سلاطين الفن الشعبى يكتبها عادل السنهورى.. إلهام بديع مطربة "يا حضرة العمدة".. الأغنية كانت أشهر أغانيها فى السبعينيات والثمانينيات وتجاوزت مبيعات أسطوانات وشرائط أم كلثوم.. وغنت باللهجتين الليبية والمغربية

السبت، 16 سبتمبر 2023 12:30 م
سلاطين الفن الشعبى يكتبها عادل السنهورى.. إلهام بديع مطربة "يا حضرة العمدة".. الأغنية كانت أشهر أغانيها فى السبعينيات والثمانينيات وتجاوزت مبيعات أسطوانات وشرائط أم كلثوم.. وغنت باللهجتين الليبية والمغربية إلهام بديع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انضمت لفرقة رضا للفنون الشعبية ولحن لها بليغ حمدى ومحمد الموجى

ظهرت فى 4 أعمال سينمائية للمخرج نيازى مصطفى وهى: «دماء على النيل» عام 1961 و«كنوز» إنتاج 1966 و«لعبة الحب والزواج» عام 1964 وآخرها مع المخرج حسن الإمام فى فيلم «امتثال» 1972



فى عام 1973 وبالتحديد يوم 6 أكتوبر وفى مدرجات نادى الترسانة جلس الجمهور فى انتظار مباراة المحلة والطيران، التى من المنتظر أن تبدأ الساعة الثانية والنصف، وفى الوقت الذى اشتعلت فيه جبهة القتال بالضربة الجوية كانت هناك أغنية شهيرة تنبعث من جهاز كاسيت لأحد المشجعين بالمدرجات لأشهر أغنية فى ذلك الوقت فى مصر وهى أغنية «يا حضرة العمدة».
 
الرواية حسب الناقد الرياضى محمود معروف، الذى كتب فى صحيفة الجمهورية يقول: السبت 6 أكتوبر 1973 كنا نجلس فى مدرجات نادى الترسانة لنشاهد مباراة فى الدورى، ستبدأ فى الساعة الثالثة بين المحلة والطيران، وكان إلى جوارنا مشجع معه جهاز كاسيت جديد وضع فيه شريط لمطربة اسمها إلهام بديع تغنى أغنية «يا حضرة العمدة ابنك حميدة حدفنى بالسفندية.. إهييه.. وقعت على صدرى ضحكوا عليا زملاته الأفندية.. يرضيك يا عمدة.. لا لا لا.. عشان ابن عمدة؟ لا لا لا.. يعمل كده كده فيا».
 
نافست المطربة الشعبية إلهام بديع بأغنية حضرة العمدة، سلطان الأغنية الشعبية فى ذلك الوقت أحمد عدوية، وأغنيته التى اكتسحت كل بيت وكل شارع وكل حارة وكل مواصلة عامة أو خاصة فى مصر وهى أغنية «السح الدح إمبو.. ادى الواد لأبوه.. يا عينى الواد بعيط.. الواد عطشان اسقوه».
 
كانت أصوات إلهام بديع وأحمد عدوية تنبعث من أجهزة الكاسيت لأنهما غير معتمدين كمطربين فى الإذاعة، ولهذا سجلا أغنياتهما على شرائط كاسيت كسرت الدنيا، وباعت مئات الآلاف من الشرائط، ومعهما أغنية عايدة الشاعر «الطشت قال لى الطشت قال لى.. يا حلوه ياللى قومى استحمى»، وأغنية ليلى نظمى «ما أخدش العجوز أنا.. لا أزقه يقع فى القنا»، والأخيرتان مطربتان معتمدتان بالإذاعة.
 
أغنية وحيدة فقط عرفت بها إلهام بديع وقتها أكثر من مليون شريط كاسيت وهى أغنية «يا حضرة العمدة ابنك حميدة حدفنى بالسفندية» بعد ذلك لم نسمع صوتها ولا نعرف أين ذهبت واختفت إلهام بديع.
 
ودارت تساؤلات عديدة فى الوسط الفنى والشعبى حول إمكانية اعتزالها أو زواجها وسفرها أو حدوث مكروه لها.
 
نأتى أولا إلى البدايات فإلهام بديع واحدة من المطربات المصريات اللاتى تميزن باللون الغنائى الشعبى وقد بدأت نشاطها الفنى فى نهاية الخمسينيات وانضمت لفرقة رضا للفنون الشعبية، ونالت شهرة واسعة بأغنيتها «يا حضرة العمدة» ومن أشهر أغانيها أيضا «البلبل غنى على سنبل الغلة، وإحنا اللى ضربنا الهوا دوكو، ورنة الخلخال»، وقد اشتركت بالغناء فى السينما المصرية فى أفلام «دماء على النيل» ١٩٦١ و«لعبة الحب والجواز» ١٩٦٤ و«امتثال» 1972، كما سجلت أغانى باللهجة العراقية، ومزجت بين التراث المصرى والليبى فى عدد من أغانيها.
 
وقد انطلقت فرقة رضا للفنون الشعبية فى أواخر الخمسينيات لتضم إلى كوكبٍة من رواد الأغنية الشعبية فى مصر والوطن العربى ممن تبنتهم هذه الفرقة، أمثال محمد العزبى وليلى نظمى وعايدة الشاعر والهام بديع وفرقة الثلاثى المرح، وعمر فتحى وظلت هذه الأسماء حاضرة نسبيا وحتى الأن.
 
قدمت إلهام بديع العديد من الأغنيات لملحنين كبار، الا أنها لم تحصد الشهرة سوى بواحدة منها فقط، دون أن يعرف المستمعون اسم صاحبتها واعتقد كثيرون أنها لمطربة أخرى، رغم أدائها الجميل وروعة الحضور ما يؤهلها لتبقى فى الصدارة، فى زمن تبنى الإلهام والابداع، ولم تحصد منه سوى الاسم فقط، إلهام بديع.
 
سيرتها الذاتية لم تدون بشكل كاف، خاصة فيما يتعلق بالوضع الاجتماعى والأسرى على أقل تقدير، لدرجة عدم تحديد تاريخ ميلادها، وتقدير عمرها يتطلب استعادة الفيديوهات الخاصة بها، والتى تشير بالتقريب أنها مواليد أواسط الثلاثينيات.
 
يرجع بعض المهتمين بالشأن الغنائى أن عدم شهرتها يعود لسوء الحظ، وهذا الاستنتاج يجافى المنطق - فى رأى الباحث زياد عساف - مع وجود أشياء أخرى تتعلق بتجربة الهام بديع تحديدا، بعد أن ظنت للوهلة الأولى أنها حظيت بالفرصة الكبيرة بإتمام عقد اتفاق مع الموسيقار بليغ حمدى ليلحن لها الأغنية الشعبية «على حسب وداد قلبى يا بوى»، من كلمات الشاعر الغنائى صالح أبوسالم، وحسب الواقعة التى أكدتها مصادر عديدة ومنها الدكتور أيمن صلاح أبوسالم ابن مؤلف الأغنية نفسه فى برنامج إذاعى بإذاعة الأغانى ، فإن هذه الأغنية أصبحت بين ليلة وضحاها من نصيب العندليب عبدالحليم حافظ، أو بالأحرى استحوذ عليها بدون وجه حق بعد سماعه للحن أثناء زيارة لبليغ حمدى، ووجدها الفرصة المناسبة للتفوق على محمد رشدى حين أثبت الأخير أنه لا يضاهى ولا ينافس بالغناء الشعبى وقتها، وشكل للعندليب حالة من القلق دفعته الى إعادة أغنياته مثل الملحمة الشعبية «أدهم الشرقاوى» و«أنا كل ما اقول التوبة» اللتان اشتهر بهما رشدى، والذى بدوره وكتصفية حسابات مع العندليب راح يحرض إلهام على الانتحار بعد أن تكتب رسالة مسببة للرأى العام بأن الدافع لهذه النهاية سرقة حليم للحن! وهذه رواية غير مؤكدة ولم يثبتها الكاتب الصحفى سعيد الشحات فى كتابه عن رشدى المفارقة التى تؤكد عدم صحة رواية تحريض محمد رشدى أن هذا الموقف بعد سنوات تكرر أيضا مع إلهام وبليغ وحاولت أن تحصل منه على لحن «القمر مسافر»، وبنفس الأسلوب كانت الأغنية أيضا من نصيب أحمد عدوية، وغناها آخرون منهم المطرب اللبنانى نهاد طربيه.
 
على الشاشة الكبيرة ظهرت إلهام بديع بأربعة أعمال موزعة بالتساوى بين الغناء والتمثيل، ثلاثة منها للمخرج نيازى مصطفى، هى، «دماء على النيل» إنتاج عام 1961، بطولة فريد شوقى وهند رستم وحسن يوسف، واقتصرت مشاركتها بأغنية : قد ايه العشق يا بوى غدار، ألحان عبدالرؤوف عيسى وكلمات إمام الصفطاوى وهى باللهجة الصعيدية، وأدتها باقتدار خاصة مع أدائها للرقص الشعبى بامتياز بحكم الخبرة التى اكتسبتها من انضمامها لفرقة رضا ومشاركتها بالعديد من الأوبريتات واللوحات الغنائية، والفيلم الثانى: كنوز إنتاج 1966، وشاركت به نجوم السينما عماد حمدى وكمال الشناوى وكوكا ونبيلة عبيد، وبتعبير غنائى راقص وجميل أيضا، ولكن من اللون الشعبى الخاص بمنطقة الواحات المصرية هذه المرة، وعنوان الأغنية: يا البير يا عريس، كلمات عبدالفتاح مصطفى وألحان على إسماعيل .
 
ثم فيلم «لعبة الحب والزواج» عام 1964، كان آخر أفلامها مع نيازى مصطفى، واقتصر ظهورها على التمثيل فقط، مع فريد شوقى وسعاد حسنى وسمير صبرى، اختتمت أعمالها على الشاشة الكبيرة مع المخرج حسن الإمام، بعد أن ضمها لطاقم فيلمه: امتثال 1972، وجمع كل من ماجدة الخطيب وعادل أدهم ونور الشريف، بالإضافة للتمثيل شاركت ببعض التابلوهات الراقصة بالفيلم، وطبيعة مشاركتها بهذه الأعمال لم تؤهلها لاستثمار السينما كوسيلة للشهرة، ولم تعرض عليها أدوار رئيسية أخرى تمكنها من ذلك، فللمنتجين حساباتهم آخر المطاف وتخضع لمنطق السوق والربح والخسارة أكثر من أية اعتبارات أخرى، ولا يوجد فى أرشيفها ما يدل على مشاركتها فى أوبريتات إذاعية أو مسرحيات غنائية، وافتقاد هذا النوع من الأعمال يقِّوض من انتشار الفنان على الأغلب.
 
أغنيات قليلة من مجمل أعمالها تم تسجيلها بالإذاعة، وعلى نفس المنوال بالنسبة للتليفزيون، بالإضافة لألبوم غنائى وحيد يضم بعضا من أعمالها، منها ما صاغه موسيقيا أساتذة النغم والتلحين فى مصر والوطن العربي، والبقية لحنها موسيقيون من الصف الثانى، وفى كال الحالتين ظلت هذه الأعمال خارج سياق الشهرة رغم جودتها، ولاتقل جمالا عن ما قدمنه سيدات الأغنية الشعبية تلك الفترة، أمثال ليلى نظمى وعايدة الشاعر وشريفة فاضل وخضرة محمد خضر، على سبيل المثال.
 
من هذه الأعمال: خاين يا زمانى من ألحان محمد الموجى وكلمات ابراهيم رجب، دار الهوى دار: كلمات سيد مرسى، وياروحى يا أمى: كلمات عبدالرحيم منصور، وهما من تلحين الموسيقار بليغ حمدى ورنة الخلخال: كلمات إبراهيم رجب وألحان محمود الشريف، قالوا العروسة مين: كلمات عبدالرحيم منصور ألحان محمد الشيخ، ومن التراث الشعبى والفولكلور المصرى أغنية: لا والنبى يا عبده.
 
على المستوى العربى تعاونت مع الموسيقار المغربى عبدالوهاب الدو كالى بأغنية تقول كلماتها راجع تقولى حقك عليا، فاكرنى ح انسى كتر الأسية .. واللى جرالى وياك كفاية .. هوه اللى شفته منك شوية، وهذا اللحن من نمط المدرسة المصرية فى الغناء التى سار على نهجها الدوكالى فى مجموعة ألحان خاصة به ومنها أشهر أعماله: مرسول الحب ومن ألحان الموسيقار والمطرب العراقى محمد جواد أمورى غنت أثناء إقامتها ببغداد: خلينا نشوفك خلينا وحياة الحب ارجع لينا
مو شاب الراس شو تقول الناس
أوف من الحب وأثاره كل من حب صارت ب شارة
كل من حب تاهت أفكاره.
وغناها أكثر من مطرب عراقى، إلا أنها أدتها بأسلوبها، وبالاستماع للأغنية المتوافرة حاليا على مواقع الإنترنت يبرز جمال صوتها وسحر الشجن المؤثر بأدائها، ويروى الموسيقار أمورى فى لقاء أجرى معه قبل وفاته أنه حاول تصوير هذه الأغنية فى استوديوهات التليفزيون العراقي، الا أنه لم يوفق بذلك نظرا لطبيعة القوانين واللوائح وقتها، ومن ألحانه شدت أيضا بالأغنية العراقية الشهيرة: مالى شغل بالسوق وسجلها كذلك أكثر من مطرب عراقى، ورغم نجاحها فى هذا اللحن إلا أنه لم يصل للمستمعين فى وطنها مصر لصعوبة تفهم اللهجة.
 
فى بداية المشوار قدمت أغنيتها الشهيرة: يا حضرة العمدة، من كلمات محمد ياسين قاسم، ولحن فتحى حجازى، وسجلتها باستوديوهات التلفزيون المصرى فى زمن الأبيض والأسود، بمرافقة لمجموعة من راقصات فرقة رضا، وما زال هذا التسجيل موجودا حققت الأغنية مبيعات ملفتة تضاهى أغنيات أم كلثوم وقتها.
وتمضى الأعوام وتعود هذه الأغنية للظهور على شاشة التليفزيون المصرى وبعد وفاة إلهام بديع عام 2002 وبثلاثة عشرة عاما، ومعها تعود ذكرى صاحبتها، وجاء التذكير هذه المرة من اليابان، حين ظهرت على شاشة التلفاز مجموعة كورال من الفتيات والفتيان اليابانيين يقدمون هذه الأغنية بأداء جميل احتفاء بيوم اللغة العربية، والذى توافق مع انتهائهم من الفصل الأول من دراستهم للغة الضاد بإشراف المركز الثقافى بالسفارة المصرية فى العاصمة اليابانية طوكيو.
يقول زياد عساف عوامل كثيرة خدمت هذه الأغنية أولها أنها من الأغانى الشعبية التى تعكس أجواء الريف والفلاحين المصريين، والقيم الاجتماعية يلمسها المستمع فى عبارات مثل «كنز الغلابة شرف الصبية»، بالإضافة للشخصيات الشعبية المحببة التى تشكل أركان الأغنية مثل العمدة، ومصاحبة راقصات فرقة رضا، أما النجاح الأبرز كان بتحويلها لعمل للأطفال وضمن فيلم من الرسوم المتحركة، مثل: الليلة الكبيرة والتى تم تحويلها كعمل للأطفال ضمن عرض لمسرح العرائس، وأوبريت الدندرمة.
 
ارتبطت أغنية «يا حضرة العمدة» بأذهان الناس أكثر بفترة الثمانينيات عندما كانت تبث تليفزيونيا فى وقت الذروة وأثناء بث المباريات المهمة وتعرض بين الشوطين إلا أن إلهام ظهرت كمطربة فى الوقت الضائع، وضمن مباراة غير متكافئة لم تتقنها حين كان اللعب بين أقطاب الغناء الكبار ممن استحوذوا على فرصها الثمينة كما سبق وذهبت ضحية هذه اللعبة، ما أبقاها فى الظل وهذه واحدة من الخسارات التى منيت، بالإضافة لعدم الاهتمام من قبل المسؤولين عن صناعة الفن عموما.
 
ويرى الكاتب محمود الرفاعى ان أغنية «يا حضرة العمدة» لعبت دورا مهما فى إبراز شخصية العمدة، ومدى قدرته على السيطرة والهيمنة، حتى وإن كانت سيطرة أسرية غير أنها حملت مضامين أخرى، تجلت فى إبراز المحيطين بالعمدة وسلوكهم، وغنتها إلهام بديع بهدف الحفاظ على هيبة المرأة، وسر شهرة هذه الأغنية رغم تاريخها الفنى الحافل بأغنيات عديدة، وتعاونها مع ملحنين كبار مثل بليغ حمدى، يعود للحنها السلس، وأداء «إلهام» الأنثوى الجميل. ويؤكد الموسيقار حلمى بكر أن «يا حضرة العمدة» حققت كل هذا النجاح بسبب الاعتماد على تصويرها بطريقة الكارتون من أجل جذب أنظار الشباب والأطفال للأغنية، حيث لم يتم فقط جذب الكبار، كما فى ذلك الوقت كانت جميع قرى وأرياف مصر تسير بنظام العمودية»، وأضاف: «من ضمن أسباب نجاح الأغنية، هو صوت الفنانة إلهام بديع، وهى إحدى المطربات اللاتى لم تأخذ حقها بشكل كامل خلال فترة الستينيات والسبعينيات، فرغم أنها كانت ضمن الجيل الذهبى لفرقة رضا الشعبية، إلا أن الحظ لم يلعب معها دورا كبيرا فى حياتها، فهى قدمت عدة أغنيات بعدد من الأفلام القديمة التى لا أتذكر أسماءها فى الوقت الراهن، ولكنها كانت عنصرا جيدا فى تلك الأعمال».

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة