سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 15 نوفمبر1967..طه حسين فى أول أيام عامه الـ79 يكشف سر معرفته بتاريخ مولده لأول مرة أثناء دراسته فى فرنسا

الأربعاء، 15 نوفمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 15 نوفمبر1967..طه حسين فى أول أيام عامه الـ79 يكشف سر معرفته بتاريخ مولده لأول مرة أثناء دراسته فى فرنسا طه حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان عميد الأدب العربى، الدكتور طه حسين، يبدأ أول يوم فى رحلة الـ79 عاما من عمره فى 15 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1967، وكان الكاتب الصحفى كمال الملاخ يحتفل معه بعامه الجديد بحوار نشرته الأهرام فى صفحتها الأخيرة، يعود فيه إلى محطات فى تاريخه.
 
يذكر «الملاخ» أنه ذهب إلى طه حسين فى الفيلا التى يسكنها مع أسرته فى الهرم، وسأله: هل أنت راض سعيد بما كان فى رحلة العمر التى كتبها الله لك؟ يجيب طه حسين: الحمد لله، أحمده وأشكر له فضله، وبفضل أول سفر إلى فرنسا عرفت سنى بالضبط، لأنى جئت الأزهر فلم يطلب أحد منى شهادة ميلاد، وإنما سألوا عن سنى، فقال أخى أحمد حسين رحمه الله، 15 سنة، ولم أكن أبلغ الخامسة عشر، وإنما كنت فى الثالثة عشر، ودخلت الجامعة المصرية عام إنشائها 1908 فلم تطلب منى سنى، وإنما اكتفت باسمى، والجنيه الذى دفعته لها لم أكن أملكه، وإنما اقترضته من صديقى القديم وزميلى فى مجمع اللغة العربية، أحمد حسن الزيات، ولم أرده، ولن أرده.
 
وفى فرنسا، عرفت أن الجامعة الفرنسية تطلب دائما شهادة ميلاد، وكانت والدتى تحتفظ بشهادات الميلاد لأبنائها جميعا، فأرسل إلى والدى هذه الشهادة وعرفت منها تاريخ مولدى، يوم مولدى، شهر مولدى، وعام مولدى.
 
يعلق كمال الملاخ: لم تكن حياة طه حسين كلها وردا وزهرا ولا عتمة أو نورا، وإنما جاهد مع أيامه على الصعاب، وارتفع فوق طريقها وطريقه الطبيعى، طفل صغير يصيبه القدر، فيسحب النور من ناظريه، ويبتسم له القدر، فيهبه نور البصيرة، لم يرض أن يكون طفلا عاديا فى قرية عادية من أعمال صعيد مصر، ولم يرض أن يكون صبيا عاديا فى القاهرة عند مشارف الأزهر الشريف، ولم يرض على نفسه أن يكون عاديا فى باريس عاصمة المعرفة والجمال، بل لم يرض عند عودته أن يكون مدرسا أو أستاذا أو وزيرا عاديا، فهو الذى ثار على مستقبل الثقافة فى مصر، ومن أجلها، ونادى بأن العلم للجميع مثل الماء والهواء والضوء.
يسأله «الملاخ»: فى عمر كل منا إساءة وحسنة لا ينساهما، ولا يستطيع إذا أراد، فهل تذكر الأولى ثم الثانية، يرد طه حسين: «الأحسن عفا الله عما سلف»، لكن «الملاخ» يصر، فيجيب «طه»: أول حاجة، قصة الشعر الجاهلى وما أثار من لغط فى الأزهر وفى مجلس النواب، وكانت الإساءة الثانية أثناء وزارة محمد محمود باشا، عندما اجتمع طلاب الحقوق ببعض طلبة كلية الآداب، وهجموا على غرفتى وكنت عميدا للآداب، ومن المحقق أن بعض السياسيين قد أغروهم بهذا.
وأما الحسنة، فإنى أشكر قبل كل شىء بر والدى بى، ورحمتهما إلى، وحزنهما على حين حيل بينى وبين أن أرى الضوء، ثم بر زوجتى بى وإحسانها إلى منذ أن عرفتها إلى الآن، أكثر من 50 سنة، يسأله «الملاخ»: قل لى رأيك فى أربع، المرض، النجاح، الغرور، الأمل.. يجيب طه: المرض لقيت منه كثيرا، ولكنى أتعزى عن هذا الشر بما يؤثر من أن الله يكفر عن المرء بعض سيئاته، ويغفر له بعض ذنوبه بمقدار ما يؤذيه المرض.
 
أما عن النجاح، فقد ذقته لأول مرة عندما فزت بدرجة الدكتوراه من جامعة القاهرة، وكنت أول من أخرجته الجامعة، وذقته للمرة الثانية لما ظفرت بدرجة الليسانس فى الآداب من السوربون، وكنت أول مصرى ظفر بها، ثم عندما ظفرت بدبلوم الدراسات العليا من السوربون، وكان موضوع الرسالة التى كتبتها لامتحانى لهذا الدبلوم من أعسر الموضوعات بالقياس إلى خاصة، وإلى المصريين عامة، لأنه كان يعتمد قبل كل شىء على النص اللاتينى للمؤرخ تاسيت، ورابعا عندما ظفرت بدرجة الدكتوراه من السوربون.
 
أما أعظم نجاحا فرحت به وما زلت به فرحا، كان عندما قبلت زوجتى أن تكون لى زوجا، وعندما أتممنا هذا الزواج فى التاسع من أغسطس سنة 1917 ثم أتيح لى ألوان من النجاح أثناء حياتى، أستاذا، وصحفيا، ومؤلفا.
 
أما الغرور، فالحمد لله الذى أعفانى منه، وأشهد الله أنى مارضيت قط عن نفسى، ولكنى اعتبرت كل ما أتيح لى من رضا الله فضلا من الله على، أما الأمل، فلا أعرف الحياة بدونه، وكل ما آمله دائما أن يمنحنى الله من الصحة، ويتيح لى من التوفيق ما يمكننى من أن أتم ما بدأته، كتاب «الأيام»، وكتاب «الفتنة الكبرى». يسأله «الملاخ»: ألا تأمل فى جائزة نوبل؟ يجيب طه: «لا، لا آملها، لأنها يا سيدى تعتمد قبل كل شىء على اعتبارات سياسية، وأنا أعتقد بأنى لم أبلغ ما يؤهلنى لها.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة