بيشوى رمزى

انتخابات المصريين بالخارج.. التحول من التهميش إلى الفاعلية

الثلاثاء، 05 ديسمبر 2023 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مشهد تصويت المصريين في الخارج، يبدو بالأهمية الكبيرة، في ظل المشاركة الكبيرة، والتي تعكس ارتباطا بين المواطن في الداخل والخارج، وهو ما سعت الدولة المصرية إلى تعزيزه خلال السنوات الماضية، في إطار العمل على خلق حالة من الانسجام بين الرؤى التي تتبناها في الداخل، وانعكاساتها على المصريين في الخارج، عبر إضفاء غطاء شامل من الحماية، لكل من يحمل الجنسية المصرية، وهو ما يبدو في العديد من المشاهد، لا تقتصر فقط على المبادرات التي سعت إلى تعزيز التكامل، بين مواطني الدولة، وخلق رابط دائم بينهم وبين الوطن الأم، وإنما أيضا في التدخل السريع، لإنقاذهم في أوقات الأزمات، وهو ما ينطبق على الداخل، وإن اختلفت الصورة، عبر العديد من السياسات التي من شأنها تحقيق الحماية الاجتماعية، في ظل الأزمات الاقتصادية، الناجمة عن أحداث عالمية، على غرار الوباء والأزمة الأوكرانية وغيرهما.

فلو نظرنا إلى الخطوات التي اتخذتها الدولة المصرية، لحماية المصريين في الخارج، ربما نجد أن ثمة تدخل سريع، في خضم الأزمة الأوكرانية، لإعادة المصريين، وخاصة الطلبة الذين ذهبوا إلى الدراسة في أوكرانيا، وهو الأمر نفسه الذي تبنته في التعامل مع المصريين في السودان، في أعقاب اندلاع الصراع هناك في أبريل الماضي، وهو ما يمثل تغييرا ملموسا في التعامل مع أزمات المواطن المقيم خارج حدود وطنه، عبر العمل على حمايته من الأزمات التي تلحق به، بعدما كان بعيدا عن أجندة الأولويات التي تتبناها الدولة لعقود طويلة من الزمن، جراء النهج القائم على التهميش، والذي عانت منه العديد من القطاعات، ربما أبرزها المرأة وذوى الهمم والشباب وغيرهم.

ولكن بعيدا عن المصريين في الخارج بصورتهم الجمعية، نجد أن دور القطاعات المذكورة تجلى في الانتخابات التي شهدتها عواصم العالم في الأيام الماضية، حيث تصدرت المرأة والشباب وذوى الهمم المشهد الانتخابي، منذ اليوم الأول، وهو ما يعكس اهتمامات الدولة المصرية، التي وضعت جل اهتمامها على تلك الفئات، فتحولت الانتخابات في الخارج، من مجرد مشاركة المغتربين في العملية السياسية ببلادهم، إلى بوتقة، قدمت نموذجا مصغرا للتغيير الذي لحق بكافة القطاعات، التي عانت تهميشا صارخا لعقود طويلة من الزمن، في ظل الاهتمام الكبير بتفعيل دورهم، والعمل على تعزيزه، للمشاركة في كافة مناحي الحياة، سواء سياسيا، وهو ما بدا في العملية الانتخابية، أو ثقافيا عبر العديد من المبادرات، التي تهدف إلى ربط المواطنين المصريين وأبنائهم بوطنهم الأم وثقافته، أو تنمويا عبر إشراكهم في عرض تجارب المبدعين والناجحين منهم، لتطبيق ما يتناسب منها مع التجربة المصرية.

وفي الواقع، تمثل المشاركة الكبيرة للمصريين في الخارج، في ظل توقيت العملية الانتخابية، وتزامنها مع المستجدات الإقليمية، وفي القلب منها في قطاع غزة، انعكاسا للشعور العام لديهم بخطورة الأوضاع في اللحظة الراهنة، وحاجة الدولة المصرية إلى إضفاء الشرعية على سياساتها، في إطار تنسجم فيه "الحالة المصرية"، باعتبارهم مواطنين مصريين يشاركون في اختيار قيادتهم السياسية، من جانب، وإضفاء "بعد دولي"، عبر الرسالة التي يقدمونها للدول التي يقطنون فيها، مفادها دعم الدولة فيما تراه من قرارات تحفظ أمنها واستقرارها وأرضها التي كشفت التجربة في غزة أنها مازالت مطمعا، وهو ما بدا في الدعوات التي تبناها الاحتلال لتهجير أبناء غزة من أراضيهم إلى المناطق الجوار، وعلى رأسها سيناء، وهو ما يمثل محاولة لتحريك ميدان المعركة من فلسطين إلى الأراضي المصرية، وما قد يترتب على ذلك من فوضى وتهديد للأمن القومي المصري في لحظة تبدو حرجة للغاية.

ولعل حرص المصريين في الخارج على المشاركة في الانتخابات خلال السنوات الماضية، بدا مرتبطا بمباركة خطوات الدولة المصرية، بدءً من 2014، عندما أرادوا أن يقدموا رسالة للعالم حول دعم ما تحقق في ثورة الثلاثين من يونيو، مرورا بانتخابات 2018، والتي تمثل تقويضا صريحا للقيادة المصرية على العمل على مواصلة المسار التنموي، في حين تمثل المشاركة هذه المرة مرتبطة بدعم الدولة في اتخاذ ما تراه لحماية أمنها على النحو سالف الذكر.

والحرص الكبير من جانب القطاعات المذكورة على المشاركة، يمثل في ذاته دلالة مهمة للغاية، تعكس التغيير الكبير في المشهد المصري، في ظل انسجام ربما كان غائبا تماما قبل ميلاد "الجمهورية الجديدة"، وهو ما يبدو أمرا ملهما للغاية، خاصة وأن التغيير الجذري في المشهد ربما تحقق في غضون سنوات معدودة، بينما يعكس تعددية المشاركة، في ظل وجود كبيرة للمرأة بجانب الرجل، داخل اللجان، والشباب إلى جانب المسنين، بالإضافة إلى مشاركة ذوى الهمم وما تمثله من تحدي يعكس خطورة اللحظة الراهنة، وما تستحقه من تضحيات.

وهنا يمكننا القول بأن المشهد الانتخابي للمصريين في الخارج، يمثل صورة مصغرة للنجاح الذي حققته الدولة المصرية في دعم كافة الفئات المجتمعية، بينما يبقى دافعا مهما للمشاركة الكبيرة في الداخل، خلال العرس الديمقراطي المرتقب، في ظل ما تحمله من أهمية على العديد من المسارات، سواء من حيث استكمال المسيرة التنموية، أو مواصلة العمل الدولي للدفاع عن القضايا العربية والإسلامية وفي القلب منها قضية فلسطين، أو على مستوى التعامل مع التهديدات المباشرة التي قد تترتب على المستجدات الأخيرة، في غزة أو غيرها.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة