارا فى وزارة التعليم للتربية المدرسية، وظل مواظبا على وظيفته كواحد من رواد المسرح المدرسى الذى شارك فى تأسيسه مع الفنان الكبير زكى طليمات».
 
وتكتب «بكير» بروازا منفصلا فى قلب مقالها بعنوان «رفض حتى آخر لحظة الاعتراف بالمرض»، وفى تفاصيله: «قد يتساءل جمهور الفنان العملاق، كيف لم يعلم أحد بمرضه حتى توفى فجأة؟ والحقيقة أنه كان يرفض أن يعلم أحد بمرضه، ورغم خطورة المرض بل ورغم خطورة تعدد الأمراض من تليف الكبد ومياه فى الرئة وسرطان فى الرئة الثانية، فإنه كان يرفض تماما أن يعترف به، كان الشىء الوحيد الذى يحس به هو المياه البيضاء التى بدأت تزحف لتضعف بصره حتى قضت عليه فى النهاية» .
 
وتضيف: «كان يخفى آلامه بمجرد وصول الطبيب، ولم يتمكن أحد من الفنانين من رؤيته فقد كان يرفض أن يراه زميل وهو ضعيف، حتى فريد شوقى وكريمة مختار اضطرت زوجته أن تعتذر لهما بأنه نائم، كان رفضه للعلاج والأكل سببا فى تدهور حالته التى لم يعترف بها إلا ليلة وفاته، وفى مستشفى العجوزة بالجناح رقم 9 بقسم 9 كنت آخر من رآه قبل وفاته بـ12 ساعة، كانت معه زوجته وابنه مجدى وشقيقه جمال، وكان يردد بعدما أحس بالخطر: «الله.. ده أنا بأموت».   
 
p
 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة