أحمد إبراهيم الشريف

وجوه حسين عبد العليم كما روتها إسراء النمر

السبت، 09 سبتمبر 2023 09:28 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما إن انتهيت من كتاب "ألعاب حسين عبد العليم.. الصياد الذي لم تنج منه أية رائحة" للشاعرة والكاتبة الصحفية إسراء النمر، والصادر عن دار صفصافة، حتى صرت مشغولا بالبحث عن الأعمال الكاملة لحسين عبد العليم كي أقرأها.
 
الكتاب سيرة لكاتب مهم لم يأخذ حقه كاملا، ومرثية لزمن مر وانتهى بكل ما فيه من جمال وشقاء وحلم ويأس، وكتابة جميلة ومراهنة على الحب والخير والجمال.
 
كنت أعرف حسين عبد العليم، لكنني لا أعرف عنه الكثير، أسمع أنه زاهد وصاحب وجهة نظر فى الحياة والكتابة، لكن كتاب إسراء النمر فتح بابًا واسعًا أمامي لمعرفة حقيقته، لقد اهتمت إسراء بتجربته منذ رحيله فى 2019، وكتبت عنه قبل هذا الكتاب ملفا فى مجلة الثقافة الجديدة، ووعدتنا بصدور كتاب، وها هو يصدر محملا بجمال الكتابة وجمال المكتوب عنه.
 
تقول لنا إسراء النمر إنها تكتب "ألعاب" حسين عبد العليم، على أساس أن ذلك الشخص البسيط، الموهوب، صاحب الرؤية، قليل الكلام، المائل للصمت، هو فى الوقت نفسه شخصية مركبة، متعدددة الوجوه، يعرف ما يفعل واختار بكل وعي حياته، اختار أن يعيش لما يحب (بناته، وكتابته، والفقراء، وشغفه).
 
يرتبط حسين عبد العليم بصورة أو بأخرى بعالم الأسطورة فقد  ذهبت أمه كي تلده فى منطقة السيدة زينب، جاءت من الفيوم لتضع ابنها بين أولياء الله الصالحين، وجاءها الطلق فى مسجد سيدنا الحسين، فأطلقت عليه "حسين" وبالفعل من يتتبع سيرته كما روتها إسراء النمر، سيجد فيه نفسا من الصالحين، وروحا محبة للخير لا تعرف نهما لدنيا، ولا تؤثر رغد العيش على هناءة اللحظة، وكانت علاقته بوالده جديرة بأن ينشأ مثقفا حقيقيا يعرف قيمة الكتابة ويعرف فضل أن تظل إنسانا فى عالم ينجرف نحو التسليع.
 
أحسنت إسراء النمر عندما وضعت تصورا لكتابها، ولم تتركه للتداعي، تحركت بين الألعاب الخطرة لحياة حسين عبد العليم، فقدمت لنا ست لُعبات تبدأ من اللعبة الأولى (القاهرة – الفيوم – والعكس) وتنتهي باللعبة الأخيرة (عمر من النعناع) وبينهما (على درج البيت، شريعة الأفوكاتو، لا بد من صيد وراء الباب، أبطال خارج الورق) وخلال هذه اللعبات قامت إسراء ببحث استقصائي، وقامت بقراءة جيدة لجميع أعمال حسين عبد العليم، واستخلصت لنا حياته من الأماكن ومن كتبه، والتقت بعضًا من أهله وأصدقائه، وتحاورت مع روايته الأولى والأحب إلى قلبه ابنته "مريم".
 
من وجهة نظري أن الجملة المحورية التي تكشف لنا شخصية حسين عبد العليم، تقول فيها إسراء النمر "ظل طوال عمره يكبح رغباته وأحلامه حتى لا يصير عبدا لشيء" بالفعل هي جملة مضيئة تقول لنا إن حسين عبد العليم (الكاتب والمحامي والصياد ومحب المقتنيات، وصديق الكبار من المبدعين، ومحامي الفقراء، والمدافع عن النساء، والمحب لأمه حتى الافتتان، والمتعلق بطفلته حتى التماهي) كان رجلا طموحا بالفعل، لكن طموحه يقف عند حدود إنسانيته، فلم يقايض على حريته بأي شيء.
 
إن كتاب ألعاب "حسين عبد العليم" كاشف بقوة عن أجيال من المبدعين الحقيقيين الذين لم يأخذوا حقهم، لأنهم ترفعوا، ولأنهم انشغلوا بما هو أهم "بالإنسان" نفسه، لذا فالكتاب سيرة لكل "حسين عبد العليم" فى قرى مصر ومدنها يستحق أن نعرف تجربته كاملة وأن نقرأ تراثه وأن نكشف عنه الغطاء.








الموضوعات المتعلقة

رحلتي مع نجيب محفوظ

الأربعاء، 30 أغسطس 2023 01:14 م

الخليفة والإمام

الأحد، 27 أغسطس 2023 01:19 م

السيولة

الثلاثاء، 22 أغسطس 2023 11:44 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة