أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 يونيو 1949. وفاة نجيب الريحانى.. الفنان الذى أعطى للممثل قيمة وتمنى أن يعيش الحياة ليأخذ حقه منها

الخميس، 08 يونيو 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 يونيو 1949. وفاة نجيب الريحانى.. الفنان الذى أعطى للممثل قيمة وتمنى أن يعيش الحياة ليأخذ حقه منها نجيب الريحانى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نزل الستار مساء يوم 29 مايو 1949 على المسرح فى نهاية رواية «حكم قراقوش» التى كان يتم عرضها فى الإسكندرية، وفى صباح اليوم التالى، ألغى بطلها الفنان نجيب الريحانى حفلة اليوم والغد لعجزه عن مقاومة الحمى، وعادت فرقته إلى القاهرة، ودخل هو المستشفى، لكن جسده لم يتحمل المرض فمات فى 8 يونيو، مثل هذا اليوم، 1949، وفقا للكاتب الصحفى صلاح ذهنى فى تحقيقه الموسع بعنوان «نجيب الريحانى الذى صنع من الممثل إنسانا محترما»، بمجلة آخر ساعة، 15 يونيو 1949.
 
كان «الريحانى» وقت الوفاة يبلغ من العمر 59 عاما و6 أشهر تقريبا، حيث ولد فى 21 يناير 1889، فى باب الشعرية بالقاهرة، وبحسب صديقه ومؤلف مسرحياته بديع خيرى فى مقدمته لمذكرات «نجيب الريحانى» عن «دار الهلال » عام 1959 بمناسبة مرور 10 سنوات على وفاته: «كان الريحانى يمكن أن ينشأ موظفا ناجحا، وكان أهله يعملون لهذه الغاية، ولكن حب التمثيل كان يجرى فى دمه، فكان كل ما يكسبه من وظيفته ينفقه فى إشباع هوايته، ثم دفعته هذه الهواية إلى هجر الوظيفة، مما أثار استياء أهله، وعانى فى سبيل تحقيق حلمه، التشريد والجوع والحرمان، وكان من فرط حبه لفنه يلجأ إلى الوظيفة كلما أعيته الحيل ليجمع بعض المال، الذى يتيح له العودة إلى التمثيل، ولقد كافح الريحانى وجاهد حتى انتصر».
شق «الريحانى» طريقه إلى الفن ممثلا ومخرجا ومؤلفا فى زمن «كان الممثل لا تقبل شهادته فى المحكمة لأنه ممثل، والممثل - ليس إنسانا محترما على الأقل- حتى نال نيشان من الملك، فأصبح الممثل إنسانا محترما»، وفقا لتقدير صلاح ذهنى فى تحقيقه بـ «آخر ساعة»، وفى هذا السياق يذكر بديع خيرى قصة رواها نجيب وهى:
 
«كانت والدتى تأنف من مهنة التمثيل، وتكره أن يعرف عنى أننى ممثل، وحدث أن كانت رحمها الله فى عربة المترو عائدة إلى المنزل فى مصر الجديدة، فسمعت رهطا من الركاب يتذاكرون شؤونا فنية ورد أثناؤها اسمى، فأرهفت أذنها لسماع الحديث، وأصغت إليه بكل انتباه دون أن تشعرهم، وما كان أشد دهشتها حين سمعتهم مجمعين على الثناء على، وامتداح عملى، والإشادة بمجهودى.. أتدرى ماذا كان من هذه الوالدة العزيزة التى تحتقر التمثيل وتنكره؟ لقد وقفت وسط عربة المترو، واتجهت إلى أولئك المتحدثين، وقالت بأعلى صوتها «الراجل اللى بتتكلموا عنه ده يبقى ابنى، أنا والدة نجيب الريحانى الممثل.. وخلى بالك من «الممثل» دى، وهى الكلمة التى كانت تأنف أن «أوصم» بها، قد أضحت موضع زهوها وفخرها، وفى هذا اليوم، يوم المترو الذى لا أنساه، تفضلت والدتى رحمها الله، فشرفتنى بالحضور إلى تياترو «الاجيبسيانة»، فكان هذا اليوم من أسعد، إن لم أقل أسعد أيام حياتى».
 
كان الوصول إلى رضا الأم بعد رضا الشعب نتيجة رحلة سار فيها الريحانى على الأشواك، وذاق مرارة الحرمان، وتذكر مجلة آخر ساعة، 22 يونيو 1949، فى تحقيقها «أول بيت وآخر بيت عاش فيه نجيب الريحانى»، أن آخر عبارة قالها الفيلسوف الساخر قبل أن يصبح خبرا فى سطور التاريخ: أريد أن أعيش لا حبا فى الحياة، وإنما لكى آخذ حقى منها.. تضيف: «قالها لأنه قضى ثلاثة أرباع عمره فى حرمان، وحين سعت إليه الدنيا وبدأت تتفتح أمامه أبواب الأمل كان جسمه قد أضناه الإعياء، وعجز الطب عن مقاومة الداء، وسقط البطل صريعا فى الميدان، كان نجيب الريحانى يعلم أنه سيموت قبل الآوان، وكان يخشى الموت ويسخر منه فى كل مناسبة، ويتمنى لو أن عزرائيل يؤجل مهمته ليشبع من الدنيا ثم يدعوه بنفسه».
 
كان البيت الذى عاش فيه الريحانى فى سنواته الأخيرة شقة بالدور الثالث فى عمارة الإيموبيليا بوسط القاهرة، وفى زيارة «آخر ساعة» له ترصد:  «كان على مكتب نجيب الريحانى 10 كتب يبدو أنها كانت آخر ما كان يقرأ ويحب وهى «مذكرات تشرشل بالفرنسية، حسن البيان فى تفسير مفردات من القرآن، أبومسلم الخرسانى، الجزء الأول من قواعد اللغة العربية المقرر للسنة الأولى الثانوية، حديث عيسى بن هشام للمويلحى، ألفية ابن مالك،  النحو الواضح، إنجيل لوقا، شكسبير، لافوزييه».
 
تذكر «آخر ساعة»: «من هذه الكتب نستطيع أن نقرر أن الرجل كان يفضل التاريخ على سائر العلوم، وأن ثقافته الفرنسية لم تمنعه حتى آخر أيامه من دراسة قواعد اللغة العربية والنحو والصرف وحفظ ألفية ابن مالك»، وتضيف: «أبرز ما يلفت النظر فى غرفة نوم نجيب الريحانى، مصحف وصورة للقديسة سانت تريزا».  
 
فى اليوم الثانى لوفاته، كانت جنازته فى 9 يونيو، 1949 فماذا جرى فيها، وكيف توالت التحقيقات والمقالات الصحفية عنه التى استمرت فى الصحف المصرية لأسابيع؟









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة