هيثم الحاج على

فوائد ثقافة الحرب والرؤى الغائبة

الجمعة، 03 نوفمبر 2023 12:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على الرغم من أن الحرب هي الحرب، لا تخلف إلا الدمار والقتل، فإن عمليات طوفان الأقصى، وما نتج عنها من ردود فعل بربرية من العدو، كان لها عدد من الفوائد على مستويات متعددة، فقد أسهمت في وضع القضية الفلسطينية في مقدمة الاهتمامات العالمية، وأعادت للطرح مرة أخرى حل الدولتين، بعد أن جمدته الحكومات المتعاقبة للكيان الصهيوني، كما أنها أظهرت بلا لبس الطريقة الجائرة التي تتعامل بها الأنظمة الغربية مع القضية بوصفها جزءا من مصالحها في الشرق الأوسط دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى قانونية أو تاريخية أو إنسانية.

لكن هناك مكسبين مهمين في هذه القضية لهما علاقة بتكون رأي عام عالمي ومحلي، استطاع النظر إلى القضية برمتها، وتاريخها نظرة جديدة مغايرة لكل ما سبق، أحدهما له علاقة بتكوين رأي عام عالمي لدى مواطني الدول الغربية، الذين استطاعوا الفكاك من أسر الأكاذيب الإعلامية الغربية، والتعامل بحياد مع القضية الفلسطينية، والتعبير عن وجهة نظر تختلف بالضرورة مع أنظمة بلادهم، وهو ما ظهر في عدد كبير من المظاهرات المناهضة للجرائم الإسرائيلية، والداعية إلى وقف تلك الجرائم، ومحاكمة المسئولين عنها، ثم إعادة النظر في طريقة الحكم على القضية وتاريخها بالكامل، بالإضافة إلى حملات وسائط التواصل الاجتماعي، التي أظهرت تطورا نوعيا بدا ضاغطا على كثير من الحكومات الغربية.

وفي داخل المجتمع المصري كان هناك المكسب الأكبر الذي ظهر في عودة اهتمام الشباب المصري بالقضية مرة أخرى، بل ومشاركتهم بفعالية وإيجابية في التعامل مع مفرداتها، عبر حملات الترويج، والتظاهرات، ثم الدعوات الفعالة لمقاطعة البضائع المستوردة أو التابعة للدول الداعمة للكيان الصهيوني، غير أن المكسب الأكبر قد ظهر في إعادة قراءة هؤلاء الشباب لتاريخ القضية ومفرداتها، وإنتاج خطابهم الخاص تجاهها، ذلك الذي يمكن اعتباره خطابا على قدر كبير من الوعي بالقضية وبالدور المصري التاريخي والآني فيها.

من هنا يبدو لنا أننا يجب علينا أن نكون على مستوى هذين المكسبين، وأن يكون جزء من عملنا متوجها لعدم إهدار هذين المكسبين، فتبدو أهمية العمل على محورين لضمان استثمار تلك اللحظة الفارقة.

المحور الأول هو محور الإعلام الخارجي، الذي يجب أن يبدأ القائمون عليه منذ الآن العمل لبناء رؤية جديدة، وخطة واضحة المعالم لضمان استمرار توصيل وجهة النظر العربية ومسروداتها إلى وعي المواطن الغربي، وضمان استمرار التماس مع ذلك الوعي بما يضمن استمرار تأثير الشارع الغربي في صوته الحر الضاغط على حكوماته المنحازة.

والمحور الثاني هو البدء في وضع رؤية ثقافية، غابت لسنوات طويلة، للتعامل مع شباب أثبت قدرته على الفهم والإدراك، وصنع المواقف الإيجابية، تلك الرؤية التي يجب أن تكون على مستوى وعي هؤلاء الشباب، كما يجب أن تسهم في بناء خطط واضحة المعالم، قادرة على التعامل مع الشباب من داخل رؤاهم، وقادرة على استثمار لحظة ارتباطهم بقضايا الوطن، من أجل خلق وعي جديد وإيجابي يتعامل معهم بلغتهم.

نحتاج إلى رؤى جديدة حديثة وقادرة على الوصول إلى عقول أبنائنا، رؤى صلبة ومرنة في آن واحد، وقادرة على صناعة البرامج الثقافية التي تخدم القضية، بلا مباشرة، وبلا توجيه، لكي تكون هي الضمانة الأهم للمستقبل الذي تسهم فيه طاقات أبنائنا وإبداعاتهم في مختلف المجالات.  










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة