أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: «تحيا الحياة».. شعار المصريين مع الصيام وشم النسيم والفطر

الأحد، 16 أبريل 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للعام الثالث على التوالى تتزامن أعياد المصريين، ويحتفل المصريون بالأعياد معا، أمس الأول هى الجمعة اليتيمة الأخيرة من شهر رمضان المعظم، والجمعة العظيمة عند الأقباط، كأنها بشارة بأن الدين لله ولإسعاد البشر فى الدنيا، والحساب عند الله، ويحرص المصريون على أن يرددوا عبارة رمضان كريم كنوع من الدعوة للمشاركة فى الطعام بعد الإفطار، وطوال الوقت. 
 
ومثلما أن هناك مشتركات فى احتفال المصريين برمضان، فإن بعض الأعياد مثل شم النسيم تتخذ شكلا مصريا يمتد آلاف السنين، ظل المصريون يحتفلون به طوال قرون، بوصفه موسم الربيع والحصاد للقمح والفول وتمتلئ المنازل بالزهور، وهذه الاحتفالات عبر التاريخ، تؤكد وحدة المصريين وقدرتهم على الفرح والتسامح، وهم الذين عرفوا التوحيد قبل الديانات السماوية، واستمرت بعض رموزه فى حياة المصريين على مدى العصور، وتركت بصمات تمثل نوعا من الوسم.
 
الأسبوع قبل الماضى كان أحد السعف أو «الخوص» وسبت النور كانت النساء يكتحلن، يتلوه عيد القيامة، وشم النسيم، كانت هذه الأيام تبدو أعيادا مصرية لها شكلها وطابعها الممتد منذ أيام أجدادنا المصريين القدماء، حيث النيل يمثل عاملا مشتركا يجعل الأعياد المصرية ذات طابع خاص، يتزامن مع أعياد المسيحيين ويحتفل به عموم المصريين.
 
ومثلما يغير شهر رمضان من يوميات الأقباط الذين يتحاشون جرح مشاعر الصائمين، وكثيرا ما كان المسيحيون الكبار يتشددون فى منع أطفالهم من الأكل أمام إخوتهم الصائمين، ويتشاركون فى صناعة وأكل  الكنافة والقطايف أو يحملون الفوانيس ويشاركون الجميع موائد الطعام، ولم يشعر المصرى بمشكلة وهو يعدد أسماء الشهور المصرية الثلاثة عشر «توت - بابه - هاتور - كيهك - طوبة - أمشير - برمهات - برمودة - بشنس - بؤونة - أبيب - مسرى نسىء»، أشهر الزرع والحصاد والرى، والبرد والحر، والملابس والأعياد، ووفاء النيل، وأيام الفيضان والجفاف.
 
منذ وعينا على الدنيا، نشعر بالسعادة يوم شم النسيم، نهاية الشتاء واقتراب الصيف، نصحو مبكرا جدا، نلون البيض، ونقطف الزهور، ونرى الدنيا ربيعا، اعتاد المصريون حول النيل أن يحملوا طعامهم وشرابهم لينطلقوا لشواطئ النيل، يشعرون بالبهجة والسعادة، عائلات تحتفل فى قوارب أو مراكب شراعية، والنيل حنون، وحوله جزر تمتلئ بالورد والفل، واعتاد الفلاحون فى بحرى والصعيد أن يسموا الشهور بأسمائها القبطية، وعندما يأتى برمهات بعد أمشير، يعلن المصريون فرحهم بالخير.. قمح وعدس وترمس وبصل، يرددون أمثالهم نسبة لشهورهم المصرية «برمهات روح الغيط وهات.. السبع حاجات.. قمحات وفولات وعدسات وترمسات وتومات وبصلات..»، برمهات هو أحب الشهور للفلاح المصرى لأنه علامة الخير الوفير، وهو أيضا الشهر الذى يشهد الصوم الأربعينى المقدس للمسيحيين، والحرارة الصغيرة التى تمنح القمح نضوجه وتختمه بخاتم الخير، وهو الصيام الذى ينتهى مع العيد، بينما يختتم المسلمون صيامهم فى رمضان ويستعدون لعيد الفطر، الذى يتزامن مع إفطار الأقباط لتكتمل الصورة أو البشارة هذا العام الثالث الذى تتزامن فيه الأعياد. احتفالات الأقباط تبدأ طوال شهر إبريل من الجمعة العظيمة وسبت النور وأحد السعف إلى آخر الاحتفالات التى تصل إلى شم النسيم.
 
المفارقة أن هذه الأعياد تزامنت فى السنوات الأخيرة، مثلما كانت على مدى عصور، لكنها تأتى لتعلن واقعا يعكس توجهات وآراء متعصبة، سعت خلال سنوات للعبث فى هذا البناء الاجتماعى، الذى يربط المصريين برباط تتقاطع فيه الأرواح وتحمل إيمانها إلى السماء. 
 
وهذا العام تتكرر البشارة، ويتزامن الصيام الكبير مع رمضان، ويتبادل الناس التهانى ويحتفلون على طريقتهم بأعياد ومناسبات أزلية وقديمة قدم مصر نفسها، صنعت المساحات المشتركة التى تجعلهم أقرب إلى الله، وإلى خلقه ومخلوقاته، يحتفلون معا بالحياة ويعبرون المسافة بين الظلام والنور، وكـأنهم يرددون كل وقت «تحيا الحياة».
 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة